أخبار الصدر لا تنفك تسيل! يرسل مجموعات من جيشه الإرهابي إلى كركوك، وفي الوقت نفسه يفتي بتحريم لعبة كرة القدم![ انظر مقال البصري عنه في عدد 27 نيسان الراهن]. إن حركة الصدر quot;الكركوكيةquot; لا تستهدف قطعا المساهمة في حل مشكلة معقدة ومتعددة الوجوه، بل للفتنة وإشعال نيران الخلاف والصدام، وبهدف مضايقة الطرف الكردي والإمعان في تشديد التناقضات بين الفرقاء المعنيين، وليس منهم طبعا هذا السيد الهمام!

لقد برهن مقتدى منذ بروزه بعد يوم واحد من تحرير العراق بأنه quot;مسير لا مخيرquot;، كما أحسن التعبير يوما الدكتور عبد الخالق حسين. إنه كان ولا يزال إحدى أوراق إيران في العراق، لتعكير الأجواء، وتصديع الأمن، ومضايقة القوات متعددة الجنسيات. والحقيقة، انه ما كان يمكن للسيد مقتدى الصعود بحركته لمستوى أن يكون ممن يحسمون أمر تعيين رئيس للوزراء، لولا إنقاذ quot;البيت الشيعيquot; له في كل مرة، وذلك برغم التناقضات الحادة بين الصدر وأحزاب دينية أخرى. لقد كادت حركته تنتهي، وسلاح قواته الإرهابية تنزع لولا تدخل تلك الأطراف، فخرجوا من الحرم الحيدري، الذي استباحوه مرارا، سالمين مع أسلحتهم ليمارسوا الإرهاب في مدن أخرى. إن مواقف الصدر تترجم هذا الحلف الإيراني ـ السوري quot;التكتيكيquot; مع القوى الصدامية ومع القاعدة، وهو حلف لم يعد خافيا، وهدفه عرقلة أي تقدم عراقي حقيقي نحو الأمن والديمقراطية، ومشاغلة الولايات المتحدة في العراق وإرباكها كسلاح إيراني وسوري لتقليل الضغط الدولي على النظامين. إن هذا السلاح تحتاجه إيران وهي ماضية في مشروع القنبلة، وإذ تصعّد كل يوم من استفزاز المجتمع الدولي ومنظمة الطاقة النووية. ولا يمكن نسيان أنه عندما قررت حكومة الدكتور علاوي والقوات الأمريكية التصدي بالقوة لمعقل الإرهاب الصدامي ـ الزرقاوي في الفلوجة، فإن مقتدى أصدر أكثر من بيان وتصريح حول تضامنه مع الإرهابيين، الذين استباحوا المدينة وفرضوا عليها نظاما طالبانيا، مثلما أصدروا هم بيانات تضامن معه خلال الفتنة الدموية التي أضرمها في النجف.

هل صحيح أن ليس في عراق اليوم شخصيات سياسية أرفع مستوى من مقتدى الصدر وأمثاله ممن صار شريكا سياسيا وانتخابيا لهم؟! هل نظام صدام وحده المسؤول عن الخراب السياسي والفكري في عراق ما بعده؟ أم لعبت أطراف إقليمية وخصوصا إيران وسوريا أدوارا كبيرة في توسيع الخراب ومضاعفة المآسي؟
إن قيادات ما بعد صدام، وممن عانت جميعا نيران ظلمه وطغيانه، مختلفة فكرا ومواقف. هناك من أصدروا القرار رقم 137 ضد المرأة، وهناك من ساهموا في إسقاطه؛ هناك من حرصوا على الدستور المؤقت قبل صدور الدائم ومن عارضوه وحرضوا الشارع ضد؛ وثمة من أصروا على إدخال بنود أحكام الشريعة والتمييز ضد المرأة في الدستور الدائم ومن طالبوا بتعديل الدستور؛ وهناك من يدعون لأن تكون الهوية الوطنية العراقية هي المنطلق، ومن يمارسون كل أنواع الطائفية، سواء في الانتخابات، أو في توزيع المناصب، أو في الممارسات اليوميةلأجهزة الدولة.
إن الشخصيات والأحزاب السياسية يحكم عليها بالبرامج والممارسات، وإن مجرد تبديل رئيس وزراء ليحل محله من يشاركه الفكر والهدف لا يخرج العراق من النفق المظلم.
أجل، إن مقتدى مسيّر لا مخير برغم الصولات والصرخات والفتاوى الرثة، وإن محاولته لإشعال المزيد من التوتر في كركوك تعكس الحقد الإيراني التقليدي على الشعب الكردي، والاحتضان الإيراني لعناصر الإرهاب في إقليم كردستان، كما فعلوا مع من يدعونquot;أنصار الإسلامquot;، إن تصدير الإرهابيين من جيش المهدي لكركوك ليس قطعا لا لمصلحة الأكراد، ولا لمصلحة التركمان أو لصالح حل القضية سلميا بين مكونات المدينة.

مقتدى ورقة مسيرة، ولكن للحق نقول: إنه ليس الورقة الإيرانية الوحيدة في العراق!!