هل قرأتم ما قاله الادعاء الاميركي في ولاية جورجيا بحق خمسة متهمين بالارهاب القي القبض عليهم في ولاية فلوريدا الاسبوع الماضي؟
قال ان المتهمين كانوا يخططون لانقلاب في اميركا واقامة حكومة اسلامية بالتعاون مع القاعدة.
كان يمكن ان نسخر من ادعاء كهذا..
كان يمكن ان نعتبره هلوسة اميركية..
كان يمكن ان نعتبره اي شيء، او لا شيء..
لكن الواقع ان الادعاء الاميركي قد لا يكون جانب الحقيقية ابدا.
وان كان هناك من أحد يستحق ان نسخر منه فهم الارهابيون الذين يتمتعون بقدر عال من الغباء ليفكروا باقامة حكومة اسلامية في اميركا.
واقول ذلك ليس دفاعا عن اميركا، فهي ما عادت تستحق دفاع احد، لكني اقول ان تجربتنا نحن في العالم العربي والاسلامي مع المتطرفين جعلتنا نؤمن بأن كل ما يسعون اليه من خيالات هو هدف حقيقي لهم.
فهم لا يريدون اقامة حكومة اسلامية في اميركا فقط، بل وفي الكون بأسره.
يريدون ان يحولوا كل العالم الى مسلمين. ويحولوا كل الحكومات الى انظمة اسلامية.
ياله من غباء..
ليست هي الدول الغربية من ترفض ان يقام بها حكم اسلامي فقط، بل ان الدول الاسلامية نفسها ترفض ان يكون هناك نظام اسلامي كالذي يدعوا اليه هؤلاء المتطرفون.
فتجربة العالم كله من مسلمين وغيرهم مع التطرف الديني والمتطرفين، هي تجربة سيئة بكل المقاييس.
تجربة مؤلمة..
تجربة مخزية..
وكلنا رأى كيف سقط نظام طالبان في كابل بلا أسف عليه.
لأننا رأينا كيف هي الحكومة الاسلامية التي يريد المتطرفون اقامتها.
ثم هناك نقطة اكثر تحديدا، وردت كثيرا على السنة الاصوليين، وهي رغبتهم ليس في حكومة اسلامية فقط، بل واعادة احياء الخلافة الاسلامية.
واتسائل هنا: أي خلافة يقصدون؟
خلافة عمر او معاوية او هارون الرشيد او سليمان القانوني؟
نظام الخلافة كله اساسا لم يكن يوما نظاما متطورا حتى في العهود القديمة، ناهيك ان يكون ملائما الآن.
وباستثناء فترة خلافة الصحابة الاربعة بعد الرسول عليه السلام، ما عادت هناك خلافة اسلامية تستحق ان تذكر، بل اصبحت هناك خلافات اسلامية على الزعامة والملذات.
من معاوية وحتى آخر خليفة عثماني، لم يكن هناك حكاما اسلاميين، بل طلاب منصب ومتعة. حياتهم لا علاقة لها بالجهاد بقدر ما لها علاقة بالشعراء والغواني والنساء والعبيد.
الخلافة الاسلامية المثالية التي يطالب بها المتطرفون منبعها الوهم ومسلسات التلفزيون التي تصور الخليفة كرجل مؤمن وقور يهتم بشؤون الأمة، يلبس عمة براقة تتوسطها ريشة. لا اعرف من أين أتت هذه الريشة السخيفة؟ لكنها على كل حال ليست اكثر سخفا من حقيقة أن معظم خلفاء التاريخ الاسلامي، ما كانوا حتى بربع الايمان الذي تصوره لنا هلوساتنا وتلفزيوناتنا.
هو حنين الى تاريخ مزيف لا أكثر..
الخلافة الاسلامية لم تكن في واقعها اكثر من ملاحم ودماء واشلاء.. وما بين الدماء فسحات بيضاء يرقد عليها الخليفة وسط كم من الاماء والجواري.
ثم يأتون بعد كل ذلك، وفي عصر الفضاء والتكلنولوجيا، يطالبون باحياء الخلافة، اي عودة الملاحم والدماء والعبودية من جديد.
انا شخصيا ضد عودة اي شكل للخلافة الاسلامية. لأنه لم تكن هناك يوما خلافة اسلامية صالحة لوجه الله تعالى.
ان كانت هناك من حكومة نريدها الآن، ونسعى لها، فليس اكثر من مؤسسة سياسية متطورة، عادلة، وقوية، تؤمن بحرية وكرامة الانسان، لا بعبوديته لأهل العمائم والريش!
ويبقى السؤال: من أين أتت الريشة التي على رأس الخليفة؟!
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات