لا بد ان تتجول في هذه المنطقة المشوقة المليئة بالمفاجآت، فنهارك طويل وليلك طويل واماكن الزيارة كثيرة ومتعددة. اذهب مثلا الى غزة لتشاهد عرضا حيا للديموقراطية الاسرائيلية التي يتباهى بها سيد البيت الابيض، واذا مللت المشهد تنزه قليلا على الشاطىء فستصحبك الطفلة هدى الناجية من قصف الجيش الاسرائيلي للذين ارتكبوا جرم ارتياد البحر، وتريك المشرحة القريبة التي أوت اسرتها سابقا وتضم الآن اسر الكثيرين من غزة، ولا تتأثر اذا شاهدت احدا يحضن جثة زوجته او امه او طفله فقد تحسب دمعتك عليك وتتجمد ارصدتك وتتهم بالتعاطف مع الارهاب ويوضع اسمك في مطارات العالم.

ربما كان المشهد صعبا في غزة من الناحية الميدانية، فهناك مواجهة مفتوحة وحرب وخطف. ما عليك الا التجول شرقا حيث السلطة الفلسطينية تضبط الارض والأمن والصواريخ. جميل ان ترى ارضا خالية من quot;جيش الدفاعquot; الحقير ومن قذائفه الاحقر، انما ارجوك ارجوك لا ترتعب اذا انفجرت امامك سيارة ناشط quot;فتحاويquot; بقنبلة وضعها ناشط quot;حماسيquot;، او اذا شاهدت ناشطين quot;فتحاويينquot; يقتحمون منزلا لناشطين quot;حماسيينquot; فيقضون على من فيه، او اذا ركبت مصعدا لزيارة صديق فانفجر بمن فيه... انه الاحتلال يا غبي، ولا يمكن لعربي ان يفعل ذلك باخيه، اللهم الا اذا وقعت في فخ الدعاية التي تريد ان تصور الخلافات الديموقراطية quot;الصحيةquot; في فلسطين اعمالا اجرامية.

من الشرق الى الشرق، الى المملكة التي تخوض تحدي التنمية فلا احتلال فيها ولا ثورة. غير مزاجك واحضر حفلة عرس... يا سيدي quot;ساعة لإلك وساعة لربكquot;، لا تتضايق من اجراءات الامن في المطار فقد احبطت السلطات عملية ثورية قومية اسلامية لتفجيره، اما بالنسبة الى العرس الذي رأيت بدلا منه سيارات اسعاف وشرطة وامن فقد سبقك اليه شباب quot;الراحل الشهيدquot; ابو مصعب الزرقاوي واحتفلوا برواد العرس على طريقتهم، ومات قائدهم قرير العين بعدما وجه quot;المجاهدونquot; ضربة قاصمة للمؤامرة من خلال القضاء على النساء والاطفال باحزمة متفجرة.

حسنا حسنا، غير وجهة سيرك ولا بأس من بعض التفهم للظروف الصعبة، حاول الاتصال بصديق في الجمهورية العربية الشقيقة فاذا لم تجده اعرف انه في زيارة quot;بيت خالتهquot; لانه وقع على بيان المثقفين... بيان ومثقفون في هذه الظروف الصعبة؟ ماشي الحال سامحهم الله، لكن لا تحاول ابدا الاستعانة بالجمهور والا اكتشفت بالصدفة ان لخالتك ، شقيقة امك، بيتا ايضا وقد تستضيفك طويلا.


quot;إبعد عن الجمهور يا عمري وغنيلوquot;، ويللا الى بلد الاشعاع والنور، quot;إديهاquot; واسهر وافرح حتى الصباح فهذا بالتحديد ما تحتاج اليه بعد جولتك المتعبة. اذا تأخرت قليلا في الوصول بسبب الاطارات المشتعلة فلا تقلق ولا تتحامل على احد ما دام كل شيء يسير في الاطارات الديموقراطية. افتح التلفزيون وتفرج على المذيعات والمطربات فقد يصير quot;الواوا... دحquot; لكن على حظك تصدح جوقة quot;زغاليل رستمquot; قدودا سياسية، فهذا يشتم ويردح ويشرف ابو اللي خلف سليلة الشرفاء، وذاك يتشرف بحلفه وبمواقفه البركيلية (نسبة الى ثعبان البركيل) ويهدد بالتصعيد، وثالث يطلق النار فرحا عندما وصله أمر العمليات الجاهلي فيقتل ابن قريته، واصعب ما في الامر ان زجل quot;الزغاليلquot; تتبعه حبكة دفوف وردادين تستجدي ردحا مقابلا عل اطلاق النار يتعمم ويدخل البلد حفلة مجنونة ويعيده ساحة او ورقة.

الساحات طويلة وطالما اوراق النقد عندك فلا تخف، فكر في العراق الجديد، فستمضي اياما في ربوع التاريخ والتجربة الديموقراطية النموذجية، ولا تلتفت الى الاشاعات المضخمة. اذهب الى الحديثة والرمادي والفلوجة والموصل والبصرة وغيرها فستكتشف ان quot;الامن الذاتيquot; هو quot;الامن ذاتهquot; بين الميليشيات والمقاومات المختلفة، وستجد ان quot;المحتلquot; الذي يسرق ويقتل ويغتصب لا يختلف عن العراقي الذي يفعل الشيء نفسه وطبعا بنسبة اكبر بكثير. شاهد بالعين المجردة اقبية الخطف والتعذيب والمسالخ وخذ فكرة عن النموذج quot;المقاومquot; الذي دخل بورصة الاستيراد والتصدير من اوسع ابوابه.

اقرأ صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; لتهرب من الاعلام المحلي الناطق باسم الاحزاب والطوائف، ولا تتفاجأ ان وقعت عينك على حوار مع محامي صدام حسين يشرح فيها اخيرا معنى quot;القائد الضرورةquot; فهو يقول ان الاميركيين قد يطلقون صدام كي يساهم في وقف العنف الداخلي ويقف في وجه ايران، اي لضرورة مواجهة العراقيين وفتح حرب جديدة مع الايرانيين.او استمع الى خطبة quot;قائد ضرورةquot; آخر هو اسامة بن لادن خصص مطلعها للترحم على الزرقاوي اما غالبيتها فلتحريض السنة والشيعة.

المفاجآت خارج دائرة الدول التي ذكرتها موجودة ايضا لكنها ليست بمستوى الاثارة نفسه، لا في خليج قلق يتحول وعينه على quot;فئات ضالةquot; داخلية او جار الضفاف الاخرى، ولا في شمال افريقي يتحوط وينتظر.

أعتذر جدا لاني دعوتك للخروج والسهر وعرضتك الى ما عرضتك اليه، حسنا يا سيدي الافضل ان تبقى في البيت لمشاهدة ما بقي من مباريات كأس العالم لكرة القدم او فيلم عربي قديم بالابيض والاسود، لكنني غير مسؤول اذا خرج عنترة بن شداد من الشاشة الى حيث تجلس ووضع السيف على رقبتك ثم تلثم شيبوب وقرأ بيانا طالب فيه برفع الضغط عن بيونغ يانغ ثمنا للافراج عنك.

رفعت لك ضغطك الآن وصرت تراني مملا وثقيل الدم. عندك حق وما علي لابدد ذلك الانطباع الا كشف السر ... انها quot;الكاميرا الخفيةquot; ايها الذكي والعالم العربي بألف خير والدنيا ربيع والجو بديع وquot;تقفيلquot; المواضيع افضل لي ولك وللجميع.
[email protected]
مدير تحرير الرأي الاعام الكويتية