لعله من نافلة القول في هذا السياق إن نظرة سريعة إلى حال العالم العربي والإسلامي الراهن تصيب المرء بالاكتئاب والحسرة على أبناء هذه المنطقة المنكوبة بحكامها الديكتاتوريين وشعوبها التي أخشى أن تكون من فرط تعرضها للتعبئة الإعلامية الموجهة، قد أدمنت سلوك القطيع، مفضلة اللهاث وراء الشعارات الرنانة الخالية من أي مضمون والتي تنحصر قيمتها بأنها تدغدغ مشاعرهم، والحق أنني احترت في وصف الشعوب العربية والإسلامية، وحتى تهون هذه المهمة تعالوا نسرد بعضا من هذه الأحداث حتى نتمكن من رؤية الأمر من منظور محايد خال من التعصب الذي يبدو أنه بات السمة الأساسية لهذه المنطقة وشعوبها .
فمثلاً في العراق ضُرب الأكراد المسلمون بقنابل الغازات ومات منهم آلاف الأبرياء بينما لم نسمع من كتبة ومفكري العالم العربي كلمة استنكار واحدة، كأن الأكراد ليسو بشراً في العرف العربي، وهو منطق لا يخلو من الاستعلاء والنرجسية في التعامل مع الآخر . النعوش الطائرة 5000 نعش طائر حملت جثث المصريين العاملين في العراق أرسلهم نظام صدام حسين بعد قتلهم بدم بارد، ومن العجيب أن تقوم مظاهرة قيل إنها ضمت مليون مواطن مصري بقيادة جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني لمناصرة هذا السفاح القاتل متناسيين الحزن والدموع التي ملأت على الأقل نصف مليون منزل ( أهالي القتلى المشحونين جوا) .
نأتي لاتحاد المحامين العرب الذي اجتمع، وانبثقت عن اجتماعاته لجان، استقر رأيها بعد عشرات الخطب على تكليف لجنة للدفاع عن اشهر سفاحي القرن العشرين صدام حسن .
أما مشكلة الأقباط في مصر، والذين يصل عددهم إلى 12 مليون في الداخل يعانون الذل والهوان والتهميش من قتل وحرمان من الوظائف وخطف بناتهم وانتهاك أعراضهن بتواطؤ كامل لأمن الدولة مع وعود كاذبة وتصريحات هلامية مع مزايدة على اضطهادهم بين الدولة والإخوان .
ثم هناك ثمة أمر بلغ من الوضوح حداً لا يمكن تجاهله، وهو اضطهاد كل الدول العربية لأقلياتها ففي مصر (الأقباط والنوبيون والشيعة والبهائيون) والعراق حرب طاحنة بين (الشيعة والسنة وقتل وسحق للآشوريين المسيحيين) وفي البحرين (اضطهاد للشيعة) وفى السودان وكل الدول العربية بلا استثناء الاضطهاد سمة من سمات هذه آلامه لأبنائها لاختلاف في المذهب والعقيدة .
أمين القومية العربية معمر القذافي (صاحب نظرية إسراطين) هذا الرجل الذي طالما تشدق بالعروبة كان يدبر لاغتيال شقيقه الملك عبدالله ولي العهد حينذاك (تطبيقا لمبدأ الاخوة العربية)، هذا ناهيك عن أن القذافي انفق ثروات بلادة على المؤامرات تارة لصالح الجيش الأيرلندي وأخرى على المنظمات الانفصالية في أسبانيا متمثلا بجمال عبد الناصر مخترع نظرية العرب والعروبة التي خربت مصر والعالم العربي وتسببت في تخلف هذه الأمة وتأخرها عند القرن السابع ! صدام حسين التهم الكويت وكان يتطلع إلى بلدان أخرى لولا وقوف المجتمع الدولي ضده و تم تحرير الكويت ومن العجيب أن الذين أيدوا صدام هم الأشقاء في فلسطين والأردن .
نأتي لمأساة الصومال،والتي تحولت بمساعدة دول خليجية إلى دولة عصابات، حين قامت الجمعيات الشرعية الإسلامية بالاستيلاء عنوة على معظم الأراضي، وتحولت إلى مركز من مراكز تصدير التطرف والإرهاب إلى شمال أفريقيا والقرن الأفريقي كله، مع الإشارة هنا إلى أن الصومال عضو مؤسس في جامعة الدول العربية والإسلامية أيضا .
أما الجزائر فهناك مجموعات من الإرهابيين المتلفعين بالإسلام يقومون بقطع الرقاب وشق البطون للمخالف لهم، ويعيثون في الأرض فسادا باسم الإسلام .
نصل لمنظمة حماس التي بدأت حكمها بعدم الاعتراف بإسرائيل، ورفعت شعار اللاءات الثلاثة الشهيرة (لا اعتراف لا تفاوض لا سلم) وتعيش في العصور الحجرية متجاهلة المجتمع الدولي وتسلك سلوك عنترية عبد الناصر وتسير في القرن العشرين بعقل القرن السابع والنتيجة الخراب والدمار .
وأخيرا لبنان (التي كانت ذات يوم سويسرا الشرق الأوسط) قبل الاحتلال السوري والحرب الطائفية تدفع من دمائها لعنتريات السيد نصر الله الذي باع بلدة لأجندات دول أخرى (سورية وإيران) ووفقا لمنطق (انصر أخاك ظالما أو مظلوما، و أنا واخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب) اصبح حسن نصر الله بطلا مغوارا وحامي حمى العرب والمدافع الأوحد على الشرف العربي ونال أسماء وألقاب على حساب خراب بلده لصالح سورية وإيران (لأن سورية أثناء احتلالها قامت بعمل تغيير ديموغرافى للجنوب و أعطت الجنسية اللبنانية للسوريين المقيمين في الجنوب) والنتيجة خراب لبنان والبنية التحتية و دخولها في صراع داخلي وخارجي
bull;عدم سيادتها على أرضها
bull;حروب طائفية لانقسام الشعب اللبناني مؤيد وغير مؤيد لعملية حزب الله
bull;حروب قادمة على من له النفوذ الشيعة أم السنة، علاوة على الحرب ضد إسرائيل التي دخلت فيها رغما عنها.
هذا علاوة على أمجاد غزوة مانهاتن ولندن ومدريد وبالي واليمن وشرم الشيخ وطابا والأردن والمراقد الشيعية في العراق وحرق وقتل وهدم أسوار الأديرة والمقابر في مصر ........الخ
أخيرا هل نكون قد افترينا على أحد حين نعترف بصراحة أن العالم العربي والإسلامي يعيش على العنتريان ويدمن ازدواجية الشخصية والشيزوفرينياء والنرجسية والسادية وكثير من الأمراض المستعصية الأخرى واصدق رأي قيل عن العالم الإسلامي و العربي هو رأي شيخ الأزهر محمد حسن طنطاوى في تحليله للامة العربية والإسلامية قائلا قولة الصادق الصريح والشهير الذي سيخلده التاريخ حينما ضرب بيده الطاولة التي كان يتحدث خلفها وهو يصّف حال الأمة الإسلامية أثناء وقائع مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في 9/5/2003 بفندق كونراد على ضفاف النيل الذي نقل على الهواء مباشرة جاء كلام طنطاوي قاسياً، إذ اعتبر أن الأمة الإسلامية تحولت إلى quot;أمة من الرعاع والمنافقينquot; وأن أبناءها quot;تغلب عليهم الجعجعة والرياءquot;، ولعل هذا ابلغ وصف في هذه الأمة quot;أمة من الرعاعquot; .
التعليقات