الحديث الأول

قلت مرة أن نجاح حكومة السيد المالكي يتوقف إلى حد كبير على مدى قدرتها في معالجة موضوعة الإرهاب، تلك الموضوعة التي طغت على كل المهمات الأخرى مهما كانت خطورتها وأهميتها في حياة الشعوب ومستقبل البلاد، واليوم أقول، وبمناسبة زيارة السيد المالكي للجمهورية الإسلامية، أن من معالم أ و من علامات نجاح حكومته هي نجاح زيارته لإيران!!!
لماذا؟
الجواب مأخوذ من تصريحات المسئولين في حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبأعلى المستويات، فقد صرح بكل وضوح السيد رئيس الوزراء الإيراني مرة، أن لحكومته أخوة في السلاح في الحكومة العراقية! وصرح أكثر من مسئول إيراني كبير أن لإيران أجندة في العراق، وإن على أمريكا أن تعترف بذلك وقيم له وزنا، وبالتالي هناك مهمة صعبة أمام السيد المالكي في زيارته لإيران، بل معقدة ومتشابكة ومتداخلة، لا اعتقد أن العارفين بالشأن العراقي / الإيراني لا يدركون مغزى ما أقول!
إيران دولة مواجهة مع أمريكا، وأمريكا دولة مواجهة مع إيران، والعراق ساحة معركة بين الدولتين، فهل مهمة المالكي في هذه الحال سهلة يسيرة؟
لا... لا... لا...
إيران تنافس السعودية في العراق، إيران تنافس تركيا في العراق، والعراق نقطة وسط بين إيران وحليفتها سورية....
إذن هي مهمة صعبة... صعبة... صعبة...
أعتقد إن الطرف الإيراني سوف يطرح مقدما وبقوة وبسليقة فنية ذكية قضية التعاون الاقتصادي مع العراق، فهناك مجالات خصبة للتعاون الإيراني العراقي اقتصاديا، وربما يقدم الطرف الإيراني خرائط مفصلة عن ذلك وبلغة فارسية هادئة ناعمة.
ولكن يبدو لي أن السيد المالكي سيقول: لا...
لنبدأ أولا في القضية الأمنية...
العراق مهدد أمنيا قبل أن يكون مهدد اقتصاديا...
العراق مهدد أمنيا من خارجه ومن داخله...
التهديد الأمني للعراق من الداخل مرتبط بتهديده من الخارج...
هكذا سيقول المالكي للطرف الإيراني...
وهنا... هنا بالذات ( قد ) يتدخل ( عضو) من الوفد العراقي ليلطف الجو، ليجمع بين التصورين،أو بين الرأيين، دون أن تتوزع نظرات عينيه بالتساوي و بشجاعة على أعضاء الطرفين المتفاوضين، بل يطرح كلامه الناعم وهو يتصنع خفض البصر، يخشى نظرة من ( مقابل ) كان مسئولا أو ما زال مسئولا عن العراق في وزارة الخارجية الإيرانية، ويخشى من جهة أخرى نظرة ( مجاور ) لما في ذلك من جرأة على تحريف الحقيقة! فهل سوف يضم وفد السيد المالكي مثل هذا ( العضو ) المضطرب... الخجول... الحائر؟ أعتقد أن وفد المالكي سوف يضم من يملك الشجاعة لتقديم ملفات وبدون خفض بصر؟ بل من يطرح ملفاته وهو يدير بصره بعفوية وشجاعة بين جميع أعضاء المشاركين في المحادثات، من إيرانيين وعراقيين. وببساطة لأنه لا يخاف من ذكريات قديمة ولا من ذكريات جديدة.
القضية الأمنية أولا...
سوف يصر على ذلك السيد المالكي، ويتبعه أعضاء الوفد الشجعان، وسوف يحسم السيد المالكي الحديث بقوة لأنه يعرف جيدا قدرة الدبلوماسية الإيرانية على استيعاب الوقت بمحسنات الكلام، وربما يتخلل ذلك حتى شعر من نظم الشاعر العظيم سعدي شيرازي!
القضية الأمنية أولا...
هل لأن هناك تدخلا إيرانيا في الشأن العراقي، تدخل مزعج، متوغل، حاكم، موجِّه، ضاغط، خلاق، شامل، مستحكم كما يقولون؟ أم لأن هناك حدود متسيبة بين العراق وإيران؟ أم لأن هناك عصابات عراقية / إيرانية تتلاعب باقتصاد العراق الضعيف ــ وليس إيران قطعا ـ أو لأن إيران تفكر بجعل العراق ساحة مواجهة مع أمريكا والعكس بالعكس...
لا ضير...
لا أهمية...
سواء كان هذا السبب أو ذاك، أو كل الأسباب، مهما كان السبب تبقى القضية الأمنية هي المحور الجوهري الذي يجب أن يصر عليه المالكي.
هل سوف يتم الحديث بلغة المجاملات؟
إذن لماذا سوف يكون الزوبعي عضوا في الوفد؟
أعني ما أقول، وهو نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، وهل الشؤون الأمنية هي شؤون حدودية صرفة هنا أم تمتد لتشمل ا لداخل العراقي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؟
لكل ذلك أجرأ على القول أن زيارة المالكي لإيران هي من أصعب المهمات، فإيران ليست الجار السهل، وإيران قوة إقليمية، ومن إيران صدرت تصريحات تهدد أمريكا بأن له أجندة في لبنان والعراق وفلسطين، وإيران تقول أن أمريكا تريد مهاجمتها من الأراضي العراقية....
أليست هي مهمة في غاية الصعوبة إذن؟
هل سيضم الوفد العراقي من صرح ضد إيران بنكهة طائفية؟
تلك كارثة لا تختلف عن كارثة ذلك العضو ـ عضو الوفد ـ الخجول، الذي يخاف أن يرفع عينيه من أن تصطدم يعيني ( مقابل ) كانت غير هذه الطاولة تجمعهما فيما سبق، ولأهداف إنسانية!!!
لا هذا ولا ذاك
هوية الوفد، تاريخ المشاركين في الوفد، شجاعة أعضاء الوفد، نزاهة طاقم الوفد، تصريحات أعضاء الوفد، علاقات أعضاء الوفد بدول الجوار، كل هذه المقتربات يجب أن يدرسها السيد رئيس الوزراء...
حتما لا يصلح مثل السيد ( طارق الهاشمي ) عضوا في مثل هذا الوفد، ما دام لسانه لا يتحرج من اتهام إيران ليل نهار عن كل ما يحدث في العراق، حتى لو كانت أصابع الزرقاوي بكل تشخيصاتها حاضرة في الحدث.
لا هذا ولا ذاك...
لا الذي يطالب أن تكون تجربة إيران بالتربية والتعليم نبراسا لتجربة العراق المقبلة، ولا ذاك الذي جعل من يسبح ليل نهار بسم إيران وشتمها، ليس لأمر سوى كونها محسوبة على مذهب معين.