في الدول المتقدمة يسأل طالب العمل عن نوع العمل الخيري الذي قام به ويؤخذ ذلك في الاعتبار ضمن (السي في) الخاص به الى جانب خبراته وشهاداته. هذا الوعي بأهميةالعمل التطوعي لا نجده لدينا في الخليج كما هو بمفهومه في الدول المتقدمة، وفي تصوري أن السبب في ذلك أن حياتنا كلها بحكم تعاليم ديننا وعاداتنا وتقاليدنا و(مواجيبنا )هي نوع من العمل الخيري المتواصل بشكل أو بآخر.

قبل سنوات وعندما داهمت موجة الحرالقاتلة فرنسا، نشرت الصحف الفرنسية اعلانات عن وجود ما يزيد عن خمسة آلاف جثة لمسنين ماتوا في شققهم وليس ثمة من يستلمهم وحددت لهم موعدا محددا اذا لم يتم استلامهم فستقوم الحكومة بمصادرتهم -هكذا حرفيا -!!وقد أثار ذلك الموضوع مثقفي فرنسا ودار التراشق بين اليمين واليسار حول أسباب هذا التفكك الأسري، وفي العام الذي يليه سئل أحدالسياسيين الفرنسيين عن كيفية استعداداتهم لموجة حر جديدة فكانت اجابته : لقد استعدينا جيدا وحضرنا عشرة آلاف تابوتاquot;.


عندنا نجد الأب التسعيني يتصدر مجلسه معززا مكرما، وابنه (يتعثر) بالمبخرة لتطييبه والابن الثاني يصب له القهوة الساخنة المعطرة بالهيل والزعفران، وزوجة ابنه تمد له صحن التمر، وهوملك متوج بين أبنائه وأحفاده.
وعندما يمرض أحدنا يزفه جميع أفراد الأسرة الى المستشفى، ويزورونه أو بالأحرى يقيمون عنده، واذا ولدت المرأة (فزعت )معها قريباتها وامتلأت غرفتها بالضيوف حتى لا تجد لنفسها وقتا للجلوس مع نفسها وزوجها وطفلها، ولدينا أيضا ما يسمى ب(دورية الجيران )فالمطلوب منك أن تتواصل مع الحي كله وتلتقي معهم شهريا لمتابعة أخبار الحي ومن سكن ومن انتقل، وأيضا لدينا ما يسمى ب(صندوق العائلة )حيث يكون هناك اشتراكا سنويا من قبل كل فرد من أفراد الأسرة الكبيرة ويكون الصندوق مسؤولا عن متابعة احتياجات أفراد الأسرة ودعم المحتاجين منهم في التعليم والزواج وترتيب الاجتماعات للتواصل.

وفي رمضان تنصب الخيام الى جوار المساجد وتساهم البيوت المجاورة بأطباقها في مد سفر طويلة مما لذ وطاب فلا يبقى في البلد جائعا، ناهيك عن الشباب الذي يدور عليك وقت الافطار بأحذيةالتزلج عند اشارات المرور ويمدك بالتمروالعصير لكسب أجر تفطيرك.
أما اذا كان هناك محتاجا وعرف عنه أحد فرسائل الجوال ستصلك لتخبرك عن الذي يحتاج الى بيت أو ملابس أو بطانيات وغالبا وقبل الوصول اليهم ستجد من سبقك.
قد لا يكون لدينا العمل التطوعي المؤسسي والمنظم، ونفتقد أيضا للعمل التطوعي الذي يهدف الى تطويرالتعليم ومحو الأمية وتحسين المرافق ولا تنتشر لدينا بكثرة زيارات دار الأيتام أو دور العجزة -التي لا نملك الكثير منها لأننا لا نحتاجها -الا أن ما يسمى عمل تطوعي في الغرب هو (روتين )يومي في حياتنا وهي من الأشياء التي نقول فيها فعلا وليس ضحكا على الذقون : quot;الله لا يغير عليناquot;gt;ا

********
دعاء: اللهم أعطنا الرضا : لقبول بما لا نستطيع تغييره
والشجاعة: لتغيير ما يجب تغييره
والحكمة: للتفريق بينهما
اللهم آمين

[email protected]