تذكير

المرأة في التوراة 1/2

الثقافة اليهودية التي استأثرت بالساحة لأكثر من ألف عام، من خلال كتب التوراة، وباقي أسفار اليهود (شفاهة أو كتابة). هي التي غيرت وقلبت المفاهيم التي كانت سائدة عن المرأة، وحولتها من جميلة إلى قبيحة، ومن حسنة إلى بشعة، من خلال صور المرأة المشوّهة خَلقا وأخلاقا التي عرضتها، وكرّستها في سفر التكوين لجيل الأمهات. فنشأت بالتالي ثقافة اضطهاد المرأة والانتقاص من قيمتها وقدراتها، وثقافة تهميشها وازدرائها. كما نشأت تعاليم ومفاهيم، أصبحت مسلّمات، ترى أن سر المرأة الفاضلة، وسر جمالها ومهاراتها، يتناسب طردا، ويكمن في خضوعها وخدمتها وطاعتها للذكور، دون قيد أو شرط. ولهذا فإن تحرير المرأة من الاضطهاد الديني أولا، والاجتماعي ثانيا، واحترام حقوقها واختياراتها، ومساواتها بالرجل، هو الشرط الأول لتحرير الإنسان المتخلف، والمجتمع الذي سيقف ويسير حينها على ساقين اثنين. وهو أيضا شرط التنوير والتنمية والتقدم.
الطلاق التعسفي وتعدد الزوجات
وهما شكلان من أسوأ وأبشع أشكال الاضطهاد والإذلال للمرأة، خاصة حين لا يكون لها مصدر رزق تعيش منه، وترغم على العيش مع ضرائرها، فتتحول إلى جارية مكرهة على العمل العضلي والجنسي، مقابل أكلها ومأواها. وتزداد فداحة وقساوة هذا الاضطهاد في حالة الطلاق حين يُنتزع من المرأة أطفالها، وتحرم منهم، أو حين تشرد في الطرقات معهم. ناهيك عما تؤول إليه سمعة ومكانة المرأة المطلقة في نظر المجتمع، فهي المذنبة والمتهمة دائما- أقله بالنشاز- فتغدو كأنها نعجة سائبة يطمع فيها الكبير والصغير، واللص والشريف. وقد جعلت التوراة أمر الطلاق وتعدد الزوجات أمرا سهلا هينا على الرجل، وحقا من حقوقه التي شرعها له الإله الخاص، ودون أن يكون الرجل مطالبا بإبداء الأسباب، وخاصة إذا كان يسير على خطى أنبياء بني إسرائيل الأوائل (جيل الآباء) الذين مارسوا هذه الحقوق!.. في حين تُسلب المرأة من كل حق لتقرير مصيرها. (إذا اتخذ رجل امرأة وتزوجها، فإن لم تنل حظوة في عينيه، لأمر غير لائق وجده فيها، فليكتب لها كتاب طلاق ويسلمها إياها، ويصرفها من بيته- تثنية 24/1). هذا هو كل ما يترتب على الرجل! أن يكتب لمطلقته كتاب طلاق ويسلمها إياه!.. وفي ترجمة أخرى شائعة لكنها ركيكة (إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته- تثنية 24/1). والأمر الغير لائق لم يحدده هذا التشريع، وبالتالي يستطيع أن يخترعه الرجل متى شاء وكيفما شاء. علما أن الأمر الغير لائق، لا يعني بأي حال من الأحوال، حالة الزنى، لأن للزنى عقوبة معروفة في التوراة وهي الرجم حتى الموت.
وبناْ على هذا التشريع فقد وجد موسى سببا لطلاق زوجته صفورة ابنة كاهن مديان، لم تعلمنا به التوراة. ومديان هو الابن الرابع لإبراهيم من زوجته قطورة (تكوين 25/2). وفي الحقيقة فإن كتبة التوراة كتموا عن القراء السبب الحقيقي لطلاق موسى لصفورة، ذلك السبب الذي سنعرفه في (سفر العدد- الفصل 31). فطلاق صفورة يمهد لقتل وإبادة أهلها وشعبها، كما مهد طرد هاجر لقتل المصريين. إذن كما تحاول أن توحي التوراة، فإن موسى رأى في quot;صفورةquot; عيبا أو أمرا غير لائق فصرفها من الخدمة. (فأخذ يترو، حمو موسى، صفورة امرأة موسى، بعدما صرفها وابنيها اللذين اسم أحدهما... خروج 18/2-3)ndash; وزواج موسى بصفورة التي أكرمه أهلها، وحموه من مطارديه نراه في ( خروج 2/21+). لكن موسى بأمر إلهه الخاص، يتنكر لهذا الجميل، ويعض اليد التي أكرمته، ويرده لأهلها ذبحا ودما ودمارا.
لقد تزوج موسى إذن امرأة أخرى، حبشية أو كوشية (وتكلمت مريم وهارون على موسى بسبب المرأة الحبشية التي تزوجها (اتخذها) لأنه كان قد تزوج (اتخذ) امرأة حبشية- عدد 12/1).
وقد سبق وتزوج إبراهيم بثلاث نساء (سارة وهاجر- وقطورة- تك 25/1). عدا السراري الغير معروفة أسمائهم، أي ملك اليمين (وأما أبناء السراري التي لإبراهيم، فقد وهبهم إبراهيم هبات وصرفهم... بعيدا عن إسحق ابنه شرقا إلى أرض المشرق - تكوين 25/6). ويقول التوراتيون أن شعوب الجزيرة العربية تنحدر من قطورة زوجة إبراهيم (مدين، سبأ، ددان). كذلك تزوج عيسو بامرأتين، وكانتا مرارة نفس لإسحق ورفقة.
أما يعقوب (إسرائيل) فقد تزوج بأربع نساء، وجمع بينهن جميعا ( ليئة وراحيل وخادمتيهما بلهة وزلفى). ومع أن زلفى وبلهة زوجتي يعقوب وقد أنجب منهما. إلا أن التوراة لا تسميهما زوجتين بل جاريتين. (وقام quot;أي يعقوبquot; في تلك الليلة فأخذ امرأتيه، وجاريتيه، وأولاده الأحد عشر، فعبر مخاضة يبون- تكوين 32/23). إذن يعقوب تزوج أربعة نساء، اثنتان منهما كانتا من ملك اليمن (سراري) كما تطلق عليهما التوراة. (رأوبين ذهب وضاجع بلهة سرية أبيه- تكوين 35/22).
المرأة سقط متاع
أول ما نلاحظه في أفعال الآباء، والتشريعات التوراتية، أن المرأة سقط متاع لا قيمة، ولا أهمية لها. ففي الوقت الذي يحصي بنو إسرائيل عدد ذكورهم، وعدد أبكار حيواناتهم، فإنهم لا يحصون أبدا نساءهم- أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم- ولا يهتمون بعددهم كبر ذلك العدد أم صغر. (انظر سفر العدد الفصل 1و3و26). كما أنه في سبيل تحقيق مصالح الرجل وزيادة أمواله يمكن التضحية بالمرأة، وبشرفها وسمعتها وجسدها. ف quot;لوطquot; يعرض على الناس الذين طرقوا بيته، ابنتيه العذراوتين، ليفعلوا بهما ما شاؤوا، حماية لضيوفه (أسألكم ألا تفعلوا شرا يا إخوتي. ها أنا ذا لي ابنتان لم تعرفا رجلا، أخرجهما إليكم فافعلوا بهما كما يحسُن في أعينكم- تكوين 19/6-8).
كما أن كل من إبراهيم واسحق حماية لنفسيهما وزيادة لأموالهما يطلبان من زوجيتهما أن يقولان أنهما أختيهما، فضاجع فرعون سارة زوجة إبراهيم، وكاد أحد من الشعب أن يضاجع رفقة زوجة إسحق (فحدث لما دخل أبرام إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدا، ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون. فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون. فصنع إلى أبرام خيرا بسببها. وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال. فضرب يهوه فرعون وبيته بسبب ساراي امرأة أبرام. فاستدعى فرعون أبرام وقال له:... لماذا قلت هي أختي، حتى أخذتها لتكون لي امرأة- تكوين 12/14-19). وكذلك طلب إبراهيم من سارة أن تفعل الشيء نفسه مع ملك جرار (تكوين 20/2). وأما إسحق ( وسأله أهل المكان عن امرأته فقال هي أختي، لأنه خاف أن يقول هي امرأتي، قائلا في نفسه لئلا يقتلني أهل المكان من أجل رفقة لأنها كانت جميلة المنظر- تكوين 26/7). (فقال أبيمالك ما هذا الذي صنعت بنا؟ لولا قليل لضاجع أحد من الشعب امرأتك، فجلبت علينا ذنبا- تكوين 26/10).
التمييز ضد النساء
1- الحج مسموح للذكور فقط، ولا يحق للنساء المشاركة به. فالمرأة ناقصة دين من وجهة نظر التوراة. ( ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره: في عيد الفطير، وفي عيد الأسابيع، وفي عيد الأكواخ. ولا يحضروا أمام الرب فارغين- تثنية 16/16).
2- لا يحق للمرأة- بعكس الرجل- أن تنذر نذرا دون موافقة ولي أمرها الرجل. فالمرأة في نظر التوراة دوما قاصر، وغير عاقلة. أي ناقصة عقل، لا تحسن التصرف، وأقوالها طائشة، ولهذا فهي غير ملزمة لها، إن لم يوافق على ما تقول أحد مالكيها، زوجها أو أبيها أو ولي أمرها (إذا نذر رجل نذرا للرب أو أقسم قسما، فألزم نفسه شيئا، فلا يُنقض كلامه. ويعمل بحسب كل ما خرج من فمه- وأما المرأة فإذا نذرت نذرا للرب، وألزمت نفسها شيئا وهي صبية في بيت أبيها، وسمع أبوها نذرها، فإن سكت لها، فقد ثبتت كل نذورها. وإن عارض أبوها... فكل نذورها، وما ألزمت نفسها به، غير ثابتة، والرب يغفر لها لأن أباها عارض. وإن كانت لزوج ونذرت لنفسها أو ألزمت نفسها شيئا، فسمع زوجها، فإن سكت لها، فقد ثبتت نذورها وإلزاماتها. وإن عارض فقد فسخ نذرها الذي عليها، وما ألزمت نفسها به، والرب يغفر لها - عدد 30/4-10) لنلاحظ أولا تعبير (وإن كانت لزوج) فهي تعني أنها مملوكة لهذا الزوج. وفي ترجمة أخرى (فإن صارت لرجل). أي إذا انتقلت ملكيتها لرجل آخر.
3- تعاقب مريم دون هارون، بالرغم من اشتراكهما بالذنب نفسه، والسبب عائد لكونها امرأة، وهارون رجل، وألا لعوقب الاثنان معا. خاصة وأن هارون اعترف بذنبه. لكن يهوه لحكمة التمييز بين الرجل والمرأة، غضب على مريم وحدها، وعاقبها وجعلها برصاء (عدد 12/9-10).
اضطهاد المرأة
1- تُرغم المرأة التي يتوفى زوجها أن تتزوج بسِلفها (أخي زوجها) حتى لو كان مكروها من قبلها، ولا خيار لها غير ذلك. (إذا أقام أخوان معا ثم مات أحدهما وليس له ابن. فلا تصير امرأة الميت إلى خارج، لرجل غريب. بل أخو زوجها يدخل عليها، ويتخذها امرأة له- تثنية 25/5).
2- تُرغم الفتاة على الزواج من أبناء عشيرتها. وفي هذا سلب لحقها في الاختيار، وتفضيل للمال على عواطفها ومشاعرها، ورغبتها في من تحب، إذا أحبت. (وكل بنت ترث ميراثا من أسباط بني إسرائيل فلتكن امرأة لواحد من عشيرة سبط آبائها لكي يرث بنو إسرائيل كل منهم ميراث آبائها- عدد 36/8).
3- تقدمة الغيرة: وهو اختبار تخضع له المرأة، ويدعى تحكيما إلهيا، وتُسقى فيه المرأة ماء ملوثا. ويشبه هذا التحكيم، التحكيم القضائي الذي كانت تمارسه شعوب الشرق القديم، التي كانت تلقي المتهم في مياه النهر. فإن كان بريئا نجا، وإن كان مذنبا مات!. غير أن هذا الامتحان الذي تخضع له المرأة- حسب الشريعة اليهودية- لا مثيل له. فمن كان يغار على زوجته، ويشك بأنها تخونه، ولا دليل لديه على هذه الخيانة، يأخذ زوجته إلى الكاهن. فيقدم الكاهن المرأة أمام (الرب) بعد أن يهدل شعرها! ويحلّفها ويسألها إن ضاجعها أحد غير زوجها، ويسلمها إلى اللعنة واليمين، ويدعو عليها إن كانت خائنة. وفي يد الكاهن وعاء يحتوي على ماء مقدس ممزوج بتراب من أرض المسكن، يسمى (الماء المر الجالب اللعنة) ويسقيه للمرأة!. ومرة ثانية يضيف الكاهن إلى هذا الماء المرّ قبضة من دقيق الشعير المحروق بالنار على المذبح، ويسقيها إياه ثانية. فإن كانت مذنبة ورم بطنها. وإن كانت بريئة لا تتأثر بشيء. (عدد 5/11-28). وفي هذا منتهى الإهانة والإذلال للمرأة، لكنها شريعة، والشريعة حلال!. ولا عيب في الحلال.
4- إن اضطهاد إبراهيم لهاجر- وهو أهم شخصية في بني إسرائيل قاطبة- وطردها وتشريدها في البراري، بموافقة إله بني إسرائيل الخاص، بل بأمر خاص منه، لدليل دامغ على مدى احتقار التوراة للمرأة، والزوجة، ونكران حقوقها (فقال يهوه لإبراهيم: لا يسوء في عينيك أمر الصبي وأمر خادمتك quot;لاحظ أن يهوه لا يقول زوجتكquot; فاسمع قول سارة في كل ما تقوله لك. لأنه بإسحق يكون لك نسل باسمك- تكوين 21/12).
قتل الزانية حرقا بالنار
من المعروف أن عقوبة الزانية في شريعة التوراة هي الرجم حتى الموت، لكن هناك عقوبة أخرى للزانية في هذه الشريعة، وهي عقوبة الموت حرقا بالنار، إذا كانت المرأة الزانية ابنة كاهن، وكأن تركيب ابنة الكاهن فيزولوجيا وبيولوجيا يختلف عن بقية النساء. ( وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنى، فقد دنست أباها، فلتحرق بالنار- لاويين21/9). في الوقت الذي يُعاقب الكاهن (المقدس) إذا زنى بالرجم، وليس حرقا بالنار. فلماذا إذن تُقتل ابنة الكاهن الصغيرة الناقصة عقل ودين حرقا بالنار؟ وهي ليست كاهنة وليست مقدسة؟ بينما لا يحرق بالنار أبوها، وهو كبير وعاقل وكاهن ومقدس؟
ليس الذكر كالأنثى
التوراة تميز بين المرأة التي تلد ذكرا، وبين المرأة التي تلد أنثى. فتكرم الأولى، وتنتقص من قيمة الثانية. فمن تلد ذكرا تزول نجاستها بعد سبعة أيام، وتطهر بعد أربعين يوما. بينما من تلد أنثى تبقى نجسة أربعة عشر يوما، ولا تطهر إلا بعد ثمانين يوما! أي تحتاج إلى ضعفي مدة من تلد ذكرا! فما هو الفرق من الناحية العلمية والطبية بين من تلد أنثى وبين من تلد ذكرا؟ لماذا تنجّس المولودة الأنثى أمها، أكثر بمقدار الضعفين مما ينجس المولود الذكر أمه؟ إنه منطق قبائل الرعيان، وتشريع إلههم الخاص، فليس الذكر كالأنثى! (وخاطب الإله موسى قائلا: كلم بني إسرائيل وقل لهم: أية امرأة حبلت فولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام... وثلاثة وثلاثين يوما تظل في تطهير دمها، لا تمس شيئا من الأقداس، ولا تدخل الأقداس، حتى تتم أيام طهرها. فإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما في طمثها، وستة وستين يوما تظل في تطهير دمها- اللاويين 12/1-5). فليس الذكر كالأنثى!
نجاسة المرأة
الطمث وظيفة طبيعة للأنثى السليمة. ومن لا تأتيها العادة الشهرية، تكون امرأة مريضة، معاقة، مشوهة أنثويا ووظيفا، ولا بد لها من مراجعة الطبيب للمعالجة. فالمرأة العاقر كالشجرة غير المثمرة. وهذه الوظيفة من أهم وأعظم وظائف الأنثى على الإطلاق، وقد خلقها الله للمحافظة على استمرار الحياة، إذ لولاها لفني الإنسان، وانقرض الجنس البشري. فهذه إذن حكمة إلهية، فكيف تكون نجسة ومن يمسها يتنجس بها؟ أنه لا شك مفهوم عدواني غريب عجيب، أقل ما يقال فيه أنه احتقار ورفض لإرادة الله، واحتقار للحياة والبشر.
العادة الشهرية إذن ميزة للمرأة تدل على الصحة والمعافاة. وليست نقيصة أو مذلة أو نجاسة تعيب المرأة وتذلها. والمشكلة في الأمر أنهم يدعون أن هذا التشريع المعادي للمرأة التي تكون في حالة طمث، يدعون أنه حكم وتشريع إلهي!. ونحن نقول إن قبائل بني إسرائيل الرعيان، بسبب احتقارها للمرأة، سنت هذا التشريع، ونسبته لإلهها الخاص يهوه. ولو كان الأمر على غير هذا النحو. أي لو كان إلهها الخاص هو الذي سنه وفرضه، فالمصيبة ستكون أكبر بكثير، لأن إلها يأمر بوظيفة الطمث لاستمرار الحياة والجنس البشري، ثم يستهجن أفعاله، ويراها نجسة معيبة، لهو إله مارق لا يعي ما يفعل، ولا يستحق لقبه.
(وأية امرأة كان بها سيلان، أي سيلان دم من جسدها، تبقى سبعة أيام في نجاسة طمثها. وكل من لمسها يكون نجسا حتى المساء. وكل ما تضجع عليه في طمثها يكون نجسا. وكل ما تجلس عيه يكون نجسا. وكل من مس مضجعها يغسل ثيابه ويستحم بالماء، ويكون نجسا حتى المساء- اللاويين 15/19-22). كيف يمكن لهذه الشريعة أن تنصف المرأة؟ وكيف يمكن للمرأة أن تقبل هكذا شريعة؟ وكيف يمكن للمرأة والحال كذلك أن تذهب لمؤسستها، وتقوم بعملها، وهي نجسة كما يقولون!. وكل من يمسها، أو يمس شيئا جلست عليه أو مسته، يكون نجسا؟
لقد كانت أيام طمث المرأة في ديانات الشرق القديم، تعني شيئا آخر للناس: (إن حياة المرأة الفيزيولوجية والسيكولوجية ذات طبيعة قمرية وإيقاع قمري، فهي مرتبطة بدورة شهرية معادلة لدورة القمر الذي يبدأ هلالا في أول الشهر ليتلاشى في آخره، بعد أن يمر في فترة تقع في منتصف الشهر عندما يبلغ البدر تمامه. وقد كان سكان بلاد الرافدين يعتبرون تمام البدر هو يوم تحيض عشتار وتستريح من كل أعمالها، لذا فقد ارتبطت بهذا اليوم مجموعة من المحرمات، كالشروع في السفر، وأكل الطعام المطبوخ، وإشعال النار. وهي نفس الأمور التي تستريح منها المرأة الحائض. وقد دعا سكان بلاد الرافدين هذا اليوم بيوم (السباتو) أي يوم الراحة. وكانوا يحتفلون به في كل شهر، ثم مرة في كل ربع من أرباع الشهر القمري. وعنهم أخذ اليهود هذه العادة أيام السبي، فجعلوا يوم السبت يوم راحة للرب، فيه استراح من عناء الخلق. ودعوا ذلك اليوم يوم (سباث- sabath). وفرضوا فيه على أنفسهم محرمات مشابهة، ما زالت تسيطر على سلوكهم حتى اليوم- لغز عشتارndash; فراس السواح).
وسأختم بنص من خارج أسفار التوراة، لكنه يتسق تماما مع تعاليم التوراة، ويتناغم معها في النظرة إلى المرأة، والموقف العدواني منها. إنه نص من كتب اليهود المقدسة. بل قل حكمة من رجل حكيم خبير بالنساء، ملك مئات الزوجات، ومئات الجواري والسراري (ملك اليمين). إنه الشاعر سليمان الحكيم. يقول لا فُض فوه، بعد خبرة وتجربة ميدانية لكل أنواع النساء: (فجلت بقلبي لأعلم وأبحث وألتمس الحكمة وحقيقة الأمور، لأعلم أن الشر جهل والجنون غباوة. فوجدت أن ما هو أمر من الموت، المرأة، لأنها فخ، ولأن قلبها أشراك، ويداها قيود. من كان صالحا أمام الله ينجو منها. وأما الخاطئ فيعلق بها- الجامعة 7/25-26). فهل كان النبي سليمان الحكيم خاطئا؟ وهل تتناسب هذه الشرائع مع حقوق الإنسان؟ وثقافة القرن الواحد والعشرين؟
إلى اللقاء.
[email protected]