.... الداخلية والخارجية
تمارس لعبة ا لتوزان بين القوى السياسية دورها الكبير والمؤثر في رسم وتصميم وتوجيه العملية السياسية في كل أنحاء العالم، والسياسي الماهر هو الذي يحدد عناصر هذه اللعبة ومسارها قبل أن يتخذ قراره السياسي خاصة على مستوى القرارا ت التي تهم البلد ككل، ومصير شعب بأكمله.
إن اتخاذ موقف جاد من قبل الحكومة العراقية تجاه الإتفاقية العراقية الأمريكية ينبغي أن يعتمد كثيرا وبشكل جوهري على قراءة اللعبة السياسية داخل العراق وخارجه كي يتأتى الموقف علميا وعمليا في آن واحد، بعيد عن التحسبات الشخصية لما سيقوله التا ريخ بحق هذا السياسي أو ذاك، حيث تلعب الدوافع الوطنية المتشخصنة دورها السيء والمسيئ للناس والوطن.
أن نظرة بسيطة إلى لعبة التوازن الداخلي في العراق تكشف عن حقيقة مرة، تلك هي أن الحكومة أضعف من أن تدير لعبة التوازن بين القوى المؤثرة داخل العراق، بل لا أبالغ لو قلت أن عناصر اللعبة الداخلية في العراق هي التي تتحكم بمزاج ومواقف وسياسية الحكومة وليس العكس، خاصة وإن طبيعة الحكومة التي يرأسها السيد نوري المالكي ليست حكومة وحدة وطنية بالمعنى السياسي للوطنية بل هي حكومة التوازن المحاصصي على أسس طائفية وعنصرية وربما حتى أسرية وعشائرية. ولذلك فإن حكومة السيد نوري المالكي هي أسيرة القوى الفاعلة في الداخل، وهي التي تسير دفتها وليس العكس. وقد أثبتت التجربة حاجة الحكومة بل ا لعملية السياسية برمتها إلى قوة يعلو سلطانها على الجميع، وإذا كان للسيد علي السيستاني دوره الواضح نسبيا في حفظ عملية التوازن داخل العراق بين القوى ا لمؤثرة بسبب مواقفه الحكيمة من مشروع السلام الأهلي، فإن للسفارة الامريكية الدور الفاعل وربما أحيانا القاطع في تحقيق عملية التوازن هذه.
العراق يشكل الحلقة الأضعف في محيطه العربي، فلا يملك جيشا قويا ولا أمنا ستراتيجيا ولا حكومة متجانسة، ولدول الجوار أجندتها داخل العراق التي قد تؤثر في القرار السياسي العراقي أكثر من الأحزاب الحاكمة في العراق، وعليه يكون العراق فاقدا لدوره الفاعل في تحقيق لعبة التوازن داخل محيطه العربي والإسلامي، بل هو ساحة تفعيل سياسة التوازن في دول الجوار، وليس عنصرا فاعلا في ترسيم لعبة التوازن الأقليمي بالذات. فالعراق ليس طرفا مؤثرا في عمليتي الصراع والسلام في المنطقة الأقليمية، بل هو ساحة هذا الصراع المرير، وساحة التجاذبات بين دول الجوار من أجل مغانم ستراتيجية واقتصادية وسياسية وثقافية داخل العراق نفسه.
إذن الحكومة العراقية فاقدة لأهليتها الدقيقة لأدارة لعبة التوازن الداخلي والخارجي، ويساهم في توكيد هذه الحقيقة ما يعانيه العراق من مشاكل الفساد الإداري والاقتصادي والاجتماعي بما يفوق مستويات كل أنظمة العالم المتخلف ما عدا الصومال كما تقول التقا رير الدولية، فضلا عن إنهيارات مفاجاة تحدث هنا وهناك تقلل من مستوى الإطمئنان إلى ما يسمى بـ ( التحسن الأمني ) الذي شهده العراق مؤخرا، وبفضل كبير يعود إلى تواجد القوات الأمريكية في الدرجة الأولى، وذلك مهما قيل عن دور القوات العراقية، وفي الوقت ذاته على صعيد إدارة لعبة التوازن الأقليمية، حيث ما زالت الحكومة العراقية وسوف تبقى لآماد طويلة دون الوصول إلى أبسط مستوى يؤهلها للعب دور المشارك في اللعبة وليس المنفعل بها على مديات تكاد تكون في استوعبت العراق باكمله، حيث يجسد بكل وضوح أدوت الشطرنج التي لا تملك من فاعلية سوى كونها طيعة المتمكن من اللعبة لا أكثر ولا أقل، أي تحول إلى آلية صراح وتصفية حسابات بين القوى الأقليمية.
العراق اليوم وفي ظل حكوماته المتعاقبة ضائع بين لعبتين، لعبة تو ازن داخلي ليس للحكومة قدرة على ضبطها وتسييرها، ولعبة توازن خارجي يحتل فيها عنصر الآلية بيد غيره وليس العنصر المشارك بفاعلية وتصميم وإرادة. وبذلك، ونتيجة هذا الضياع والذي يبدو سيستمر لسنوات طويلة يحتاج إلى قوة ذات إمكانات هائلة كي تساعده على الخروج من أ زمة الإنسحاق تحت نير وعذاب هذا الضعف المزدوج.
إن الحكومة العراقية، بل الدولة العراقية برمتها اليوم غير قادرة على تحقيق وجود سياسي متوازن نابع من إحكام العلاقة بين عناصر اللعبة الداخلية، سواء كانت هذه العناصر دينية أو طائفية أو قومية أو عشائرية، كما أ نها عاجزة عن أن تكون صاحبة كلمة قوية ومحترمة في النظام الأقليمي، والكل يعرف أ ن وجود القوات الامركيية في العراق يساهم بشكل مصيري في تحقيق مستوى واضح في مجال إستدراك هذا الضعف المزدوج ليس لما تملكه من قوة عسكرية ضاربة في العراق وحسب، بل لأنها الدولة المتحكمة في مسير العالم بشكل وآخر، ومن ثم، لما تملكه الآن من علاقات علنية وسرية بقوى وشخصيات وأحزاب وطوائف وقوميات عراقية ذات شأن كبير ومؤثر في الساحة العراقية، فليس من المعقول أن نتصور أ ن الأمريكان كانوا يمارسون لعبة الكولف في العراق خلال ست سنوات في هذا البلد.
إن حكومة السيد نوري المالكي ينبغي أن تضع كل هذه الحسابات في الميزان قبل أن تقدم على إتخاذ أي خطوة رافضة أو قابلة تجاه أي نقطة أو فقرة أو رأي أو تعبير يخص هذه الاتفاقية، ولكن قبل هذا وذاك، على هذه الحكومة أن تفكر بمصير العراق داخليا وخا رجيا وهي تفكر باتخاذ قرارها تجاه هذه المعاهدة قبل أن تفكر بـ (سمعتها) الوطنية، فإذا كان التاريخ القريب لا يرحم فإ ن التاريخ البعيد قد يقلب هذه المعادلة.
لقد كان السيد المالكي قد أعلن عن تفهمه للطلب الامريكي فيما يخص مبدا حصانة الجندي الامريكي خارج منطقة تواجده، ولذا أعلن عن إستعداده للنظر بهذه النقطة بجدية أكثر، ولكن أعتقد إن على السيد نوري المالكي أن يفكر قبل ذلك، ترى هل إن حكومته قادرة هو قادر على ضبط اللعبة الداخلية؟ وهل هي بمستوى نقل العراق من دمية تتلاعب بها دول الجوار عبر أجندتها الداخلية إلى عنصر فاعل ومؤسس في لعبة التوازن الأقليمي؟
أشك بذلك.
إن اتخاذ موقف جاد من قبل الحكومة العراقية تجاه الإتفاقية العراقية الأمريكية ينبغي أن يعتمد كثيرا وبشكل جوهري على قراءة اللعبة السياسية داخل العراق وخارجه كي يتأتى الموقف علميا وعمليا في آن واحد، بعيد عن التحسبات الشخصية لما سيقوله التا ريخ بحق هذا السياسي أو ذاك، حيث تلعب الدوافع الوطنية المتشخصنة دورها السيء والمسيئ للناس والوطن.
أن نظرة بسيطة إلى لعبة التوازن الداخلي في العراق تكشف عن حقيقة مرة، تلك هي أن الحكومة أضعف من أن تدير لعبة التوازن بين القوى المؤثرة داخل العراق، بل لا أبالغ لو قلت أن عناصر اللعبة الداخلية في العراق هي التي تتحكم بمزاج ومواقف وسياسية الحكومة وليس العكس، خاصة وإن طبيعة الحكومة التي يرأسها السيد نوري المالكي ليست حكومة وحدة وطنية بالمعنى السياسي للوطنية بل هي حكومة التوازن المحاصصي على أسس طائفية وعنصرية وربما حتى أسرية وعشائرية. ولذلك فإن حكومة السيد نوري المالكي هي أسيرة القوى الفاعلة في الداخل، وهي التي تسير دفتها وليس العكس. وقد أثبتت التجربة حاجة الحكومة بل ا لعملية السياسية برمتها إلى قوة يعلو سلطانها على الجميع، وإذا كان للسيد علي السيستاني دوره الواضح نسبيا في حفظ عملية التوازن داخل العراق بين القوى ا لمؤثرة بسبب مواقفه الحكيمة من مشروع السلام الأهلي، فإن للسفارة الامريكية الدور الفاعل وربما أحيانا القاطع في تحقيق عملية التوازن هذه.
العراق يشكل الحلقة الأضعف في محيطه العربي، فلا يملك جيشا قويا ولا أمنا ستراتيجيا ولا حكومة متجانسة، ولدول الجوار أجندتها داخل العراق التي قد تؤثر في القرار السياسي العراقي أكثر من الأحزاب الحاكمة في العراق، وعليه يكون العراق فاقدا لدوره الفاعل في تحقيق لعبة التوازن داخل محيطه العربي والإسلامي، بل هو ساحة تفعيل سياسة التوازن في دول الجوار، وليس عنصرا فاعلا في ترسيم لعبة التوازن الأقليمي بالذات. فالعراق ليس طرفا مؤثرا في عمليتي الصراع والسلام في المنطقة الأقليمية، بل هو ساحة هذا الصراع المرير، وساحة التجاذبات بين دول الجوار من أجل مغانم ستراتيجية واقتصادية وسياسية وثقافية داخل العراق نفسه.
إذن الحكومة العراقية فاقدة لأهليتها الدقيقة لأدارة لعبة التوازن الداخلي والخارجي، ويساهم في توكيد هذه الحقيقة ما يعانيه العراق من مشاكل الفساد الإداري والاقتصادي والاجتماعي بما يفوق مستويات كل أنظمة العالم المتخلف ما عدا الصومال كما تقول التقا رير الدولية، فضلا عن إنهيارات مفاجاة تحدث هنا وهناك تقلل من مستوى الإطمئنان إلى ما يسمى بـ ( التحسن الأمني ) الذي شهده العراق مؤخرا، وبفضل كبير يعود إلى تواجد القوات الأمريكية في الدرجة الأولى، وذلك مهما قيل عن دور القوات العراقية، وفي الوقت ذاته على صعيد إدارة لعبة التوازن الأقليمية، حيث ما زالت الحكومة العراقية وسوف تبقى لآماد طويلة دون الوصول إلى أبسط مستوى يؤهلها للعب دور المشارك في اللعبة وليس المنفعل بها على مديات تكاد تكون في استوعبت العراق باكمله، حيث يجسد بكل وضوح أدوت الشطرنج التي لا تملك من فاعلية سوى كونها طيعة المتمكن من اللعبة لا أكثر ولا أقل، أي تحول إلى آلية صراح وتصفية حسابات بين القوى الأقليمية.
العراق اليوم وفي ظل حكوماته المتعاقبة ضائع بين لعبتين، لعبة تو ازن داخلي ليس للحكومة قدرة على ضبطها وتسييرها، ولعبة توازن خارجي يحتل فيها عنصر الآلية بيد غيره وليس العنصر المشارك بفاعلية وتصميم وإرادة. وبذلك، ونتيجة هذا الضياع والذي يبدو سيستمر لسنوات طويلة يحتاج إلى قوة ذات إمكانات هائلة كي تساعده على الخروج من أ زمة الإنسحاق تحت نير وعذاب هذا الضعف المزدوج.
إن الحكومة العراقية، بل الدولة العراقية برمتها اليوم غير قادرة على تحقيق وجود سياسي متوازن نابع من إحكام العلاقة بين عناصر اللعبة الداخلية، سواء كانت هذه العناصر دينية أو طائفية أو قومية أو عشائرية، كما أ نها عاجزة عن أن تكون صاحبة كلمة قوية ومحترمة في النظام الأقليمي، والكل يعرف أ ن وجود القوات الامركيية في العراق يساهم بشكل مصيري في تحقيق مستوى واضح في مجال إستدراك هذا الضعف المزدوج ليس لما تملكه من قوة عسكرية ضاربة في العراق وحسب، بل لأنها الدولة المتحكمة في مسير العالم بشكل وآخر، ومن ثم، لما تملكه الآن من علاقات علنية وسرية بقوى وشخصيات وأحزاب وطوائف وقوميات عراقية ذات شأن كبير ومؤثر في الساحة العراقية، فليس من المعقول أن نتصور أ ن الأمريكان كانوا يمارسون لعبة الكولف في العراق خلال ست سنوات في هذا البلد.
إن حكومة السيد نوري المالكي ينبغي أن تضع كل هذه الحسابات في الميزان قبل أن تقدم على إتخاذ أي خطوة رافضة أو قابلة تجاه أي نقطة أو فقرة أو رأي أو تعبير يخص هذه الاتفاقية، ولكن قبل هذا وذاك، على هذه الحكومة أن تفكر بمصير العراق داخليا وخا رجيا وهي تفكر باتخاذ قرارها تجاه هذه المعاهدة قبل أن تفكر بـ (سمعتها) الوطنية، فإذا كان التاريخ القريب لا يرحم فإ ن التاريخ البعيد قد يقلب هذه المعادلة.
لقد كان السيد المالكي قد أعلن عن تفهمه للطلب الامريكي فيما يخص مبدا حصانة الجندي الامريكي خارج منطقة تواجده، ولذا أعلن عن إستعداده للنظر بهذه النقطة بجدية أكثر، ولكن أعتقد إن على السيد نوري المالكي أن يفكر قبل ذلك، ترى هل إن حكومته قادرة هو قادر على ضبط اللعبة الداخلية؟ وهل هي بمستوى نقل العراق من دمية تتلاعب بها دول الجوار عبر أجندتها الداخلية إلى عنصر فاعل ومؤسس في لعبة التوازن الأقليمي؟
أشك بذلك.
التعليقات