قبل توديع الرئيس الأنيق جُورج بُوش البيت الأبيض..
لا أدري لماذا أتخيّل أن هذا البُوش قد قرأ الفقه، ونَهل من مَعين الثقافة العربيّة بشقّيها الشّرعي والفكري؟! بحيث يستحق بكل جدارة واقتدار لقب quot;الشّيخquot;.
وعندما أطلقتُ على الرئيس بُوش لقب quot;الشّيخquot;، ذُهلت من عدد الذين أطلقوا عليه هذا اللقب، حيث وَجدتُ 40 صفحة من صفحات محرِّكات الإمام quot;غوغلquot; تتحدَّث عنه بهذا اللقب أيضاً، ليس آخرهم الكاتب خالد القشطيني، الذي كتب ذات مرَّة مقالاً تحت عنوان: quot;الشّيخ بُوشquot;!.
ولكن مع الاحترام لكل من وصفوا هذا الرئيس الأنيق بـquot;الشّيخquot;، فإنهم لم يُبرهِنوا بالأدلّة quot;غير القطعيّةquot; لماذا يستحق الرّجل هذا اللقب؟ وأدلّتي على أن بُوش يستحق لقب quot;الشّيخquot; تتمثّل في أن الرّجل قد قرأ الثقافة العربيّة، واستفاد من تقسيماتها، وإليكم الأدلّة:
أولاً: قسّم الشّيخ بُوش ndash; هداه الله ndash; العَالَم إلى quot;محور خيرquot;، وquot;محور شرquot;، وهذا التصنيف أخذه من الفقهاء، حيث قسّموا العَالَم إلى quot;دار كُفرquot;، وquot;دار إسلامquot;!
ثانياً: فعّل فخامة الرئيس أو الشّيخ بُوش نظرية quot;الضربات الاستباقيّةquot;، وهي افتراض أن العدو يتربّص بأمريكا، لذا ذهب إليه، وتغدّى بأعدائه قبل أن يتعشّوا به.. وهذه النظرية استقاها الشّيخ بُوش من نظرية quot;باب سد الذّرائعquot; المشهورة في أصول الفقه، حيث تفترض هذه النظريّة أن كل ما يؤدِّي إلى ذريعة الشرّ، ويكون طريقاً للحرام، يجب إغلاق بابه، وسدّ ذريعته، وقطع دابره، حتى لا يؤدِّي إلى مفسدة أخرى أكبر.
ثالثاً: نادى الشّيخ بُوش بنظرية quot;من ليس معنا فهو ضدناquot;، وهذا المبدأ سرقه الشّيخ بُوش ndash; أصلحه الله ndash; من علماء الإسلام الذين طبّقوا مذهب quot;الولاء والبراءquot;، واعتبروا هذا المبدأ من أصول العقيدة!
رابعاً: بدأ الشّيخ بُوش بتنصير العلوم، وشجّع مجلات تتحدّث عن الإعجاز العلمي في quot;الإنجيلquot;، وهذا ما أخذه من علماء الإسلام المُحدَثين في هذا العصر الذين يتكسَّبون من خلال تسويق quot;الإعجاز العلمي في القُرآنquot;!
خامساً: فعّل الشّيخ بُوش مبدأ quot;الوفاء بالعهدquot;، حيث وعد أنه سيُسقِط صدّام ونظامه ويُحرِّر العراق وجيرانه من جبروته، وفعل ذلك، ولولا أن الثقافة العربيّة المتأصِّلة في تفكير بُوش، لكان مثل سلفه كلينتون، الذي انتهى مجده الحربي بصواريخ ضَاعَت في صحراء أفغانستان، وأُخرى أصابها quot;الحَوَل الحربيquot; فرجمت مصنع الشِّفاء للأدوية في السُّودان!
سادساً: عندما ضرب الشّيخ بُوش العراق، وما فيها من النجف والعتبات المقدّسة، لم يفعل ذلك إلَّا اقتداءً بالثقافة العربيّة، حيث ضرب الحجاج بن يوسف الثقفي مكة المكرمة ndash; حرسها الله من كل أذى ndash; بالمنجنيق!
سابعاً: كان الشّيخ بُوش يزور العراق سراً بين الفترة وأختها، وهو في ذلك يقتدي ببعض خلفاء الدولة الإسلامية في العصور الماضية، عندما كان واحدهم يتنكّر ويذهب سراً لمراقبة أحوال الرعيّة، والوقوف على مدى سير العمل ونجاحه!
ثامناً: يحرص الشّيخ بُوش على إرضاء شعبه، وهو في ذلك ينطلق من النظرية الإسلامية القائلة quot;الأقربون أولى بالمعروفquot;، أو (Charity Begins At Home)، محاولاً هذا الشّيخ ألَّا يكون quot;نخلة عربيّة عوجاءquot; ترمي بتمورها في غير حوضها!
ولم يكن الشّيخ بُوش في إرضاء الأقربين منه إلَّا دارساً ذكيًّا للثقافة العربيّة التي تمدح من يعتني بأهله وتذم من يُحسن للبعيد وينسى القريب، وهذا ظُلم لذوي القُربى، وشاعرهم الكبير طَرَفة بن العبد يقول:
وظُلم ذوي القُربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحُسام المُهند
تاسعاً: لم يكن الشّيخ بُوش مُقْدِماً على أي خطوة إلا بعد استشارة قومه في quot;مجلس الشّيوخquot; ولا عجب في ذلك quot;فالشيوخ أبخصquot;، وهذا مبدأ أصيل في الشُّورى الإسلامية. فأهل أمريكا دائماً أمرهم شُورى بينهم، وهم أدرى بشؤون دُنياهُم!
عاشراً: اُتّهم الشّيخ بُوش بأنه يستخدم quot;الأسلحة المُحرَّمة دوليًّاquot;، فكيف يستخدمها وهي مُحرَّمة؟ والجواب وجدته في موقع quot;شبكة فلسطين للحوارquot; بقلم الأستاذ حسين بن محمود، حيث يقول: (كيف تُحرِّمون ما أحلَّ بُوش تبتغون مرضاة الإرهابيين.. لا نريد فتاوى تشتتنا هكذا، وتشوِّش علينا أفكارنا.. ألَّا يحق لواضع هذه الشَّرائع أن يغيّرها إذا رأى المصلحة في ذلك؟ فلماذا هذا الاستنكار غير المبررّ؟ أنتم تعترفون أنها أيديولوجية أمريكية، فلماذا تتدخّلون فيما لا يعنيكم؟ ألم تسمعوا quot;بتغيّر الفتوى لتغيّر الزمان والمكانquot;، وquot;بجلب المصالح ودفع المفاسدquot;؟، لقد رأى المجمع الفقهي الأمريكي أن هذا يصبُّ في مصلحة الدعوة الأمريكية، فغيّروا بعض الفتاوى للمصلحة، وهذا وارد في الأعراف الدوليّة)!
الحادي عشر: عندما انتصر الشّيخ بُوش في العراق، علا واستكبر وتجبّر، وحدث ما حدث من مآسٍ مثل quot;أبوغريبquot;، وهذه أخلاق العربي المنتصر!
إن الرئيس أو الشّيخ بُوش لم يأخذ هذه quot;الأخلاقquot; إلَّا من أفعال العرب، ومن يقرأ التاريخ العربي - مثل بُوش - سيُدرك أن العباسيين ndash; مثلاً ndash; عندما انتصروا نكَّلوا بالأمويين، وحرقوا الجثث، وبَقَروا بُطون النِّساء، وفي ذلك يقول أحد الشعراء:
يا ليت جور بني مروان دام لنا
وليت عدل بني العباس ما كانا!
وهذا ما يفعله الشّيخ بُوش بالضبط!.
الثّاني عشر: جمع الرئيس بُوش بين لقبي الشّيخ والرئيس، وهو في ذلك يقتدي بإمام من أئمة الثقافة العربيّة، وهو quot;ابن سيناquot; الذي جمع بين quot;بطولتي الدوري والكأسquot;، حين سُمي بـquot;الشّيخ الرئيسquot;!
الثّالث عشر: عندما بَدأت حرب quot;تحريرquot; العراق، حاول الشّيخ بُوش رفع معنويات جنوده، مُطالباً إيَّاهم بعزيمة وجُهد الفرسان الأوائل، لكنّه بالَغ في التوصيف عندما أصبغ عليهم صفة فرسان quot;الحُروب الصليبيةquot;، وهو بفعله هذا لا يختلف كثيراً عن بعض بني يعرب ممَّن يُصرُّون على إقحام الآيات والأحاديث في أفكارهم وصراعاتهم وممارساتهم المُدمّرة، أو يُعلّقونها في مَشاهد الخَطف والذّبح، أو التّهديد والوَعيد وذلك أضعف الإرهاب!
الرّابع عشر: يَنظر الشّيخ بُوش إلى مجتمعه نظرة مُشفق عليه من النَّار باعتباره أحد تَلاميذ المنظّر المشهور quot;شتراوسquot; أحد رموز المُحافظين الجُدد ndash; أي الصحويين في أمريكا -، ومردُّ هذه الشّفقة إلى انتشار الشُّذوذ والإجهاض والهيربيز والتقليعات الغريبة، وأن تربية أمريكا أصبحت quot;منزوعة الأخلاقquot;، وهذه النظرة لا تشبه فقط نظرية quot;المُحافظين الجددquot; في الثقافة الإسلاميّة بل تتطابق معها، فهم يََزعُمون أن المُجتمع فَسَد، وأن مُحدثات الأمور أخرجت الأمور عن سيطرتهم، وأن القَابض على دينه اليوم مِثل القَابض على الجمر بكفه!
في النهاية مَاذا بقي؟!
بقيّ القَول: إن الشّيخ بُوش دارِس وفَقيه وquot;جهبذquot; في الثّقافة العَربيّة رَغم أنف الأستاذ الصَديق شَاكر النابلسي الذي اتهمه في مَقَال نَشره في إيلاف يَقول فيه: quot;إن الرئيس بُوش لم يقرأ quot;مُقدّمة ابن خلدونquot; في توصيفه لأحوال العرب، لذا فالشّيخ بُوش حَرم نفسه من مَعلومات وعَلامات حَدّدها المُفكر ابن خلدون، لو عَلمها وفَقهها الشّيخ بُوش لكَان وضعه في العراق أبقى وأرقى وأنقىquot;!
من هذه الزاوية لا يمكن إلَّا أن أقول للدكتور النابلسي ndash; ليس دفاعاً عن الشّيخ بُوش بل دفاعاً عن الفكرة ndash; أن هذا الشّيخ لا يُضيره إن لم يَقرأ quot;المُقدّمةquot; التي أصبحت quot;مُؤخرةquot;، وقديماً قال بشار بن برد:
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كُلّها
كفى المرء نبلاً أن تُعدَ معايبه!
الخَامس عَشر: يَعتب البَعض على الشّيخ بُوش بأنه يَحلق لِحيته، وهذا لا يَليق بطالب العِلم الفقيه، ولكن هذا الشّيخ لم يأتِ ببدعة، فهو قد اقتدى بالعالِم الإمام سيّد قُطب ndash; أكبر منظّري الفكر الجهادي في العصر الحديث ndash; وهذا القُطب، كان يحلق لحيته، ولم يُعاتَب على ذلك، وعندما سُئل أحد المشايخ النَجديين الذي أُشربوا في قلوبهم حُب سيّد قُطب عن أمر لحية الأخير، قال على الفور: (الشّيخ سيّد قُطب كان شعور بلا شعر، أما نحن فشعر بلا شعور)!
السادس عشر:عندما ضرب الشيخ بوش أفغانستان في شهر رمضان, عوتب على انتهاك حرمات هذا الشهرالفضيل فأجاب قائلا: لقد وقعت معركة بدر الكبرى في هذا الشهر,ونحن نقتدي بذلك!
من هُنا يمكن القول: إن الشّيخ بُوش يحمل شعوراً إسلامياً بلا شعر يستر الوجه من خلال لحية عريضة.
لا أدري لماذا أتخيّل أن هذا البُوش قد قرأ الفقه، ونَهل من مَعين الثقافة العربيّة بشقّيها الشّرعي والفكري؟! بحيث يستحق بكل جدارة واقتدار لقب quot;الشّيخquot;.
وعندما أطلقتُ على الرئيس بُوش لقب quot;الشّيخquot;، ذُهلت من عدد الذين أطلقوا عليه هذا اللقب، حيث وَجدتُ 40 صفحة من صفحات محرِّكات الإمام quot;غوغلquot; تتحدَّث عنه بهذا اللقب أيضاً، ليس آخرهم الكاتب خالد القشطيني، الذي كتب ذات مرَّة مقالاً تحت عنوان: quot;الشّيخ بُوشquot;!.
ولكن مع الاحترام لكل من وصفوا هذا الرئيس الأنيق بـquot;الشّيخquot;، فإنهم لم يُبرهِنوا بالأدلّة quot;غير القطعيّةquot; لماذا يستحق الرّجل هذا اللقب؟ وأدلّتي على أن بُوش يستحق لقب quot;الشّيخquot; تتمثّل في أن الرّجل قد قرأ الثقافة العربيّة، واستفاد من تقسيماتها، وإليكم الأدلّة:
أولاً: قسّم الشّيخ بُوش ndash; هداه الله ndash; العَالَم إلى quot;محور خيرquot;، وquot;محور شرquot;، وهذا التصنيف أخذه من الفقهاء، حيث قسّموا العَالَم إلى quot;دار كُفرquot;، وquot;دار إسلامquot;!
ثانياً: فعّل فخامة الرئيس أو الشّيخ بُوش نظرية quot;الضربات الاستباقيّةquot;، وهي افتراض أن العدو يتربّص بأمريكا، لذا ذهب إليه، وتغدّى بأعدائه قبل أن يتعشّوا به.. وهذه النظرية استقاها الشّيخ بُوش من نظرية quot;باب سد الذّرائعquot; المشهورة في أصول الفقه، حيث تفترض هذه النظريّة أن كل ما يؤدِّي إلى ذريعة الشرّ، ويكون طريقاً للحرام، يجب إغلاق بابه، وسدّ ذريعته، وقطع دابره، حتى لا يؤدِّي إلى مفسدة أخرى أكبر.
ثالثاً: نادى الشّيخ بُوش بنظرية quot;من ليس معنا فهو ضدناquot;، وهذا المبدأ سرقه الشّيخ بُوش ndash; أصلحه الله ndash; من علماء الإسلام الذين طبّقوا مذهب quot;الولاء والبراءquot;، واعتبروا هذا المبدأ من أصول العقيدة!
رابعاً: بدأ الشّيخ بُوش بتنصير العلوم، وشجّع مجلات تتحدّث عن الإعجاز العلمي في quot;الإنجيلquot;، وهذا ما أخذه من علماء الإسلام المُحدَثين في هذا العصر الذين يتكسَّبون من خلال تسويق quot;الإعجاز العلمي في القُرآنquot;!
خامساً: فعّل الشّيخ بُوش مبدأ quot;الوفاء بالعهدquot;، حيث وعد أنه سيُسقِط صدّام ونظامه ويُحرِّر العراق وجيرانه من جبروته، وفعل ذلك، ولولا أن الثقافة العربيّة المتأصِّلة في تفكير بُوش، لكان مثل سلفه كلينتون، الذي انتهى مجده الحربي بصواريخ ضَاعَت في صحراء أفغانستان، وأُخرى أصابها quot;الحَوَل الحربيquot; فرجمت مصنع الشِّفاء للأدوية في السُّودان!
سادساً: عندما ضرب الشّيخ بُوش العراق، وما فيها من النجف والعتبات المقدّسة، لم يفعل ذلك إلَّا اقتداءً بالثقافة العربيّة، حيث ضرب الحجاج بن يوسف الثقفي مكة المكرمة ndash; حرسها الله من كل أذى ndash; بالمنجنيق!
سابعاً: كان الشّيخ بُوش يزور العراق سراً بين الفترة وأختها، وهو في ذلك يقتدي ببعض خلفاء الدولة الإسلامية في العصور الماضية، عندما كان واحدهم يتنكّر ويذهب سراً لمراقبة أحوال الرعيّة، والوقوف على مدى سير العمل ونجاحه!
ثامناً: يحرص الشّيخ بُوش على إرضاء شعبه، وهو في ذلك ينطلق من النظرية الإسلامية القائلة quot;الأقربون أولى بالمعروفquot;، أو (Charity Begins At Home)، محاولاً هذا الشّيخ ألَّا يكون quot;نخلة عربيّة عوجاءquot; ترمي بتمورها في غير حوضها!
ولم يكن الشّيخ بُوش في إرضاء الأقربين منه إلَّا دارساً ذكيًّا للثقافة العربيّة التي تمدح من يعتني بأهله وتذم من يُحسن للبعيد وينسى القريب، وهذا ظُلم لذوي القُربى، وشاعرهم الكبير طَرَفة بن العبد يقول:
وظُلم ذوي القُربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحُسام المُهند
تاسعاً: لم يكن الشّيخ بُوش مُقْدِماً على أي خطوة إلا بعد استشارة قومه في quot;مجلس الشّيوخquot; ولا عجب في ذلك quot;فالشيوخ أبخصquot;، وهذا مبدأ أصيل في الشُّورى الإسلامية. فأهل أمريكا دائماً أمرهم شُورى بينهم، وهم أدرى بشؤون دُنياهُم!
عاشراً: اُتّهم الشّيخ بُوش بأنه يستخدم quot;الأسلحة المُحرَّمة دوليًّاquot;، فكيف يستخدمها وهي مُحرَّمة؟ والجواب وجدته في موقع quot;شبكة فلسطين للحوارquot; بقلم الأستاذ حسين بن محمود، حيث يقول: (كيف تُحرِّمون ما أحلَّ بُوش تبتغون مرضاة الإرهابيين.. لا نريد فتاوى تشتتنا هكذا، وتشوِّش علينا أفكارنا.. ألَّا يحق لواضع هذه الشَّرائع أن يغيّرها إذا رأى المصلحة في ذلك؟ فلماذا هذا الاستنكار غير المبررّ؟ أنتم تعترفون أنها أيديولوجية أمريكية، فلماذا تتدخّلون فيما لا يعنيكم؟ ألم تسمعوا quot;بتغيّر الفتوى لتغيّر الزمان والمكانquot;، وquot;بجلب المصالح ودفع المفاسدquot;؟، لقد رأى المجمع الفقهي الأمريكي أن هذا يصبُّ في مصلحة الدعوة الأمريكية، فغيّروا بعض الفتاوى للمصلحة، وهذا وارد في الأعراف الدوليّة)!
الحادي عشر: عندما انتصر الشّيخ بُوش في العراق، علا واستكبر وتجبّر، وحدث ما حدث من مآسٍ مثل quot;أبوغريبquot;، وهذه أخلاق العربي المنتصر!
إن الرئيس أو الشّيخ بُوش لم يأخذ هذه quot;الأخلاقquot; إلَّا من أفعال العرب، ومن يقرأ التاريخ العربي - مثل بُوش - سيُدرك أن العباسيين ndash; مثلاً ndash; عندما انتصروا نكَّلوا بالأمويين، وحرقوا الجثث، وبَقَروا بُطون النِّساء، وفي ذلك يقول أحد الشعراء:
يا ليت جور بني مروان دام لنا
وليت عدل بني العباس ما كانا!
وهذا ما يفعله الشّيخ بُوش بالضبط!.
الثّاني عشر: جمع الرئيس بُوش بين لقبي الشّيخ والرئيس، وهو في ذلك يقتدي بإمام من أئمة الثقافة العربيّة، وهو quot;ابن سيناquot; الذي جمع بين quot;بطولتي الدوري والكأسquot;، حين سُمي بـquot;الشّيخ الرئيسquot;!
الثّالث عشر: عندما بَدأت حرب quot;تحريرquot; العراق، حاول الشّيخ بُوش رفع معنويات جنوده، مُطالباً إيَّاهم بعزيمة وجُهد الفرسان الأوائل، لكنّه بالَغ في التوصيف عندما أصبغ عليهم صفة فرسان quot;الحُروب الصليبيةquot;، وهو بفعله هذا لا يختلف كثيراً عن بعض بني يعرب ممَّن يُصرُّون على إقحام الآيات والأحاديث في أفكارهم وصراعاتهم وممارساتهم المُدمّرة، أو يُعلّقونها في مَشاهد الخَطف والذّبح، أو التّهديد والوَعيد وذلك أضعف الإرهاب!
الرّابع عشر: يَنظر الشّيخ بُوش إلى مجتمعه نظرة مُشفق عليه من النَّار باعتباره أحد تَلاميذ المنظّر المشهور quot;شتراوسquot; أحد رموز المُحافظين الجُدد ndash; أي الصحويين في أمريكا -، ومردُّ هذه الشّفقة إلى انتشار الشُّذوذ والإجهاض والهيربيز والتقليعات الغريبة، وأن تربية أمريكا أصبحت quot;منزوعة الأخلاقquot;، وهذه النظرة لا تشبه فقط نظرية quot;المُحافظين الجددquot; في الثقافة الإسلاميّة بل تتطابق معها، فهم يََزعُمون أن المُجتمع فَسَد، وأن مُحدثات الأمور أخرجت الأمور عن سيطرتهم، وأن القَابض على دينه اليوم مِثل القَابض على الجمر بكفه!
في النهاية مَاذا بقي؟!
بقيّ القَول: إن الشّيخ بُوش دارِس وفَقيه وquot;جهبذquot; في الثّقافة العَربيّة رَغم أنف الأستاذ الصَديق شَاكر النابلسي الذي اتهمه في مَقَال نَشره في إيلاف يَقول فيه: quot;إن الرئيس بُوش لم يقرأ quot;مُقدّمة ابن خلدونquot; في توصيفه لأحوال العرب، لذا فالشّيخ بُوش حَرم نفسه من مَعلومات وعَلامات حَدّدها المُفكر ابن خلدون، لو عَلمها وفَقهها الشّيخ بُوش لكَان وضعه في العراق أبقى وأرقى وأنقىquot;!
من هذه الزاوية لا يمكن إلَّا أن أقول للدكتور النابلسي ndash; ليس دفاعاً عن الشّيخ بُوش بل دفاعاً عن الفكرة ndash; أن هذا الشّيخ لا يُضيره إن لم يَقرأ quot;المُقدّمةquot; التي أصبحت quot;مُؤخرةquot;، وقديماً قال بشار بن برد:
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كُلّها
كفى المرء نبلاً أن تُعدَ معايبه!
الخَامس عَشر: يَعتب البَعض على الشّيخ بُوش بأنه يَحلق لِحيته، وهذا لا يَليق بطالب العِلم الفقيه، ولكن هذا الشّيخ لم يأتِ ببدعة، فهو قد اقتدى بالعالِم الإمام سيّد قُطب ndash; أكبر منظّري الفكر الجهادي في العصر الحديث ndash; وهذا القُطب، كان يحلق لحيته، ولم يُعاتَب على ذلك، وعندما سُئل أحد المشايخ النَجديين الذي أُشربوا في قلوبهم حُب سيّد قُطب عن أمر لحية الأخير، قال على الفور: (الشّيخ سيّد قُطب كان شعور بلا شعر، أما نحن فشعر بلا شعور)!
السادس عشر:عندما ضرب الشيخ بوش أفغانستان في شهر رمضان, عوتب على انتهاك حرمات هذا الشهرالفضيل فأجاب قائلا: لقد وقعت معركة بدر الكبرى في هذا الشهر,ونحن نقتدي بذلك!
من هُنا يمكن القول: إن الشّيخ بُوش يحمل شعوراً إسلامياً بلا شعر يستر الوجه من خلال لحية عريضة.
التعليقات