من مفكرة سفير عربي في اليابان
يعتقد علماء الاجتماع بأن المعجزة الاقتصادية التي حققتها اليابان بعد الحرب العالمية الثانية مرتبطة بمميزات الشخصية اليابانية. فبعد أن احتلت جنود الحلفاء اليابان عام 1945، طلب الجنرال مكارثر من رجال القانون المتخصصين في الدستور الياباني بإعداد دستور جديد للبلاد. فشكلت لجنة يابانية لدراسة صياغة الدستور الجديد وبعد شهور تقدمت اللجنة بدستورها للجنرال مكارثر الذي اعتبره نسخة من الدستور الياباني القديم. فرفض الجنرال الأمريكي هذا الدستور، وعين أثنين من عساكره المتخصصين في القانون للعمل على أعداد الدستور الجديد. وبعد أن تم أعداد الدستور، عرض على فريق ياباني متخصص لمراجعته، ولكن لم يسمح لهذا الفريق بتغير أي من مواده الأساسية. ثم عرض الدستور على البرلمان، وتم الاتفاق على تقديمه لاستفتاء الموافقة الشعبية. ويقال بأنه قد ترافق كل ذلك بإنذار أمريكي مبطن يربط الموافقة على الدستور الجديد بالمحافظة على حياة الإمبراطور الذي أعتبره الحلفاء مسئولا عن الحرب المدمرة. وقد قبل الشعب الياباني بالدستور الأمريكي، وعمل به وبذكاء ضمن واقعه وثقافته التقليدية، وبدون تغير أي من مواده حتى لحظة كتابة هذا المقال. وقد أدت الحكمة اليابانية للتعلم من أخطاء الحرب، وبالقبول بسيطرة الحلفاء، وبالاستفادة من الحرب الباردة، لتحول الشعب الأمريكي لرفيق درب مشارك في التنمية التكنولوجية والاقتصادية لليابان المعاصرة. والسؤال لعزيزي القارئ هل تمكن الشعب الياباني تحقيق معجزته الاقتصادية لو تعامل مع المحتل بانفعالات الحقد والانتقام، ولم يتناسى بذكائه العاطفي دمار القنبلتين النوويتين ليعمل مع العدو كشريك ويستفيد من إبداعاته التكنولوجية؟
ويستغرب البعض من مميزات الشخصية اليابانية التي استطاعت الرضوخ للأمر الواقع وعملت بدستور العدو بدل أن تقاومه لتحول اقتصاد اليابان لثاني اقتصاد عالمي. وعملت هذه الشخصية مع إدارة الاحتلال لتطوير التعليم واستفادت من العلوم الطبيعية والصناعة التكنولوجية الأمريكية لتطوير البلاد. كما شاركت في اتفاقية الجات منذ الخمسينيات لتهيئة البلاد للدخول في منافسة التجارة العالمية. وعمل المواطن الياباني بجد وإتقان ليستطيع خلال عقود قليلة أن يطور تكنولوجية الغرب ليبني بها قاعدة بلاده الصناعية والتكنولوجية، ولينافس وبجدارة بمنتجات بلاده التكنولوجية في الأسواق العالمية. وقد أدت هذه المنافسة لإفلاس الكثير من الصناعات الأمريكية، بل لتصل هذه المنافسة لعقر دار العدو السابق، لتقوم اليابان بشراء الكثير من الشركات والممتلكات العقارية الأمريكية. والأغرب من كل ذلك بأن توافق الولايات المتحدة، التي صنعت أول قنبلة نووية وألقتها على المدن اليابانية، للسماح للشركات اليابانية ببناء المحطات النووية المنتجة للطاقة الكهربائية في قلب المدن الأمريكية.
وقد استمر الشعب الياباني العمل بكل جد وإخلاص لتطوير اقتصاده خلال العقود الستة الماضية ، وعمل على خلق تناغم جميل بين التقدم التكنولوجي والاقتصادي مع التطور الاجتماعي. كما شجع الربط بين العلوم الطبيعية المادية مع العلوم الروحية بإنشاء مؤسسة جائزة كيوتو العالمية الموازية لجائزة نوبل، والتي تعتمد فلسفتها على خلق بيئة تعليمية تجمع بين الاختراعات التكنولوجية والاستفادة منها في خدمة ورقي البشرية بعيدة عن الحروب وآلياتها المدمرة، مع المحافظة على البيئة الطبيعة وتقنين استهلاك مواردها. واستطاعت اليابان أن تزيد من نسب إنتاجها المحلي الإجمالي، وعملت لزيادة طبقتها المتوسطة لتشمل معظم شعبها، واهتمت بالتوزيع العادل للثروة، وثبطت الروح الفردية بين مواطنيها، وشجعت الشراكة المجتمعية.
لقد حاول الشعب الياباني بعد مغامرات عساكره في الحروب الأسيوية والعالمية أن يبدأ من جديد بخلق مجتمع مسالم ومتناغم في شراكة العمل ضمن أفراد شعبه ومع مختلف دول العالم في الأمم المتحدة. وعمل وبكل إصرار لخلق مجتمع عادل ومتجانس تبرز فيه واجب مواطنيه قبل حقوقهم. وينظر الشعب الياباني لأفراد مجتمعه كالنظر للطاولة اليابانية الخشبية الجميلة والمسطحة ولا يبدو على سطحها أية بروز شاذ لأفراده أدبا وخلقا وعلما ومادة. وهناك مقولة يابانية تؤكد بضرورة طرق المسمار البارز ليرجع جمال سطح الطاولة المتجانس، ممثلا بذلك ضرورة المحافظة على جمال التجانس والتناغم المجتمعي بمعاقبة من تساوره نفسه بالتلاعب به. ويلاحظ الدارس للشخصية اليابانية الخجل البسيط وعدم حب الظهور، والمحافظة على التوافق في الحوار، والابتعاد عن المجادلة، وقلة الكلام، ودقة التعبير، وعمق الإصغاء، وعمل الفريق المتعاون وبتناغم جميل وبإنتاجية عالية. ويعزى نجاح المؤسسات اليابانية لاحترامها لأفرادها وضمان وظائفهم وتأمينهم الصحي والتقاعدي والتعطل، وبارتباط قراراتها بالمشاركة المؤسسية وبشكل هرمي جميل. فيناقش الأفراد قرارات المؤسسة من القاعدة حتى القمة، ليصدر القرار بشكل شمولي تستغل فيه جميع عقول المؤسسة في دراسة القرار والإبداع في إصداره. وحينما يتم العمل بهذا القرار يكون فرقاء العمل متفهمين لجميع جوانبه ويشعرون بأنهم مشاركين في إصداره، ويعملون وبإصرار على إنجاحه.
لذلك اشتهرت اليابان بتميزها في الإدارة الناجحة، واستطاعت بذلك تطوير شركاتها الصناعية والخدمية لشركات منافسة ومربحة. ويتناوب القيادة الموظفين بمختلف مجالات العمل في المؤسسات الخاصة، كما تتغير قيادة الحكومة والوزارات بشكل سريع ومتكرر، فلا يزيد متوسط بقاء الوزير في منصبه أكثر من عاميين متتاليين. وتنتقل القيادات اليابانية من مسؤولية لأخرى، وحينما تصل لسن التقاعد تستمر في العمل الاستشاري أو الأعمال التطوعية. وتعتبر المراكز القيادية مواقع للمسئولية والإنتاجية وليست مراكز للفخر والبرستيج. ومن المعروف بأنه حينما تقل أرباح الشركة اليابانية يستقيل المسئول عن القيادة. أما الفساد والفشل الإداري عادة يؤدي للانتحار لتطهير الروح وسمعة العائلة من دنس الفشل والتجاوزات. ولا يسمح في اليابان بإعطاء المسئول لأي هدية تتجاوز عن ما يقارب المائة دولار، ولا يرضى مستخدمي الخدمات بقبول أية إكرامية بل يرفضونها وبإصرار ويعتبرونها إساءة لهم.
وقد أصبحت ثقافة العمل ضمن الفريق المتناغم منغمسة في العقل والروح اليابانية، وأصبح جزء مهم من طريقة تفكيره. وقد وضح ذلك رون هوبر في مقاله الذي نشر في اليابان تايمز في الثاني عشر من شهر مارس من هذا العام. فقد ناقش بحث علمي يبين تأثير الثقافة اليابانية على طريقة التفكير والعمل وذلك من خلال دراسة كندية عرضت فيها صورة وجه مركزية وحولها أربعة وجوه مختلفة في تعبيرها الانفعالي، على مجموعة من المتطوعين اليابانيين والأمريكيين. وطلب منهم النظر للصورة وتسجيل ملاحظاتهم عن انفعالات الفرح والحزن والغضب في الوجه المركزي والوجه الأربعة المحيطة به. وحدد السؤال بطلب ملاحظة العواطف الانفعالية البارزة على الوجه المركزي في وسط الصورة. وقد أكد البحث بأن 72% من مجموعة المتطوعين الأمريكيين ركزوا على الانفعالات البارزة في وجه الصورة المركزي ولم يتأثروا بما حولها من الوجوه. بينما ركز 72% من المتطوعين اليابانيين على الوجوه الأربع المحيطة بالإضافة للتركيز على الوجه المركزي. وقد تبين للباحثين بأن العقل الأمريكي يركز على الوجه المركزي ولا يهتم بما حوله، بينما يهتم العقل الياباني بشمولية الوجه بملاحظة ما حوله من تناغم في محيطه. وأستنتج الباحث بأن الشخصية الأمريكية تركز على الفرد بينما تلاحظ الشخصية اليابانية تناغم الفريق. فالعقل الياباني ينظر لما حوله دائما بشمولية النظر للكل. وقد عبر عن ذلك البروفيسور الكندي ذو الأصول اليابانية تاكاهيكو ماسودا، الأستاذ بجامعة البرتا الكندية، في بحثه بمجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي بقوله: quot;فقد بينت نتيجة البحث بأنه حينما يحاول الفرد الأمريكي أن يقرر كيفية إنفعال الشخص في الصورة، يركز على صورة أحد الوجوه، بينما يعطي الياباني الاعتبار لباقي الوجه المحيطة به ليعبر عما شاهده في الصورة المركزية.quot; ليؤكد البروفيسور بذلك بأن طريقة التفكير اليابانية مرتبطة بالشمولية المجتمعية لا بالشخصية الفردية. وقد قام البروفيسور ماسودا بمراقبة تحركات هذه العيون حينما كانت تحاول أن تقرر نوعية العاطفة التي تعبر عنها الصورة. ولاحظ الباحث بأن العيون اليابانية ركزت على الأشخاص المحيطين بمركز الصورة أكثر من العيون الأمريكية، وعلق يقول: quot;فمع أن الفرد الياباني والأمريكي يركز على الوجه المركزي في الثانية الأولى من نظرته ولكن ينتقل الياباني في الثانية القادمة إلى أطراف الصورة بينما يستمر الأمريكي بالنظر في مركز الصورة.quot; فيبدو بأن الشخصية اليابانية لديها نظرة شمولية لإدراك الأشخاص من خلال العلاقة التي تربطها بالآخرين. بينما يستطيع الأمريكي وبسهولة أن يعزل نظرته للفرد عن ما حول محيطه من أشخاص. ويعبر الشعب الياباني عن هذا الإدراك بالتعبير الياباني quot;بقراءة الهواءquot; أي حينما تنظر الشخصية اليابانية لشيء ما، تقرءا وبدقة ما حول الشيء من هواء، أي تلاحظ التفاصيل المحيطة الدقيقة والصغيرة جدا والتي قد تكون بحجم ذرات الهواء الغير مرئية.
سفير مملكة البحرين باليابان
ويستغرب البعض من مميزات الشخصية اليابانية التي استطاعت الرضوخ للأمر الواقع وعملت بدستور العدو بدل أن تقاومه لتحول اقتصاد اليابان لثاني اقتصاد عالمي. وعملت هذه الشخصية مع إدارة الاحتلال لتطوير التعليم واستفادت من العلوم الطبيعية والصناعة التكنولوجية الأمريكية لتطوير البلاد. كما شاركت في اتفاقية الجات منذ الخمسينيات لتهيئة البلاد للدخول في منافسة التجارة العالمية. وعمل المواطن الياباني بجد وإتقان ليستطيع خلال عقود قليلة أن يطور تكنولوجية الغرب ليبني بها قاعدة بلاده الصناعية والتكنولوجية، ولينافس وبجدارة بمنتجات بلاده التكنولوجية في الأسواق العالمية. وقد أدت هذه المنافسة لإفلاس الكثير من الصناعات الأمريكية، بل لتصل هذه المنافسة لعقر دار العدو السابق، لتقوم اليابان بشراء الكثير من الشركات والممتلكات العقارية الأمريكية. والأغرب من كل ذلك بأن توافق الولايات المتحدة، التي صنعت أول قنبلة نووية وألقتها على المدن اليابانية، للسماح للشركات اليابانية ببناء المحطات النووية المنتجة للطاقة الكهربائية في قلب المدن الأمريكية.
وقد استمر الشعب الياباني العمل بكل جد وإخلاص لتطوير اقتصاده خلال العقود الستة الماضية ، وعمل على خلق تناغم جميل بين التقدم التكنولوجي والاقتصادي مع التطور الاجتماعي. كما شجع الربط بين العلوم الطبيعية المادية مع العلوم الروحية بإنشاء مؤسسة جائزة كيوتو العالمية الموازية لجائزة نوبل، والتي تعتمد فلسفتها على خلق بيئة تعليمية تجمع بين الاختراعات التكنولوجية والاستفادة منها في خدمة ورقي البشرية بعيدة عن الحروب وآلياتها المدمرة، مع المحافظة على البيئة الطبيعة وتقنين استهلاك مواردها. واستطاعت اليابان أن تزيد من نسب إنتاجها المحلي الإجمالي، وعملت لزيادة طبقتها المتوسطة لتشمل معظم شعبها، واهتمت بالتوزيع العادل للثروة، وثبطت الروح الفردية بين مواطنيها، وشجعت الشراكة المجتمعية.
لقد حاول الشعب الياباني بعد مغامرات عساكره في الحروب الأسيوية والعالمية أن يبدأ من جديد بخلق مجتمع مسالم ومتناغم في شراكة العمل ضمن أفراد شعبه ومع مختلف دول العالم في الأمم المتحدة. وعمل وبكل إصرار لخلق مجتمع عادل ومتجانس تبرز فيه واجب مواطنيه قبل حقوقهم. وينظر الشعب الياباني لأفراد مجتمعه كالنظر للطاولة اليابانية الخشبية الجميلة والمسطحة ولا يبدو على سطحها أية بروز شاذ لأفراده أدبا وخلقا وعلما ومادة. وهناك مقولة يابانية تؤكد بضرورة طرق المسمار البارز ليرجع جمال سطح الطاولة المتجانس، ممثلا بذلك ضرورة المحافظة على جمال التجانس والتناغم المجتمعي بمعاقبة من تساوره نفسه بالتلاعب به. ويلاحظ الدارس للشخصية اليابانية الخجل البسيط وعدم حب الظهور، والمحافظة على التوافق في الحوار، والابتعاد عن المجادلة، وقلة الكلام، ودقة التعبير، وعمق الإصغاء، وعمل الفريق المتعاون وبتناغم جميل وبإنتاجية عالية. ويعزى نجاح المؤسسات اليابانية لاحترامها لأفرادها وضمان وظائفهم وتأمينهم الصحي والتقاعدي والتعطل، وبارتباط قراراتها بالمشاركة المؤسسية وبشكل هرمي جميل. فيناقش الأفراد قرارات المؤسسة من القاعدة حتى القمة، ليصدر القرار بشكل شمولي تستغل فيه جميع عقول المؤسسة في دراسة القرار والإبداع في إصداره. وحينما يتم العمل بهذا القرار يكون فرقاء العمل متفهمين لجميع جوانبه ويشعرون بأنهم مشاركين في إصداره، ويعملون وبإصرار على إنجاحه.
لذلك اشتهرت اليابان بتميزها في الإدارة الناجحة، واستطاعت بذلك تطوير شركاتها الصناعية والخدمية لشركات منافسة ومربحة. ويتناوب القيادة الموظفين بمختلف مجالات العمل في المؤسسات الخاصة، كما تتغير قيادة الحكومة والوزارات بشكل سريع ومتكرر، فلا يزيد متوسط بقاء الوزير في منصبه أكثر من عاميين متتاليين. وتنتقل القيادات اليابانية من مسؤولية لأخرى، وحينما تصل لسن التقاعد تستمر في العمل الاستشاري أو الأعمال التطوعية. وتعتبر المراكز القيادية مواقع للمسئولية والإنتاجية وليست مراكز للفخر والبرستيج. ومن المعروف بأنه حينما تقل أرباح الشركة اليابانية يستقيل المسئول عن القيادة. أما الفساد والفشل الإداري عادة يؤدي للانتحار لتطهير الروح وسمعة العائلة من دنس الفشل والتجاوزات. ولا يسمح في اليابان بإعطاء المسئول لأي هدية تتجاوز عن ما يقارب المائة دولار، ولا يرضى مستخدمي الخدمات بقبول أية إكرامية بل يرفضونها وبإصرار ويعتبرونها إساءة لهم.
وقد أصبحت ثقافة العمل ضمن الفريق المتناغم منغمسة في العقل والروح اليابانية، وأصبح جزء مهم من طريقة تفكيره. وقد وضح ذلك رون هوبر في مقاله الذي نشر في اليابان تايمز في الثاني عشر من شهر مارس من هذا العام. فقد ناقش بحث علمي يبين تأثير الثقافة اليابانية على طريقة التفكير والعمل وذلك من خلال دراسة كندية عرضت فيها صورة وجه مركزية وحولها أربعة وجوه مختلفة في تعبيرها الانفعالي، على مجموعة من المتطوعين اليابانيين والأمريكيين. وطلب منهم النظر للصورة وتسجيل ملاحظاتهم عن انفعالات الفرح والحزن والغضب في الوجه المركزي والوجه الأربعة المحيطة به. وحدد السؤال بطلب ملاحظة العواطف الانفعالية البارزة على الوجه المركزي في وسط الصورة. وقد أكد البحث بأن 72% من مجموعة المتطوعين الأمريكيين ركزوا على الانفعالات البارزة في وجه الصورة المركزي ولم يتأثروا بما حولها من الوجوه. بينما ركز 72% من المتطوعين اليابانيين على الوجوه الأربع المحيطة بالإضافة للتركيز على الوجه المركزي. وقد تبين للباحثين بأن العقل الأمريكي يركز على الوجه المركزي ولا يهتم بما حوله، بينما يهتم العقل الياباني بشمولية الوجه بملاحظة ما حوله من تناغم في محيطه. وأستنتج الباحث بأن الشخصية الأمريكية تركز على الفرد بينما تلاحظ الشخصية اليابانية تناغم الفريق. فالعقل الياباني ينظر لما حوله دائما بشمولية النظر للكل. وقد عبر عن ذلك البروفيسور الكندي ذو الأصول اليابانية تاكاهيكو ماسودا، الأستاذ بجامعة البرتا الكندية، في بحثه بمجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي بقوله: quot;فقد بينت نتيجة البحث بأنه حينما يحاول الفرد الأمريكي أن يقرر كيفية إنفعال الشخص في الصورة، يركز على صورة أحد الوجوه، بينما يعطي الياباني الاعتبار لباقي الوجه المحيطة به ليعبر عما شاهده في الصورة المركزية.quot; ليؤكد البروفيسور بذلك بأن طريقة التفكير اليابانية مرتبطة بالشمولية المجتمعية لا بالشخصية الفردية. وقد قام البروفيسور ماسودا بمراقبة تحركات هذه العيون حينما كانت تحاول أن تقرر نوعية العاطفة التي تعبر عنها الصورة. ولاحظ الباحث بأن العيون اليابانية ركزت على الأشخاص المحيطين بمركز الصورة أكثر من العيون الأمريكية، وعلق يقول: quot;فمع أن الفرد الياباني والأمريكي يركز على الوجه المركزي في الثانية الأولى من نظرته ولكن ينتقل الياباني في الثانية القادمة إلى أطراف الصورة بينما يستمر الأمريكي بالنظر في مركز الصورة.quot; فيبدو بأن الشخصية اليابانية لديها نظرة شمولية لإدراك الأشخاص من خلال العلاقة التي تربطها بالآخرين. بينما يستطيع الأمريكي وبسهولة أن يعزل نظرته للفرد عن ما حول محيطه من أشخاص. ويعبر الشعب الياباني عن هذا الإدراك بالتعبير الياباني quot;بقراءة الهواءquot; أي حينما تنظر الشخصية اليابانية لشيء ما، تقرءا وبدقة ما حول الشيء من هواء، أي تلاحظ التفاصيل المحيطة الدقيقة والصغيرة جدا والتي قد تكون بحجم ذرات الهواء الغير مرئية.
سفير مملكة البحرين باليابان
التعليقات