من تاريخ التعذيب في الإسلام- تأليف الأستاذ هادي العلوي
منشورات دار المدى للثقافة والنشر
الطبعة الثالثة 2001
منشورات دار المدى للثقافة والنشر
الطبعة الثالثة 2001
تحذير
يتضمن هذا العرض، وما يليه، مشاهد عنيفة مؤلمة، وربما مؤذية لذوي المشاعر الإنسانية، والعواطف الرقيقة، لذلك اقتضى التنويه.
يتضمن هذا العرض، وما يليه، مشاهد عنيفة مؤلمة، وربما مؤذية لذوي المشاعر الإنسانية، والعواطف الرقيقة، لذلك اقتضى التنويه.
عرض عام
يبدأ المؤلف الأستاذ هادي العلوي كتابه بشرح معنى التعذيب، ويقول: إن العذاب يرد في القرآن عند وصف العقاب في الآخرة، الذي يتم بتعريض أهل النار لصنوف من العقوبات وصفت في القرآن والحديث. وما يعدده القرآن من هذه العقوبات ينطوي اصطلاحا تحت طائلة التعذيب. ومنه: التحريق- الشي بإنضاج الجلود- التجويع- التعطيش- سقي الصديد، أي القيح- سقي المهل، أي المعادن المذابة.
إن جميع هذه الأشكال والفنون من التعذيب قد استخدمها الخلفاء الأمويون والعباسيون المتعاقبون لتعذيب الناس، وقتلهم، بعد أن كان قطع الرأس بالسيف هو الوسيلة الشائعة للقتل. وقد أضاف الحجاج إليها الصلب بعد القتل. وأول من طبق بحقه هذه العقوبة هو (ميثم الثمار).
تطورت أساليب القتل في خلافة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك الذي طبّق بنفسه طريقة القتل بقطع الأيدي والأرجل. وهي الطريقة التي قتل بها (غيلان بن مسلم الدمشقي) بتهمة القول بالقدر. وبنفس التهمة ذبح أو ضحّى خالد القسري أمير العراق، صباح العيد في المسجد وتحت المنبر ب (الجعد بن درهم).
وخالد القسري الذي كان قبل العراق واليا على الحجاز، طالته فيما بعد عدالة الأرض والسماء، وسقته من الكأس نفسها التي سقى منها الناس، فكما قتل بالتعذيب، عُذب حتى مات. وكان قد هدد أهل الحجاز بأن من يطعن بالخليفة سيُصلب في الحرم داخل البيت الحرام الذي حرّمت الشريعة قتل الحيوان فيه، واختلف الفقهاء فيما إذا كان يجوز قتل الحيات والعقارب فيه. كما طبّق شقيقه (أسد) والي خراسان طريقة قطع الأيدي والأرجل والصلب على أتباع (الحارث بن سريج) الذي ثار على الأمويين. ويورد الطبري رواية تفيد أن القتل حرقا تم استخدامه في خلافة أمير المؤمنين هشام، وولاية خالد القسري لإعدام (المغيرة بن سعيد العجلي). quot;تشير بعض الروايات أن محمد بن أبي بكر قُتل حرقا أيضا بعد وضعه مقيدا في بطن حمار وأُضرمت فيهما النارquot;
وقد تابع الخلفاء العباسيون تراث أسلافهم خلفاء بني أمية، وأضافوا إليه. ويذكر الطبري أن عدد من أعدمهم أبو مسلم الخراساني قد بلغ ستمائة ألف رجل. أما اليعقوبي فيقول إن عددهم بلغ مائة ألف، quot;وهو التقدير الأصح أو الأقرب للمعقولquot;. وإن إبراهيم الإمام زعيم الدعوة العباسية قد كتب إلى أبي مسلم الخراساني يأمره بقتل كل غلام بلغ خمسة أشبار إذا شك في أمره. وفي (مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني) روايات تفيد أن الخليفة المنصور قد قتل بعض العلويين بدفنهم أحياء (طه الحلبي- القاهرة 1949- ص 228).
تطور بعد ذلك القتل بطريقة تقطيع الأوصال، إلى زيادة عدد الأوصال المقطعة. فبعد أن كان يتم قطع الأيدي والأرجل دفعة واحدة، صار يتم تقطيع الأيدي على عدة مراحل، وإلى عدة قطع، وتقطيع الأرجل كذلك على عدة مراحل، وإلى عدة قطع أيضا. كما صاروا يضمون إلى الأيدي والأرجل أجزاء أخرى تُقطع من الجسم. وقد جعلها أمير المؤمنين الخليفة الرشيد (أربعة عشر قطعة) إضافة إلى تطوير الوسيلة التي يتم بها القطع، إذ صارت تُستخدم في القطع كما يقول الطبري في تاريخه، مدية غير حادة، بدلا من السيف. وقد وصل القتل بالتعذيب إلى أبشع حالاته بعد الحقبة العباسية الأولى.
يبدأ المؤلف الأستاذ هادي العلوي كتابه بشرح معنى التعذيب، ويقول: إن العذاب يرد في القرآن عند وصف العقاب في الآخرة، الذي يتم بتعريض أهل النار لصنوف من العقوبات وصفت في القرآن والحديث. وما يعدده القرآن من هذه العقوبات ينطوي اصطلاحا تحت طائلة التعذيب. ومنه: التحريق- الشي بإنضاج الجلود- التجويع- التعطيش- سقي الصديد، أي القيح- سقي المهل، أي المعادن المذابة.
إن جميع هذه الأشكال والفنون من التعذيب قد استخدمها الخلفاء الأمويون والعباسيون المتعاقبون لتعذيب الناس، وقتلهم، بعد أن كان قطع الرأس بالسيف هو الوسيلة الشائعة للقتل. وقد أضاف الحجاج إليها الصلب بعد القتل. وأول من طبق بحقه هذه العقوبة هو (ميثم الثمار).
تطورت أساليب القتل في خلافة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك الذي طبّق بنفسه طريقة القتل بقطع الأيدي والأرجل. وهي الطريقة التي قتل بها (غيلان بن مسلم الدمشقي) بتهمة القول بالقدر. وبنفس التهمة ذبح أو ضحّى خالد القسري أمير العراق، صباح العيد في المسجد وتحت المنبر ب (الجعد بن درهم).
وخالد القسري الذي كان قبل العراق واليا على الحجاز، طالته فيما بعد عدالة الأرض والسماء، وسقته من الكأس نفسها التي سقى منها الناس، فكما قتل بالتعذيب، عُذب حتى مات. وكان قد هدد أهل الحجاز بأن من يطعن بالخليفة سيُصلب في الحرم داخل البيت الحرام الذي حرّمت الشريعة قتل الحيوان فيه، واختلف الفقهاء فيما إذا كان يجوز قتل الحيات والعقارب فيه. كما طبّق شقيقه (أسد) والي خراسان طريقة قطع الأيدي والأرجل والصلب على أتباع (الحارث بن سريج) الذي ثار على الأمويين. ويورد الطبري رواية تفيد أن القتل حرقا تم استخدامه في خلافة أمير المؤمنين هشام، وولاية خالد القسري لإعدام (المغيرة بن سعيد العجلي). quot;تشير بعض الروايات أن محمد بن أبي بكر قُتل حرقا أيضا بعد وضعه مقيدا في بطن حمار وأُضرمت فيهما النارquot;
وقد تابع الخلفاء العباسيون تراث أسلافهم خلفاء بني أمية، وأضافوا إليه. ويذكر الطبري أن عدد من أعدمهم أبو مسلم الخراساني قد بلغ ستمائة ألف رجل. أما اليعقوبي فيقول إن عددهم بلغ مائة ألف، quot;وهو التقدير الأصح أو الأقرب للمعقولquot;. وإن إبراهيم الإمام زعيم الدعوة العباسية قد كتب إلى أبي مسلم الخراساني يأمره بقتل كل غلام بلغ خمسة أشبار إذا شك في أمره. وفي (مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني) روايات تفيد أن الخليفة المنصور قد قتل بعض العلويين بدفنهم أحياء (طه الحلبي- القاهرة 1949- ص 228).
تطور بعد ذلك القتل بطريقة تقطيع الأوصال، إلى زيادة عدد الأوصال المقطعة. فبعد أن كان يتم قطع الأيدي والأرجل دفعة واحدة، صار يتم تقطيع الأيدي على عدة مراحل، وإلى عدة قطع، وتقطيع الأرجل كذلك على عدة مراحل، وإلى عدة قطع أيضا. كما صاروا يضمون إلى الأيدي والأرجل أجزاء أخرى تُقطع من الجسم. وقد جعلها أمير المؤمنين الخليفة الرشيد (أربعة عشر قطعة) إضافة إلى تطوير الوسيلة التي يتم بها القطع، إذ صارت تُستخدم في القطع كما يقول الطبري في تاريخه، مدية غير حادة، بدلا من السيف. وقد وصل القتل بالتعذيب إلى أبشع حالاته بعد الحقبة العباسية الأولى.
أسباب التعذيب
1- التعذيب للاعتراف: ويشمل انتزاع المعلومات والاعترافات من المتهمين بالقضايا الجنائية، كالقتل والسرقة. ولم تُستخدم في هذه الحالات أساليب شنيعة أو خارقة للعادة، نظرا لعدم مساس هذه الجرائم بأمن الخليفة، والمصالح المباشرة للطبقة الحاكمة.
2- التعذيب للجباية: وقد استخدم لتحصيل الخراج أو الجزية من الفلاحين وأهل الذمة. وقد ظهرت هذه الممارسة أيام الصحابة كما تشير بعض الروايات. ولكن دون تعيين ما إذا كانت قد حدثت في زمن خليفة راشد، أم خليفة أموي. وقد تفاقم تعذيب الخاضعين للجزية أو الخراج على يد الأمويين بسبب حاجتهم الماسة للمال. وبسبب الامتناع عن الدفع نتيجة سياسة الإفقار التي اتبعها الأمويون ضد مجمل السكان.
وما يدل أن التعذيب كان قاعدة متبعة في جباية الأموال، هو ما عناه أبو حمزة الخارجي (الأغاني) في خطبته التي ألقاها بالمدينة إثر احتلالها عام (128هجرية) والتي قال فيها مشيرا إلى الخليفة الأموي (لبس بردتين قد حيكا له، وقومتا على أهلها بألف دينار، قد أٌخذت من غير محلها، وصُرفت من غير وجهها، بعد أن ضُربت فيها الأبشار quot;جمع بشرةquot; وحُلقت فيها الأشعار quot;أي الشعرquot;) ويقصد: جلد الخاضعين للجزية والخراج، وحلق شعورهم لإرغامهم على الدفع. وقد صدرت عن عمر بن عبد العزيز عند استخلافه تعليمات تضمنت النهي عن كل صنوف التعذيب ولأي غرض كان. ولكن موته العاجل بعد أقل من ثلاث سنوات قد أعاد الأمور إلى حالها السابق quot;وحليمة إلى عادتها القديمةquot;.
3- التعذيب كعقوبة: ويتضمن هذا الباب بعض مواد العقوبات التي نصت عليها الشريعة الإسلامية. وهي الجلد للسكران والزاني غير المحصن، وقطع يد السارق، وقطع أيدي وأرجل قطاع الطرق، وصلبهم. وهذه العقوبات هي تعذيب جسدي ونفسي، سواء أكانت خفيفة نسبيا كالجلد، أو شديدة جدا كالرجم، أو قطع الأيدي والأرجل. وهذا ما يميز هذه العقوبات عن العقوبات الاعتيادية كالسجن الذي فرضته القوانين الحديثة. ومن الناحية العملية لم يُستخدم الرجم كعقوبة إلا نادرا، بخلاف الجلد، وقع الأوصال، والصلب.
إلا أن عقوبات التعذيب لم تقتصر على تلك التي حددها الشرع، وإنما امتدت إلى جرائم عادية أخرى لم يحدها الشرع. وقد حدثت مثل هذه الخروقات أيام النبي محمد (ص) حين أرسل مفرزة بقيادة زيد بن حارثة إلى (أم قرفة) وكانت من رؤوس غطفان، شديدة التأليب على المسلمين. وقد تمكن زيد ومفرزته من (أم قرفة) فربطوا ساقيها إلى فرسين، وشقوها نصفين. ثم قطعوا رأسها، وطافوا به في المدينة (الروض الأنف- السهيلي).
وقد مد الخلفاء المسلمون هذه العقوبات إلى جرائم أخرى، كما استخدموها للانتقام الشخصي. ومن أمثلة ذلك تعذيب (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل علي بن أبي طالب (في الاختصاص للمفيد أن عليا قال لابنه الحسن: اقتل قاتلي، وإياك المثلة) ومن أمثلة ذلك أيضا تعذيب الخادم الذي قتل (أبو سعيد الجنابي) الحاكم القرمطي في شرقي الجزيرة العربية.
4- تعذيب المقابلة بالمثل: وقد ورد عن النبي محمد (ص) في حادث (العرنيين) الذين استولوا على إبل للنبي وقتلوا راعيها، وقطعوا يديه ورجليه، وغرزوا الشوك في عينيه ولسانه حتى مات. فأرسل النبي محمد (ص) في طلبهم، فأدركوهم، وقطعوا أيديهم وأرجلهم، وسملوا أعينهم، وألقوهم في الشمس حتى ماتوا (ابن عبد البر- الاستيعاب). وتقر الشريعة هذا الشكل من العقوبة في مبدأ المقابلة بالمثل عذرا شرعيا للتعذيب. وهو مبدأ استمده الخلفاء المسلمون عبر التوراة من قانون (حمو رابي). وهذا هو السبب الذي لم يكن يجعل الحكام المسلمين يشعرون بالحاجة إلى الاعتذار عن سياستهم، لأنها مقامة على أساس الشريعة.
كما ظهر التعذيب أيضا في معاقبة الهاربين من الجيش. وقد تطور هذا النوع من العقاب، من التعزير أيام الخلفاء الراشدين (إقامة الهارب حاسر الرأس في مكان عام للتشهير به) إلى نزع العمامة وحلق شعر الرأس واللحية، إلى التعذيب الجسدي الذي أيام بشر بن مروان شقيق الخليفة عبد الملك بن مروان. فكان الهارب يُرفع عن الأرض، ويُدق في يديه مسماران في حائط على طريقة صلب المسيح، ويُترك لشأنه حتى يموت.
1- التعذيب للاعتراف: ويشمل انتزاع المعلومات والاعترافات من المتهمين بالقضايا الجنائية، كالقتل والسرقة. ولم تُستخدم في هذه الحالات أساليب شنيعة أو خارقة للعادة، نظرا لعدم مساس هذه الجرائم بأمن الخليفة، والمصالح المباشرة للطبقة الحاكمة.
2- التعذيب للجباية: وقد استخدم لتحصيل الخراج أو الجزية من الفلاحين وأهل الذمة. وقد ظهرت هذه الممارسة أيام الصحابة كما تشير بعض الروايات. ولكن دون تعيين ما إذا كانت قد حدثت في زمن خليفة راشد، أم خليفة أموي. وقد تفاقم تعذيب الخاضعين للجزية أو الخراج على يد الأمويين بسبب حاجتهم الماسة للمال. وبسبب الامتناع عن الدفع نتيجة سياسة الإفقار التي اتبعها الأمويون ضد مجمل السكان.
وما يدل أن التعذيب كان قاعدة متبعة في جباية الأموال، هو ما عناه أبو حمزة الخارجي (الأغاني) في خطبته التي ألقاها بالمدينة إثر احتلالها عام (128هجرية) والتي قال فيها مشيرا إلى الخليفة الأموي (لبس بردتين قد حيكا له، وقومتا على أهلها بألف دينار، قد أٌخذت من غير محلها، وصُرفت من غير وجهها، بعد أن ضُربت فيها الأبشار quot;جمع بشرةquot; وحُلقت فيها الأشعار quot;أي الشعرquot;) ويقصد: جلد الخاضعين للجزية والخراج، وحلق شعورهم لإرغامهم على الدفع. وقد صدرت عن عمر بن عبد العزيز عند استخلافه تعليمات تضمنت النهي عن كل صنوف التعذيب ولأي غرض كان. ولكن موته العاجل بعد أقل من ثلاث سنوات قد أعاد الأمور إلى حالها السابق quot;وحليمة إلى عادتها القديمةquot;.
3- التعذيب كعقوبة: ويتضمن هذا الباب بعض مواد العقوبات التي نصت عليها الشريعة الإسلامية. وهي الجلد للسكران والزاني غير المحصن، وقطع يد السارق، وقطع أيدي وأرجل قطاع الطرق، وصلبهم. وهذه العقوبات هي تعذيب جسدي ونفسي، سواء أكانت خفيفة نسبيا كالجلد، أو شديدة جدا كالرجم، أو قطع الأيدي والأرجل. وهذا ما يميز هذه العقوبات عن العقوبات الاعتيادية كالسجن الذي فرضته القوانين الحديثة. ومن الناحية العملية لم يُستخدم الرجم كعقوبة إلا نادرا، بخلاف الجلد، وقع الأوصال، والصلب.
إلا أن عقوبات التعذيب لم تقتصر على تلك التي حددها الشرع، وإنما امتدت إلى جرائم عادية أخرى لم يحدها الشرع. وقد حدثت مثل هذه الخروقات أيام النبي محمد (ص) حين أرسل مفرزة بقيادة زيد بن حارثة إلى (أم قرفة) وكانت من رؤوس غطفان، شديدة التأليب على المسلمين. وقد تمكن زيد ومفرزته من (أم قرفة) فربطوا ساقيها إلى فرسين، وشقوها نصفين. ثم قطعوا رأسها، وطافوا به في المدينة (الروض الأنف- السهيلي).
وقد مد الخلفاء المسلمون هذه العقوبات إلى جرائم أخرى، كما استخدموها للانتقام الشخصي. ومن أمثلة ذلك تعذيب (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل علي بن أبي طالب (في الاختصاص للمفيد أن عليا قال لابنه الحسن: اقتل قاتلي، وإياك المثلة) ومن أمثلة ذلك أيضا تعذيب الخادم الذي قتل (أبو سعيد الجنابي) الحاكم القرمطي في شرقي الجزيرة العربية.
4- تعذيب المقابلة بالمثل: وقد ورد عن النبي محمد (ص) في حادث (العرنيين) الذين استولوا على إبل للنبي وقتلوا راعيها، وقطعوا يديه ورجليه، وغرزوا الشوك في عينيه ولسانه حتى مات. فأرسل النبي محمد (ص) في طلبهم، فأدركوهم، وقطعوا أيديهم وأرجلهم، وسملوا أعينهم، وألقوهم في الشمس حتى ماتوا (ابن عبد البر- الاستيعاب). وتقر الشريعة هذا الشكل من العقوبة في مبدأ المقابلة بالمثل عذرا شرعيا للتعذيب. وهو مبدأ استمده الخلفاء المسلمون عبر التوراة من قانون (حمو رابي). وهذا هو السبب الذي لم يكن يجعل الحكام المسلمين يشعرون بالحاجة إلى الاعتذار عن سياستهم، لأنها مقامة على أساس الشريعة.
كما ظهر التعذيب أيضا في معاقبة الهاربين من الجيش. وقد تطور هذا النوع من العقاب، من التعزير أيام الخلفاء الراشدين (إقامة الهارب حاسر الرأس في مكان عام للتشهير به) إلى نزع العمامة وحلق شعر الرأس واللحية، إلى التعذيب الجسدي الذي أيام بشر بن مروان شقيق الخليفة عبد الملك بن مروان. فكان الهارب يُرفع عن الأرض، ويُدق في يديه مسماران في حائط على طريقة صلب المسيح، ويُترك لشأنه حتى يموت.
التعليقات