quot;آه ليست الحياة بسهلةquot; (سيغموند فرويد)

انعقدت في اليابان قمة عالمية على أعلى مستوى الأولى وتضم ثمانية دول كبرى ممثلة عن كل قارة وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان وروسيا وجوبهت بعدة مظاهرات في طوكيو نفسها منددة شعاراتها المرفوعة بتدهور الأوضاع المعيشية وقوبلت بقمة اسلامية موازية في كوالامبور تضم ثمانية دول اسلامية وهي ماليزيا وأندونيسيا وتركيا وايران وباكستان وتحاول أن تشكل نوع من الائتلاف الاقتصادي لمجابهة تحديات العولمة وتقلبات السوق العالمي.
وقد ناقشت مشاكل الطاقة والبيئة والغذاء وبعض النزعات السياسية بين الدول وما تعتبره المنظومة الدولية تعديات على قيم الديمقراطية وحقوق الانسان ووضع الحريات في العالم ولعل أهم اشكالية طرحت قصد الدرس هي السبب الحقيقي وراء غلاء الأسعار وتفجر أزمة غذاء في معظم دول العالم النامي،علاوة على ذلك تم التطرق الى الملف النووي لكل من كوريا الشمالية وايران وما يمثله ذلك من تهديد للأمن والسلم العالميين.
من نتائج قمة طوكيو أنها أوصت بفرض عقوبات اقتصادية على زمبابوي وعدم التعامل مع نظام موغابي السياسي لعدم احترامه مبدأ التداول السلمي للسلطة ولاضطهاده المعارضة وتزييفه للانتخابات وقد قوبلت هذه التوصية برفض الدول الافريقية المشاركة في القمة وهي الجزائر ونيجيريا.
اضافة الى ذلك أوصت قمة الدول الصناعية بأن تعمل الدول المنتجة للنفط على الزيادة في الانتاج بحيث يؤدي ذلك الى استقرار الأسعار وعدم التعويل على الوقود الحيوي الذي تنتجه البرازيل بشكل رئيسي والذي أدى الى تفجر أزمة غذاء عالمي وذلك نتيجة تعويل منتجيه على محاصيل الحبوب والذرة كمادة أولية عند صناعته.
من جهة مقابلة اهتم زعماء الدول المصنعة بالمسألة البيئية وسجلوا تخوفهم من ارتفاع درجة حرارة الأرض وتوسع ثقب طبقة الأزون واستدامة ظاهرة الانحباس الحراري وتزايد موجات الأعاصير والكوارث الطبيعية ولعل ملاحظة ذوبان ثلوج القارة القطبية الجنوبية في فصل الشتاء هو انذار بخطورة الموقف ولذلك أوصت القمة بالعمل على التخفيض من الغازات المنبعثة من المصانع الى حدود 2050 وخاصة غاز ثاني أسيد الكربون والذي مثل سببا رئيسيا في الكارثة البيئية التي حلت بكوكب الأرض والذي ينبعث من وسائل التبريد والتدفئة وقوارير العطر وبعض العقاقير والأدوية.
الحياة في العالم والتواجد على الأرض بالنسبة للأفراد والجماعات أصبح من الأمور المستعصية والمطالب صعبة المنال لأن كل الدلائل والمعطيات تشير الى تعقد الوضعية بالنسبة لمسألة الطاقة سواء زمن الحر أو القر وكذلك للحصول على شغل يحفظ الكرامة وغذاء صحي ودواء دون مضاعفات ولعل الاختلاف حول لمن الأولوية للغذاء أم للطاقة هو خير دليل على ذلك بل ان انعقاد قمة اسلامية في نفس الوقت التي تنعقد فيه قمة صناعية عالمية بمشاركة دول اسلامية وبوجود دول لها جاليات مسلمة وباصدار قرارات تضيق الخناق على بعض الدول المسلمة وهي ايران كل ذلك يوحي بتوتر
العلاقة بين الاسلام والعالم وبأن قرارات القمة الصناعية كلها موجهة للضغط على ايران وممارسة نوع من الحرب النفسية عليها حتى توقف تخصيب اليورانيوم وتتعاون مع واشنطن في الملفين العراقي والأفغاني وفي مسار السلام العربي الاسرائيلي وأن ذلك يصب في واد المزيد من التحكم في منابع النفط وتفكيك ما تبقى من الدول الخارجة عن الطوع والرافضة للتعاون والشراكة مع المجتمع الدولي.
من الطبيعي أن تكون أزمة الغذاء وندرة فرص الشغل هي من الانعكاسات السلبية للعولمة وأن دول المركز تستعل مسألة الغذاء لاحكام قبضتها على دول الأطراف وأن الدول الشمولية تستغل أزمة الطاقة للترفيع في ثمن السلع والتخلي عن الحماية الاجتماعية والتخلص من صندوق التعويض وكل شكل من أشكال القطاع العام، لكن ما يلفت الانتباه أن أزمة الغذاء ووصول نسبة البطالة عند العرب الى 14 في المائة هو السبب الرئيسي لاندلاع احتجاجات اجتماعية وانتفاضات الخبز.
ربما حلحلة أزمة الغذاء تمر عبر فك الارتباط بينه وبين مشكلة الطاقة والتفكير في طاقة بديلة لا ترتكز على عناصر غذائية وكذلك يجب ايقاف التصنيع التخريبي للطبيعة والمحيط وأديم الأرض
وتشجيع الاستمثار الاجتماعي وكذلك ربما معالجة أزمة الطاقة يمر عبر ترشيد الاستهلاك والتخلي عن الاحتكار والربح اللاانساني، فمتى يعلم أرباب البنية السياسية الفوقية أن لقمة عيش عمال البنية التحتية وقوت الشعوب أصبحت رهينة أي قرار يصدرونه بشأن مستقبل الحياة في الأرض؟ أليس من الانساني أن يرحم من يسيطر على سماء العالم من ظل يكدح على سطح أرضه؟

كاتب فلسفي