قرار مجلس الأمن 1860 مجرد التزام معنوي، ولا يقع تحت الفصل السابع الذي يلزم الأطراف جميعا بالتنفيذ. حماس (حسب الناطق الرسمي) لم تستشر في هذا القرار، وبالتالي فهي غير معنية بتطبيقه. كما أنها ترفض نشر قوات دولية، تحمي اسرائيل. اسرائيل (بدورها) لا تعترف بأنها سلطة محتلة حتي اليوم، فما الذي يلزمها إذن؟
الخلاصة: قتلي وجرحي ومآسي انسانية وخراب ودمار ومظاهرات ورقية، الإنجاز الوحيد لحماس، انها حققت تعبئة شعبية عربية، فقط!
تري، الى متي تزهق أرواح الأبرياء، تسديدا لفواتير فشل السياسات الخاطئة وغير المدروسة. لماذا يدفع الشعب الفلسطيني دائما ثمن الانقسام العربي ثم الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي بلغ ذروته عندما تحول الصراع الداخلي إلى صراع سياسي حاد بين حركتي quot;حماسquot; وquot;فتحquot;، وانفصال جغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية.
لقد سيطرت فكرة الزعامة وهوس السلطة علي قاده حماس بالكامل، في هذه المغامرة غير المحسوبة، ودون أدني اعتبار للدم الفلسطيني المجاني، وأثبتت الأحداث وتداعياتها المؤسفة أن الخلاف مع quot; فتح quot;، وهمي وكاذب وزائف، وكما لاحظ الصديق الدكتور أحمد أبو مطر فقد كشف خالد مشعل عن تهافت كل زعم لحركة حماس quot; بالمقاومة quot; والنضال. حين طلب من المفكر الفرنسي اليهودي أن ينقل رسالة محددة للرئيس الفرنسي: quot; بأن مشعل معني بأداء دور في قضية الشرق الأوسط، وأنه مستعد للتفاوض مع إسرائيل على سلام يقوم على أساس حدود عام 1967 quot;. وهو ما جعل quot; مطر quot; يتساءل متعجبا: إذن لماذا تمّ الانقلاب على السلطة الفلسطينية وطردها من القطاع، وهي التي تعلن سرا وجهرا أن حدود عام 1967 هي أساس وقاعدة المفاوضات مع إسرائيل ولا تنازل عن ذلك؟.
الأخطر من ذلك ان حماس ربطت نفسها بمشاريع اقليمية لا ترى المصلحة الفلسطينية بمقدار ما ترى توظيف القضية الفلسطينية في خدمة مشاريعها. ومن ثم فإن قبول حماس بالمبادرة المصرية ndash; الفرنسية، أو القرار 1860 لمجلس الأمن، كان يعني عودة حماس الى الوحدة الفلسطينية، وهي فضيلة غائبة، كانت حتما ستحسب لها وليست تراجعا أو هزيمة، لأنها تغليب لمنطق القضية علي حساب كل المشاريع الإقليمية الأخرى (الخارجية) التي تتعامل مع القضية بإعتبارها ورقة ضغط في التفاوض والمساومة وإثبات الثقل الإقليمي والاستراتيجي، والتطلع للعب دور محوري في اعادة ترتيب المنطقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة واسرائيل ما بعد الانتخابات أيضا!
أهم دعائم السلطة، أية سلطة حقيقية، قدرتها علي ضمان السلم المدني بين المقيمين تحت سلطتها، وحمايتهم من أي عدوان خارجي. فإذا لم تستطع ذلك، عليها أن تكون من الشجاعة وتعترف بفشلها، ناهيك عن أخطائها وخطاياها، وذلك إما عبر التنحي عن هذه السلطة، أو تسهيل شروط الحوار الوطني الذي يسمح بعودة حركة فتح والسلطة الفلسطينية، حقنا للدماء واحتراما لإرادة الشعب وحقه في الحياة والأمن والسلام.
وأية محاولة عقلانية أو منطقية، تربط بين الأسباب والنتائج، تجد أن تدمير القنوات المباشرة للحوار بين مصر وحركة quot;حماسquot; بعد رفض الثانية المشاركة في الحوار الوطني الذي سعت القاهرة إلى تنظيمه، ثم امتناعها عن تجديد التهدئة مع إسرائيل عقب انتهاء فترتها التي كانت محددة بستة شهور، وصولاً للعدوان الإسرائيلي علي القطاع وتدميره، ثم رفض حركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية المبادرة المصرية لوقف هذا العدوان علي غزة، معتبرة فى بيان لها عقب اجتماعها فى (دمشق) إن المبادرة المصرية quot;ليست أساسا صالحا للحلquot; وquot;هدفها التضييق على المقاومةquot;. وانتهاء برفض قرار مجلس الأمن 1860، يدرك بسهولة أن وحدهم الضحايا والأبرياء يدفعون ثمن الزعامات الزائفة والمقامرات الخاسرة والحسابات الخاطئة.
- آخر تحديث :
التعليقات