quot;تركيا فى مفترق طرق من حيث هويتها السياسية الدولية، وإذا قام الرئيس أوباما بتأييد تركيا كإحدى الدول الأوروبية وليس جزءاً من quot;العالم الإسلامىquot; فقط، فستكون زيارة الرئيس الأمريكى ناجحةquot;... هذا ما أنتهي إليه تقرير معهد واشنطون لدراسات الشرق الأدني.
تركيا أول بلد ( مسلم ) يزوره أوباما منذ توليه المنصب في يناير الماضي، حيث أعلن في قمة الاتحاد الأوروبي أنه quot; ينبغي للولايات المتحدة وأوروبا التعامل مع المسلمين باعتبارهم أصدقاءنا وجيراننا وشركاءنا في مكافحة الظلم والتعصب والعنف واقامة علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة quot;... quot; وسيكون المضي قدما نحو عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي علامة مهمة على التزامكم (الاتحاد الأوروبي) بهذا الهدف وسيضمن لنا ان نواصل ترسيخ ارتباط تركيا بأوروبا quot;.
تصريحات أوباما أثارت حفيظة فرنسا وألمانيا، لأنها تقفز علي العقبات التي تقف أمام محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والخاصة بملف حقوق الانسان، وعدم تحقيق تقدم في تطبيق الاصلاحات، كما أنها تتجاهل نزاع تركيا القديم مع قبرص عضو الاتحاد.
أوباما لم يدلو بدلوه بعد بشأن quot; القضية الأرمينية quot;، وهي قضية شائكة وحساسة في العلاقة بين البلدين، ومن المتوقع أن ينتقي كلماته بعناية هذه المرة، حيث يقوم رؤساء الولايات المتحدة عادة بإصدار إعلان كل ربيع لإحياء ذكرى أحداث عام 1915 والاعتراف بالمآسي التى وقعت خلال الحرب العالمية الأولى، رغم أنهم لم يستخدموا أبدا تعبير quot; الإبادة الجماعية quot; لوصف ما قامت به الإمبراطورية العثمانية.
تركيا تمثل أهمية خاصة لواشنطون اليوم، ليس فقط لأنها تملك ثانى أكبر جيش فى منظمة حلف شمال الأطلسى، أو لكونها تتمتع بسادس أكبر اقتصاد فى أوروبا، فضلا عن حدودها مع إيران والعراق وسوريا، أو حتي بإعتبارها قاعدة لعمليات الولايات المتحدة العسكرية فى أفغانستان وخارجها، وإنما لأنها لاعب أساس في المشروع الشرق أوسطي للولايات المتحدة، وهو ما تتفهمه تركيا جيدا وتستثمره أوروبيا وإقليميا.
بزغ نجم تركيا مؤخرا في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها قوة اقليمية مؤثرة، تجيد لعب الأدوار المركبة والمتعددة، مع معظم دول المنطقة بلا استثناء، كالضغط والتشتيت والمراوغة والتمثيل - إذا أقتضي الأمر - ومسرحية رجب طيب أردوغان في دافوس مع الثعلب شيمون بيريز رئيس اسرائيل، لا تخرج عن ذلك، ناهيك عن قدرتها علي لم شمل الأعداء والفرقاء.
قبل فترة... أمسك أردوغان بواحد من أشد الملفات تعقيدا، وهو ملف السلام السوري - الاسرائيلي، وهو يراهن بذلك علي اكساب تركيا موقعا نافذا للعب دور الوسيط في المنطقة.
ما سرب إلي سوريا هو: ان اسرائيل راغبة في إعادة الجولان، مقابل ان تقطع سوريا علاقاتها بايران وتنهي دعمها لحزب الله وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين.
سوريا تشترط استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها عام 2000، في إطار ما يسمى بـ quot; وديعة رابين quot; التي تعهد فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل بالانسحاب إلي خط الرابع من يونيو 1967 والتخلي عن هضبة الجولان وإعادتها لسوريا.
في الحالتين... تبدو مهارة الدبلوماسية التركية في المناورة لتشتيت الاختراق الإيراني ndash; العربي أساسا، بالتأكيد على هوية تركيا السنية، دون الدخول في مواجهة علنية مع إيران، أو في مواجهة مباشرة مع الدور المصرى فيما يخص الملف الفلسطيني ndash; الإسرائيلي، أو الفلسطيني ndash; الفلسطيني.
التحركات السياسية التركية المدروسة تأتي انطلاقا من أمرين : الأول هو أن مستقبل التطورات في الشرق الأوسط سيعتمد إلى حد كبير على نوع العلاقات الإيرانية ndash; الأميركية خلال الفترة المقبلة.
الأمر الثاني، وهو الأهم، ادراك تركيا الواعي بما يجري داخل المطبخ الأمريكي ودوائر صنع القرار الآن، خاصة التباين في وجهات النظر حول quot; المشروع الشرق أوسطي للولايات المتحدة quot;. فهناك من يري أن انجاز هذا المشروع يتوقف علي نجاح المسار السوري - الاسرائيلي، وتفعيل المفاوضات بينهما من خلال الوسيط التركي، وهو ما quot; سيغيّر من معالم المنطقة بما يؤدي في النهاية الى سلخ دمشق ( ومعها حزب الله وحماس والجهاد ) من علاقتها الاستراتيجية مع ايران quot;، مما يعني وضع المسار الفلسطيني ndash; الإسرائيلي علي الرف، وترك الطرفين لبعضهما البعض، دون ضغط علي إسرائيل تحديدا.