عنوان الكتاب: حزب كاديما.
المؤلف: قسم الأرشيف والمعلومات بمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ـ بيروت، طبعة أولى، 2009م.
عدد الصفحات: 57.


على الرغم من كون النظام السياسي في إسرائيل تحكمه اللعبة الديمقراطية، كما يزعم زعماؤها، ويتمأسس على النظام البرلماني في إدارة أركان الكيان المزروع في جسد الأمة منذ أكثر من ستة عقود، إلا لعبة تبادل الأدوار وتبديل الوجوه السياسية كلما اشتد الخناق على إسرائيل، قد حولت مسألة انتخاب الكنيست الإسرائيلي إلى أشبه ما تكون بمسرحية هزلية ملّ مشاهدوها تكرار نصوص حواراتهم وبرامجهم الانتخابية، وباتوا يعرفون مسبقاً نتيجة تلك الانتخابات مهما اختلفت الوجوه أو تغيرت.
يسلط هذا الكتاب الضوء على حزب (كاديما) الإسرائيلي، ويتحدث عن ظروف نشأة الحزب وأثر غياب شارون عن الساحة السياسية في (كاديما). ويبيَّنَ مدى ارتباط اسم شارون بكل الحروب التي اندلعت بين العرب وquot;إسرائيل quot;، إضافة إلى مسؤوليته عن مجزرة قبية سنة 1953، ومجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982، ومحاولات قمع انتفاضة الأقصى التي كان سببًا في اندلاع شرارتها الأولى سنة 2000م، كما تناول حياة شارون حتى وصوله لزعامة الليكود ورئاسته للحكومة بعد فشل نتنياهو أمام باراك في انتخابات الحكومة الإسرائيلية في مايو 1999.
يدرس الكتاب انتخابات الكنيست السادس عشر وخطَّة الفصل الأُحادي، وانشقاق شارون عن الليكود وتأسيسه لحزب كاديما، حيث بيَّن أن من أبرز تداعيات خطة الفصل الأُحادي الجانب في قطاع غزة تصاعُد حدة الجدل السياسي الحزبي داخل quot;إسرائيلquot;، واشتداد وتيرة النزاعات داخل الأحزاب السياسية الإسرائيلية، بما فيها أحزاب التيار اليميني والتيار اليساري والتيارات الدينية الكبيرة منها والصغيرة على حد سواء.
ويخوض الكتاب في تشريح جذور الحزب الأشهر مؤخراً على الساحة السياسية الإسرائيلية، فكلمة (كاديما) تعني بالعبرية quot;إلى الأمامquot;، وقد تأسس حزب كاديما في21 نوفمبر 2005 من قبل أرييل شارون بُعَيْدَ انسحابه من حزب الليكود، بسبب خطة فك الارتباط وإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، وبعد مرض شارون تولى قيادة الحزب ايهود أولمرت، ومن بين قيادته كل من تسيبي ليفني وشمعون بيريز. اشترك الحزب في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية وحاز على 29 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست، وأصبح بذلك يمثل أكبر كتلة في الكنيست بقيادة تسيبي ليفني، ولينتقل من قمة الهرم السياسي إلى ظل المعارضة بعد أن رفض المشاركة في حكومة ائتلافية برئاسة نتنياهو.
بدأ الحزب معركته الانتخابية حاملاً معه شعارين رئيسين هما: إسرائيل تتطلع إلى الأمام، وشارون قائد قوي للسلام.rlm; وجاء في مقدمة ما أعلنه الحزب من أهداف إبان خوضه المعركة الانتخابية الحفاظ على وجود quot;دولة إسرائيلquot; كوطن قومي آمن للشعب اليهودي في أرض quot;إسرائيلquot;، وغرْس مضمون قومي في طابع quot;دولة إسرائيلquot;، بحيث تكون دولة يهودية ديمقراطية ومتوازنة ومترابطة مع بعضها.rlm;
كما أعلن كاديما أن تقدم العملية السياسية مع الفلسطينيين هدف مركزي وأساسي يعمل على تحقيقه بكل السبل؛ من أجل وضع الأسس لرسم الحدود الدائمة quot;لدولة إسرائيلquot;، وتحقيق الهدوء والسلام عبر الحفاظ على أمن quot;إسرائيلquot;، والمحاربة الحازمة للإرهاب، وحماية المصالح القومية والأمنية لدولة quot;إسرائيلquot;. وأن حزب كاديما يعتزم تغيير نظام الحكم في quot;إسرائيلquot;، والتشديد على الاستثمار في البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز الاهتمام بالنقب والجليل ومحاربة الفقر والجريمة.rlm;
وفي مطلع عام 2006 تم تعيين نائب شارون (ايهود أولمرت) رئيسًا بالوكالة لكاديما بعد دخول شارون المشفى بغيبوبة، بغية قيادة كاديما في انتخابات الكنيست التي كانت مقررة في 28/3/2006، وتمت الانتخابات بعد ثلاث هزات تعرضت لها quot;إسرائيلquot; في الربع الأخير من عام 2005، هي نجاح شارون في تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي الجانب من غزة، على الرغم من معارضة اليمين الإسرائيلي، ووصول الزعيم العمالي اليهودي الشرقي عمير بيرتس إلى زعامة حزب العمل على حساب شيمون بيريز، مما أدى إلى انسحاب الحزب سريعًا من حكومة الوحدة الوطنية ومغادرة شارون حزب الليكود وتأسيسه لحزب كاديما.rlm;
وكانت النتائج شبه محسومة لمصلحة كاديما، مما أفقدها كثيرًا من الزخم، ولأول مرة في تاريخ quot;إسرائيلquot; يفوز حزب بالانتخابات، رغم سنوات عمره القليلة. وبعد مرور عدة أشهر على تزعُّم الحكومة بقيادة أولمرت قام بخوض حروبٍ مع الفلسطينيين وحزب الله، فتعرض كاديما لانتقادات كثيرة لعدم حسمه تلك الحروب، واتهامه بالهزيمة وعدم قدرته على منع صواريخ المقاومة من الوصول إلى الشمال الإسرائيلي ثم تبع ذلك فتح ملفات الفساد في إسرائيل، وبالذات ملفات رئيس الوزراء وقائد كاديما (أولمرت)، والذي اضطر بعد ذلك للاستقالة من منصبه. ثم يعرض التقرير لفترة رئاسة ليفني للحزب، والانتخابات الداخلية في كاديما، ومساعي ليفني لتشكيل حكومة جديدة، ودور كاديما في العدوان على غزة، ثم يستعرض انتخابات الكنيست 18 وتداعياتها على الحزب.
لقد اتسم الكتاب بكثير من النقد والتحليل لمعطيات الأحداث في الساحة الإسرائيلية، وبدا ملماً بكثير من خفايا وتفاصيل واحد من أكثر الأحزاب الإسرائيلية حداثة ونجاحاً في العقود الأخيرة، الأمر الذي قد يستغرق القارئ في قراءته للإحاطة برؤية كامل المشهد السياسي الإسرائيلي عبر سرد أحداث الحزب الذي كان حاكماً له لفترة معقولة.

كاتب وباحث
[email protected]