تعدّ قضية quot;الديمقراطيةquot; من القضايا الحساسة التي لا زالت الكتابات الفكرية والسياسية تمتح في البحث عن تحديد مفهومها الملتبس بين الإسلاميين وبقية التيارات السياسية في العالم العربي، إذ لا تزال بقية التيارات السياسية العربية quot;متوجسةquot; من فهم الإسلاميين وحركات الإسلام السياسي للديمقراطية، وquot;متخوفةquot; من ممارساتهم وسلوكهم إزاء هذا المفهوم حال توليهم لسدة الحكم في ضوء شعبيتهم الجارفة، وخوف خصومهم أن يتخذ الإسلاميون من الديمقراطية وما قد تتيحه من مساحة سياسية على صعيد الممارسة quot;حصان طروادةquot; لتسلم زمام الأمور، ثم قطع حبال السبل وراءهم ومنع أي تداول حقيقي بعد ذلك للسلطة.
وكتاب المؤلف معتز بالله عبد الفتاح quot;المسلمون والديمقراطية.. دراسة ميدانيةquot; والمرتكز إلى دراسة ميدانية استقصائية لمواقف وآراء المسلمين في عدد كبير من الدول الإسلامية والعربية يحاول تبيين ما قد يلتبس من مواقفهم إزاء قضية الديمقراطية. وقد اعتمد الكتاب على استطلاعات الرأي لآلاف المسلمين في 32 دولة إسلامية لمعرفة ما إذا كانت المجتمعات الإسلامية ضد التحول الديمقراطي، وهل يتحمل quot;الإسلامquot; بوصفه دين الغالبية مسؤولية تأخر حصول التحول الديمقراطي.
يعرّف المؤلف quot;الديمقراطيةquot; إجرائياً لقياس الحالة الديمقراطية في البلد اعتماداً على مؤشرات هي: حق التصويت للجميع، واحترام حق المنافسة لكل القوى السياسية، ومدى احترام الحقوق المدنية، وتعدد مراكز صنع القرار، وقبول كافة القوى السياسية لقواعد اللعبة الديمقراطية، وكون أصوات الناخبين هي مصدر الشرعية الحقيقي. ويرى المؤلف أن هناك خمسة أنماط لتحول المجتمعات نحو الديمقراطية تاريخياً، فهناك التحول في أعقاب الثورات الاجتماعية التاريخية، كما في بريطانيا وأميركا ورومانيا وجورجيا وأوكرانيا. والتحول تحت سلطة الاحتلال أو عبر التعاون معه كما في الهند إبان الاحتلال البريطاني واليابان والعراق إبان الاحتلال الأميركي. والتحول عبر إدارة نخب ديمقراطية، كما في البرازيل عام 1973، وإسبانيا عام 1976، وغيرهما، ونمط الانفتاح السياسي التكتيكي الذي يفضي إلى مطالب ديمقراطية غير متوقعة كما في كوريا الجنوبية عام 1987 وجنوب أفريقيا عام 1990. وأخيراً نمط تعاقد النخبة المستبدة على الانسحاب من الحياة السياسية بعد ارتفاع كلفة استمرارها، كما حدث في اليونان عام 1973، والبرتغال عام 1974، والبيرو عام 1977، والأرجنتين عام 1982.
يؤكد المؤلف على مدى تأثر عامة المسلمين بقادة الرأي والسياسة في بلادهم، ويقسم الإسلاميين بحسب موقفهم من الديمقراطية إلى quot;إسلاميين تقليديينquot; وquot;تحديثيينquot;، كما يقسم النخب العلمانية أيضاً إلى quot;علمانيين سلطويينquot; وquot;علمانيين تعدديين ليبراليينquot;. وفيما تؤكد إحصاءات الكتاب ما يدعيه الإسلاميون من شعبيتهم الكاسحة باستثناء (طاجيكستان وتركمانستان ومالي وتونس وألبانيا وتركيا)، فإنه يشير إلى إكراه الإسلاميين في هذه الدول أن يكونوا علمانيين من خلال السياسات الحكومية. وتشير الأرقام أيضاً إلى أن إسلاميي كل من (تركيا والسنغال والمغرب وألبانيا ومصر وتونس وإيران وأميركا ومالي وغامبيا وتركمانستان وماليزيا والاتحاد الأوروبي) هم الأكثر قبولاً للديمقراطية، باعتبار أن الوزن النسبي للإسلاميين التحديثين والعلمانيين التعدديين في هذه البلدان أكبر من الإسلاميين التقليديين والعلمانيين السلطويين. وأن 73% من عينة البحث لا يعارضون الديمقراطية ويقبلون بها.
ويحاول الكتاب اختبار مدى تأثير العوامل الشخصية (الدخل والنوع والتعليم والعمر والتدين) على التوجه لقبول الديمقراطية أو رفضها، فالأشخاص الأثرياء يكونون أكثر تسامحاً مع الحقوق السياسية للنساء والأقليات، باستثناء الكويت ونيجيريا بحسب الدراسة!؟. وعلى صعيد المؤسسات يؤدي الدخل المرتفع إلى تأييد أكبر للمؤسسات الديمقراطية، بيد أن دولاً مثل الأردن وعمان والسعودية والإمارات والبحرين أعطت نتائج معاكسة، كما للتعليم أثر بارز في هذا الصدد في كل المجتمعات المسلمة ما عدا غامبيا وعمان والسعودية. وعلى مستوى النوع، فإن أكثر النساء علمانية يرفضن الربط بين تواضع دورهن السياسي وبين الشريعة. وأشارت الإحصاءات في سياق العلاقة بين الإسلام والديمقراطية أنه كلما تم الاعتقاد أن الديمقراطية ما هي سوى تطبيق معاصر لمبدأ الشورى، زاد تأييدهم للديمقراطية ومؤسساتها.
وينتقل الكتاب لبحث المؤثرين في التوجهات الديمقراطية، وحصره في كل من الحكام والغرب وعلماء الدين، واتضح أن معظم حكومات العالم الإسلامي تعاني من أزمة شرعية، فـ20% فقط من المسلمين يؤيدون الحكام الحاليين. وجاءت الإمارات وعمان في المقدمة من حيث دعم حكامهم الحاليين، فيما كانت كل من الكويت ومصر وسوريا والمغرب والسودان وغامبيا وماليزيا الأقل مساندة لحكامهم. فيما فضلّ 31% في السعودية إجراء انتخابات ديمقراطية لإحداث تغيير لا يمس بقيم الدين الأساسية. فيما يتعلق بالغرب، فقد أظهر الاستطلاع تشكك المسلمين في مصداقية الغرب إزاء تشجيع الديمقراطية في العالم الإسلامي وارتيابهم في مؤسساته، والنظر إليه بوصفه متآمراً وحليفاً للحكام غير الشرعيين في العالم الإسلامي. فيما يثق المستطلعون بعلماء الدين كممثل شرعي لهم أكثر من ممثلي الإسلام الرسمي حتى في إيران والسودان، وحملهم بالمقابل مسؤولية جهل المسلمين بمفهوم الديمقراطية ومبادئها.
وتشير الدراسة إلى أن غياب التحول الديمقراطي في العالم العربي يمكن إرجاعه إلى عدم الاستعداد للتضحية من أجل الحقوق السياسية. فإذا أعطي العرب حقوقهم كهبة من الحاكم فإنهم سيقبلونها، وفيما عبر57% من المصريين عن تفضيلهم الديمقراطية كنظام سياسي، إلا أن 7% فقط وضعت الإصلاح السياسي كأولوية مقارنة بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين. ووافق 73% من المسلمين على عقد صفقة مع حاكم مستبد يحكم مدى الحياة مقابل تحرير فلسطين، في حين وافق على ذلك 89% من العرب.
وتخلص الدراسة إلى ربط مستقبل التحول الديمقراطي في العالم العربي بتراجع السلطة التقليدية، وأهمية بروز نخب سياسية جديدة تحوز الشرعية المفقودة في النخب السياسية الحالية وتسهم في تنوير شعوبها.
وكتاب المؤلف معتز بالله عبد الفتاح quot;المسلمون والديمقراطية.. دراسة ميدانيةquot; والمرتكز إلى دراسة ميدانية استقصائية لمواقف وآراء المسلمين في عدد كبير من الدول الإسلامية والعربية يحاول تبيين ما قد يلتبس من مواقفهم إزاء قضية الديمقراطية. وقد اعتمد الكتاب على استطلاعات الرأي لآلاف المسلمين في 32 دولة إسلامية لمعرفة ما إذا كانت المجتمعات الإسلامية ضد التحول الديمقراطي، وهل يتحمل quot;الإسلامquot; بوصفه دين الغالبية مسؤولية تأخر حصول التحول الديمقراطي.
يعرّف المؤلف quot;الديمقراطيةquot; إجرائياً لقياس الحالة الديمقراطية في البلد اعتماداً على مؤشرات هي: حق التصويت للجميع، واحترام حق المنافسة لكل القوى السياسية، ومدى احترام الحقوق المدنية، وتعدد مراكز صنع القرار، وقبول كافة القوى السياسية لقواعد اللعبة الديمقراطية، وكون أصوات الناخبين هي مصدر الشرعية الحقيقي. ويرى المؤلف أن هناك خمسة أنماط لتحول المجتمعات نحو الديمقراطية تاريخياً، فهناك التحول في أعقاب الثورات الاجتماعية التاريخية، كما في بريطانيا وأميركا ورومانيا وجورجيا وأوكرانيا. والتحول تحت سلطة الاحتلال أو عبر التعاون معه كما في الهند إبان الاحتلال البريطاني واليابان والعراق إبان الاحتلال الأميركي. والتحول عبر إدارة نخب ديمقراطية، كما في البرازيل عام 1973، وإسبانيا عام 1976، وغيرهما، ونمط الانفتاح السياسي التكتيكي الذي يفضي إلى مطالب ديمقراطية غير متوقعة كما في كوريا الجنوبية عام 1987 وجنوب أفريقيا عام 1990. وأخيراً نمط تعاقد النخبة المستبدة على الانسحاب من الحياة السياسية بعد ارتفاع كلفة استمرارها، كما حدث في اليونان عام 1973، والبرتغال عام 1974، والبيرو عام 1977، والأرجنتين عام 1982.
يؤكد المؤلف على مدى تأثر عامة المسلمين بقادة الرأي والسياسة في بلادهم، ويقسم الإسلاميين بحسب موقفهم من الديمقراطية إلى quot;إسلاميين تقليديينquot; وquot;تحديثيينquot;، كما يقسم النخب العلمانية أيضاً إلى quot;علمانيين سلطويينquot; وquot;علمانيين تعدديين ليبراليينquot;. وفيما تؤكد إحصاءات الكتاب ما يدعيه الإسلاميون من شعبيتهم الكاسحة باستثناء (طاجيكستان وتركمانستان ومالي وتونس وألبانيا وتركيا)، فإنه يشير إلى إكراه الإسلاميين في هذه الدول أن يكونوا علمانيين من خلال السياسات الحكومية. وتشير الأرقام أيضاً إلى أن إسلاميي كل من (تركيا والسنغال والمغرب وألبانيا ومصر وتونس وإيران وأميركا ومالي وغامبيا وتركمانستان وماليزيا والاتحاد الأوروبي) هم الأكثر قبولاً للديمقراطية، باعتبار أن الوزن النسبي للإسلاميين التحديثين والعلمانيين التعدديين في هذه البلدان أكبر من الإسلاميين التقليديين والعلمانيين السلطويين. وأن 73% من عينة البحث لا يعارضون الديمقراطية ويقبلون بها.
ويحاول الكتاب اختبار مدى تأثير العوامل الشخصية (الدخل والنوع والتعليم والعمر والتدين) على التوجه لقبول الديمقراطية أو رفضها، فالأشخاص الأثرياء يكونون أكثر تسامحاً مع الحقوق السياسية للنساء والأقليات، باستثناء الكويت ونيجيريا بحسب الدراسة!؟. وعلى صعيد المؤسسات يؤدي الدخل المرتفع إلى تأييد أكبر للمؤسسات الديمقراطية، بيد أن دولاً مثل الأردن وعمان والسعودية والإمارات والبحرين أعطت نتائج معاكسة، كما للتعليم أثر بارز في هذا الصدد في كل المجتمعات المسلمة ما عدا غامبيا وعمان والسعودية. وعلى مستوى النوع، فإن أكثر النساء علمانية يرفضن الربط بين تواضع دورهن السياسي وبين الشريعة. وأشارت الإحصاءات في سياق العلاقة بين الإسلام والديمقراطية أنه كلما تم الاعتقاد أن الديمقراطية ما هي سوى تطبيق معاصر لمبدأ الشورى، زاد تأييدهم للديمقراطية ومؤسساتها.
وينتقل الكتاب لبحث المؤثرين في التوجهات الديمقراطية، وحصره في كل من الحكام والغرب وعلماء الدين، واتضح أن معظم حكومات العالم الإسلامي تعاني من أزمة شرعية، فـ20% فقط من المسلمين يؤيدون الحكام الحاليين. وجاءت الإمارات وعمان في المقدمة من حيث دعم حكامهم الحاليين، فيما كانت كل من الكويت ومصر وسوريا والمغرب والسودان وغامبيا وماليزيا الأقل مساندة لحكامهم. فيما فضلّ 31% في السعودية إجراء انتخابات ديمقراطية لإحداث تغيير لا يمس بقيم الدين الأساسية. فيما يتعلق بالغرب، فقد أظهر الاستطلاع تشكك المسلمين في مصداقية الغرب إزاء تشجيع الديمقراطية في العالم الإسلامي وارتيابهم في مؤسساته، والنظر إليه بوصفه متآمراً وحليفاً للحكام غير الشرعيين في العالم الإسلامي. فيما يثق المستطلعون بعلماء الدين كممثل شرعي لهم أكثر من ممثلي الإسلام الرسمي حتى في إيران والسودان، وحملهم بالمقابل مسؤولية جهل المسلمين بمفهوم الديمقراطية ومبادئها.
وتشير الدراسة إلى أن غياب التحول الديمقراطي في العالم العربي يمكن إرجاعه إلى عدم الاستعداد للتضحية من أجل الحقوق السياسية. فإذا أعطي العرب حقوقهم كهبة من الحاكم فإنهم سيقبلونها، وفيما عبر57% من المصريين عن تفضيلهم الديمقراطية كنظام سياسي، إلا أن 7% فقط وضعت الإصلاح السياسي كأولوية مقارنة بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين. ووافق 73% من المسلمين على عقد صفقة مع حاكم مستبد يحكم مدى الحياة مقابل تحرير فلسطين، في حين وافق على ذلك 89% من العرب.
وتخلص الدراسة إلى ربط مستقبل التحول الديمقراطي في العالم العربي بتراجع السلطة التقليدية، وأهمية بروز نخب سياسية جديدة تحوز الشرعية المفقودة في النخب السياسية الحالية وتسهم في تنوير شعوبها.
التعليقات