مساجدنا ثكناتنا، قبابنا خوذاتنا
ماذننا حرابنا، والمصلون جنودنا
هذا ما قاله السيد اردوغان رئيس تركيا الحالي عام 1998 واتهم حينذاك بالتحريض على الكراهية الدينية، واثبتت الاحداث انها في صلب مباديء وفكر حزب العدالة والتنمية الذي تأسس عام 2001 واستطاع ان يتستر بالشعارات الديموقراطية لسنوات ويحوز على تأييد الشارع التركي وايضا الخارجي باعتباره ممثلا للاسلام الوسطي الذي يتقبل مفاهيم ومباديء الديموقراطية، هذه المرحلة التي انتهت مع المحاولة الانقلابية الفاشلة ليلة 15 تموز 2016 ليكشف الحزب عن حقيقة توجهاتهه في الانفراد بالسلطة والقرارباعتباره ممثل الارادة السماوية على الارض، فلا حصانة لممثلي الشعب ولا اعتراف بحقوق الاخرين وحرياتهم الاساسية وتراجع متعمد منظم عن عملية السلام وحل المسالة الكوردية بالطرق السلمية، ولا اي نوع من القبول لكل اللذين لا يؤمنون بالثكنات والحراب ويتطلعون الى تركيا ديموقراطية تحترم حقوق الانسان وحرياته الاساسية.
القاء القبض على اثناعشر برلمانيا كورديا بينهم رئيسا حزب الشعوب الديموقراطية السيد صلاح الدين ديميرتاش والسيدة باكسي داغ هو تحصيل حاصل السياسة التي اتبعتها الدولة التركية منذ ايقاف عملية السلام والمصالحة الوطنية ورفض كل المحاولات الداعية للحوار والعودة الى مائدة المفاوضات وحل المشاكل بالطرق السلمية، هذا الحل الذي يتعارض مع فكر الاستئثار بالقرار والسلطة، فكر الدعوة لتحويل المساجد الى ثكنات والمصلين الى جنود ومحاربين ضد شعب كوردستان والحركة الديموقراطية في البلاد وايضا للامتداد خارج حدود تركيا الحالية كما هو الحال في الشمال السوري والعراقي واستغلال التطرف الطائفي في المنطقة عموما لتحقيق احلامها في تأسيس دولة الخلافة المزعومة والامبراطورية الاسلامية الممتدة من حدود فيينا الى الشمال الافريقي والجزيرة العربية وما الحرب التي تمارسها الدولة التركية ضد شعب كوردستان الشمالية الان، الا جزء من مخطط عنصري الجوهر مستمر منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة والاحداث الدموية التي شهدتها مدن وقصبات وقرى كوردستان خلال الاشهر الماضية وسقوط مئات الضحايا وتدمير البنى التحتية خير دليل على استمرار هذه السياسة العقيمة.
السؤال هو: الى متى ستواصل حكومات تركيا المتعاقبة حربها العنصرية ضد الشعب الكوردي وما الذي استفاد منه الشعب التركي من هذه الحرب الطاحنة واذا كانت الدولة التركية طيلة عمرها قد فشلت في اخماد حركة التحرر الوطني الكوردستاني فمتى ستستوعب هذا الدرس التأريخي خاصة بعد ان اصبح صوت الكورد مسموعا في انحاء العالم الذي يقف الى جانب مطالبهم العادلة بالحرية والمساواة والعدالة ويقفون في الصفوف الاولى في الحرب الدائرة ضد الارهاب العالمي دفاعا عن البشرية والعالم المتحضر.
النهج الذي تنتهجه حكومة حزب العدالة والتنمية وانزلاقها الى الحرب خارج حدودها في الشمال السوري وتوقع تورطها في معركة الموصل والنتائج المترتبة على ذلك في الوقت الذي تعاني فيه من عزلة شبه تامة من قبل المجتمع الدولي وحلف الناتو ومن اقتصاد متداعي مهزوز وحرب اهلية ضد الشعب الكوردي يؤكد على انها تمر بازمة قيادة وفكر ونهج متعارض مع روح العصر والعدالة والمباديء الديموقراطية و سيقودها حتما الى هاوية السقوط ولن ينقذها الهروب الى الامام ولا حملات القمع والاعتقالات التعسفية للاعضاء الكورد في البرلمان التركي اللذين يدافع العالم المتحضر اليوم عن حريتهم ولن يؤدي العنف المنظم الى اخماد لهيب الحرية في جبال كوردستان.
القضية الوطنية الكوردستانية لن تنتهي الا بحل سلمي ديموقراطي عادل عبر الحوار والتفاوض فزمن مساجدنا ثكناتنا قد ولى الى غير رجعة واصبح في ذمة التاريخ.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات