ثمة سؤال بات يتردّد على لسان المواطنين في إقليم كوردستان، ويضعه برسم السلطة السياسية التي أوكلت لنفسها مهمة مواجهة الفساد وحل المشاكل التي تخنق المواطنين: كيف يمكن الوثوق بوعود السلطة التي تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر على أرض الواقع؟

إنَّ فشل الحكومة في واجباتها حتى الآن، ودورانها حول نفسها عبر انهماكها بسلسلة اجتماعات لا طائل منها، من دون أن تُبادر إلى اتخاذ قرار إنقاذي جريء أو إلى خطوة إصلاحية ملموسة، دليل واضح وصريح على أنها غير جديرة بأن تمثل الشعب الذي يطحنه الفقر والجوع وقلة الخدمات والبطالة. وإنَّ عدم تنفيذ الكمّ الكبير من الوعود البراقة التي أطلقتها الحكومات المتعاقبة في الإقليم حينما تشكّلت، دليل واضح على فشلها بامتياز.

تؤكد الحكومة في إقليم كوردستان وفي كل المناسبات، على سبيل المثال لا الحصر، أنها (ليس فقط لا تقف ضد الاحتجاجات المدنية، بل إن كوردستان، على عكس بقية مناطق العراق، تتمتع بقدر كبير من الحرية. كما أن خيار التظاهر السلمي مضمون في كل الدساتير، بشرط عدم التجاوز على الممتلكات الخاصة والعامة)، ولكن الواقع يقول عكس ذلك؛

يوم الاثنين المصادف 5 كانون الثاني (يناير) 2024، نظم الحزب الشيوعي الكوردستاني - العراق تظاهرة سلمية ومدنية في أربيل، لكنَّ إدارة المدينة رفضت التظاهرة وشددت الإجراءات الأمنية حول الطرق والساحات العامة، وطوقت بناية مقر الحزب الشيوعي وسط أربيل بقوات أمنية، وهذا الرفض ما هو إلا بند من بنود تقيد الحريات وحقوق الإنسان، أي بالضبط عكس ما تدعي السلطة في أربيل.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

لقد أراد الحزب الشيوعي من خلال هذه التظاهرة تسليم مذكرة لمجلس الوزراء حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المزرية التي يشهدها إقليم كوردستان نتيجة تلكؤ السلطة، والمماطلة وعدم الاستجابة لمطالب المواطنين ومتطلبات المرحلة، وسوء الإدارة، وعمليات التهريب غير الشرعي عبر المعابر الحدودية، فضلاً عن تأخر صرف الرواتب الذي فاقم الأزمة، وهذه مسؤولية تقع على عاتق حكومة الإقليم، إلا أنَّ القوات الأمنية منعت بالقوة وصول مئات المتظاهرين إلى بناية مجلس الوزراء بالرغم من سلمية المظاهرة!

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

أريد أن أكون صوت العقل للسلطة في أربيل: تكميم الأفواه لا يحل المشكلة إذا لم يكن هناك حل جذري سياسي يقدم الأمل للشعب الذي يريد الحياة والخبز والحرية.

وكل من يقلد صدام حسين ويقمع الناس ويحاول تكميم الأفواه، وإن غلف ذلك بحجج واهية وعديدة، سيكون مصيره مشابهاً لمصير ذاك الدكتاتور.