على مدار شهر كامل وتحديداً خلال الفترة من 14 حزيران (يونيو) حتى 14 تموز (يوليو) تقام منافسات بطولة أمم أوروبا في ألمانيا بمشاركة 24 منتخباً، وتقام المباريات في 10 مدن، و10 ملاعب تتجسد فيها عبقربة الهندسة الألمانية، بل الحضارة الألمانية دون مبالغة.

قوة أوروبا الناعمة
يورو 2024 لن تكون مجرد منافسة كروية يقف العالم على أطراف أصابعة من أجل متابعة إثارتها ومتعتها، بل إن البطولة تمثل القوة الناعمة التي أتت في توقيتها العبقري للقارة الأوروبية بأسرها، في الوقت الذي تغرق القارة في مناوشاتها مع بوتين، ومشاكلها الاقتصادية مع العملاق الصيني فماذا يعني ذلك؟

السياسة والاقتصاد.. الوجه الغاضب
الأمر ببساطة يتعلق بالوجه الأوروبي الذي يتغير بفعل السياسة والخلافات مع روسيا، وبفعل الاقتصاد العالمي المتعثر، والرغبة الصينية في جعل العالم بأسره مجرد سوق لها، بما في ذلك أوروبا، وكذلك فإن هناك وجهاً أكثر تطرفاً لقارة "الحضارة والفكر" بدأ في الظهور، وهو وجه اليمين المتطرف الذي لا يطيق "الآخر" ولا يراه، ولا يريد سوى أوروبا (النقية التي لا تعرف وجه المهاجر)، وهو وجه النقيض لفكرة "أوروبا المتحضرة التي تغازل الآخر طوال الوقت".

قارة الثقافة والفن والإبداع
وبعد ساعات تنطلق البطولة الكروية القارية التي من شأنها أن تجعل ملايين الشباب حول العالم يتعلقون من جديد بالوجه الناعم للقارة الأوروبية، وهي قارة الأدب والثقافة، والفن، والتواصل الحضاري، وهي فيما يخصنا في عالم الرياضة "قارة كرة القدم الحقيقية".

كرة القدم هي أوروبا
نعم.. كرة القدم هي أوروبا، على مستوى تقديم المواهب، والملاعب، والتنظيم، والتدفق المالي، وصناعة كرة القدم بشكل عام، صحيح أن أميركا اللاتينية وأفريقيا وغيرهما من قارات العالم، لم تكن سوى قارات تقدم المادة الخام (اللاعب الموهوب) ليتم صقل موهبته وجسده وعقله في أوروبا، ولكن حتى في هذا الجانب أصبحت أوروبا أكثر تفوقاً، ويكفي أن ننظر إلى المواهب الأوروبية الشابة في الوقت الراهن، سواء في انجلترا، أو فرنسا، وكذلك اسبانيا، وغيرهما من القوى الكروية الكبيرة في القارة العجوز.

لا لبوتين وماكرون
غداً.. وتحديداً الجمعة سوف تتجه أنظار مليارات البشر من عشاق كرة القدم "الحقيقية" صوب "أليانز أرينا" في ميونيخ لمتابعة افتتاح الكرنفال الكروي الأوروبي، والذي يبدأ بمباراة ألمانيا واسكتلندا، وعلى مدار شهر كامل سوف نعود لنرى وجه أوروبا الناعم، ولن يكون في مقدور "بوتين روسيا" أو حتى "ماكرون فرنسا"، أو "الصين المتوحشة اقتصادياً"، أو "اليمين المتطرف" أن يسرقوا أضواء الحفل الأنيق، والفن الكروي الجميل، ولن يعلو أي صوت فوق صوت الإبداع الكروي الأوروبي.. حتى إشعار آخر!