خبراء دوليون ينتقدون قرار الذبح والمواطنون مذعورون من الغش التجارى
مصر: تحديات ما بعد إعدام جميع الخنازير

محمد حميدة من القاهرة: مع اجتياح مخاوف أنفلونزا المكسيكللعالم ، رفعت الحكومات في كل مكان استعداداتها القصوى ,تحسبا لجائحة عالمية .وقررت الدول اتخاذ إجراءات مختلفة ، مثل التكثيف من درجة المراقبة الصحية ، وتعزيز مخزون الأدوية ، وتوعية المواطنين بمعلومات عن المرض وطرق الوقاية منه . ولكن مصر وبدون وجود أي حالات لأنفلونزا H1N1 داخل حدودها ، أضافت خطوة أخرى وهى إعدام جميع الخنازير. وقد بدأت المذابح بالفعل تعمل بأقصى طاقاتها للانتهاء من ذبح حوالي 300 ألف رأس خنزير موجودة بأرجاء البلاد , تنفيذا للقرار الذي أعلنه وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي , كخطوة احترازية لمنع هذه الحيوانات من نقل المرض إلى البشر. ولكن السؤال هل هذه الخطوة صائبة من جانب الحكومة المصرية ؟

quot;فى الحقيقة لا quot; , هكذا قالت باربرا سترو أستاذ علم الحيوان بكلية الطب البيطرى بجامعة ولاية متشيغن الأمريكية , وأضافت سترو أنها quot;لا ترى اى معنى لذبح الخنازيرquot; , وذلك لسبب بسيط انه لا يوجد أي دليل على أن الأنفلونزا التي تسببت فى مرض الناس في المكسيك وعشرة دول أخرى تصيب أيضا الخنازير , quot;ولذلك إذا كانت الخنازير لا تحمل الفيروس ، فإنها لا يمكن أن تمرره للناس quot;.

ووافقها فى الرأي quot; ارنون شيمشونىquot; ، كبير البيطريين سابقا بإسرائيل , مشيرا الى ان سبب اسم أنفلونزا الخنازير يرجع إلى أن أجزاء معينة من الحامض النووي تشبه تلك الموجودة في فيروسات شائعة من الأنفلونزا تصيب الخنازير . وأوضح مفسرا : في مرحلة ما من تطور الفيروس ، ربما مرت عبر الخنازير ، التى تعمل quot;كأوعية مخلطةquot; لفيروسات الأنفلونزا البشرية وأنفلونزا الطيور. واضاف quot; ربما يكون الفيروس له تاريخ مع الخنازير ، و لكنه لم يعد يؤثر على الخنازيرquot;. ويعتقد ان قرار إعدام جميع الخنازير quot;ليس فى محله quot; . قائلا : quot;إنها مشكلة إنسانية ..مشكلة إنسانية بحتةquot;.

ويرى سيشمونى ان السيناريو الوحيد الذي يكون فيه ذبح الخنازير مبررا ،quot; إذا كانت السلالة المسببة للوباء بين البشر بدأت تظهر في الخنازيرquot;.

وتضيف سترو quot;لكن ينبغي أن نلاحظ أن هناك سابقة تشير الى إمكانية او قدرة فيروسات الأنفلونزا على إصابة سلالتين مختلفتين quot; وضربت مثالا بأنفلونزا الطيور التى يمكن ان تنتقل من الطيور الى البشر ، وquot;لذلك ترى قرار إعدام الدواجن فى مصر وهونج كونج وغيرها من البلدان التي تعاني من مرض أنفلونزا الطيور صائبا quot;.

ماذا بعد إعدام مصر لجميع الخنازير ؟

فى ظل عدم وجود دليل على أن أكل لحم الخنزير او منتجاته يمكن أن تسبب عدوى H1N1 , تبدو إشكالية تصريف الإنتاج الهائل من اللحم مع قلة عدد المستهلكين وعدم امكانية التصدير .فاغلبية السكان من المسلمين لا يأكلون لحم الخنزير , بينما الأقلية القبطية البالغ نسبتها من السكان 10% تأكله .

وتثور حالة من الذعر بين المواطنين من quot;الغش التجاري وخلط لحم الخنزير بمنتجات اللحوم الأخرى للتخلص من اللحوم quot;, كما يقول محسن سليمان 62 عاما موظف بالمعاش , والذى أضاف قائلا quot;المشكلة ان الضمير معدوم وحصل قبل كده مع لحوم القطط والكلاب quot;.

وقد أعلنت الحكومة قرارها بشكل مفاجئ بذبح الخنازير , دون استعدادات كافية وفى ظل شكوك عن عدم وجود محلات مجهزة لاستيعاب هذه الكميات , وهو ما قد يؤدى الى الغش التجارى للتصرف فى هذه اللحوم , بخلط لحم الخنزير فى منتجات اللحوم المجمدة او المفرومة , وخاصة فى غياب الرقابة على الأغذية المباعة فى الأسواق .

بشأن هذه المخاوف سألت quot;ايلاف quot;الدكتور إبراهيم البندارى ndash; الهيئة العامة للخدمات البيطرية- واجاب قائلا quot;اذا انعدم الضمير يبقى عليه العوضquot;, لكنه اكد ان quot; الحكومة لا تصدر قرار دون حسابات quot;, مشيرا الى ان حساباتها دقيقة من ناحية مجازر الذبح وثلاجات التخزين .quot; لكن الطاقة الاستهلاكية التى تستوعب هذا الحجم من الإنتاج غير موجودة , ولا توجد إمكانية للتصديرquot; كما قال .

ويشكل التخلص من القمامة التى تتغذى عليها الخنازير تحديا أخر أمام الحكومة المصرية , نظرا لعدم وجود مصانع كافية لمعالجتها , فمصر الدولة الوحيدة فى العالم التى تعتمد فى تربية الخنازير على القمامة والمخلفات العضوية , وتظهر إشكالية معالجة هذه المخلفات بعد إعدام جميع الخنازير فى ظل تحذير خبراء البيئة من التخلص من المخلفات العضوية بدون معالجة , سواء الحرق او الدفن, لذا من الضرورة إقامة مصانع لمعالجة هذه المخلفات والاستفادة منها فى إنتاج طاقة او أسمدة كما تفعل دول الغرب .