يسعى المخرج محمد القفاص في عملة الجديد quot;الحلال والحرامquot; تعرية المجتمع وكشف الزيف الذي يعيشه.


الرياض: يبدو أن المخرج البحريني محمد القفاص على موعد مع النجاح، فقد اعتاد الجمهور الخليجي منه على أعمالٍ درامية مميّزة تخترق تابوهات إجتماعية بطريقة غير مألوفة، وبأسلوب السهل الممتنع يعرض للمجتمع ثقوب الحقيقة المؤلمة التي تحتمي بها سلبياته وأفعاله وسلوكياته المتناقضة.

في مسلسل laquo;الحلال والحرامraquo; يقتحم القفاص مع الكاتب أحمد الفردان جدران الممنوع والمحرم، ويتمرّد على الغطاء الإجتماعي للعادات والتقاليد التي تعاني منها مجتمعاتنا، ويصارع الرهبة والرغبة في ما يحلّله المجتمع ويحرّمه.

واستطاع الثنائي القفاص والفردان أن يحققا نجاحًا ملحوظًا على الرغم من أن عدد حلقات العمل التي عرضت حتى الآن لم تتعد أصابع اليد الواحدة، ولم تتكشّف بعد خيوط العمل الدرامية وأحداثه المترابطة بشكل كامل، لكن إطلالة عدد من نجوم الخليج بأدائهم الرائع يجذب أي مشاهد يبحث عن الإختلاف والتميز في الدراما الخليجية.

وكعادته استطاع القفاص خلق نوع جديد من الأداء المتناغم والمنسجم في العمل الذي يجمع أكثر من 18 ممثلاً من أبرز نجوم الدراما الخليجية، مثل غازي حسين، وصلاح الملا، ومنى شداد، وجيني أسبر، وفاطمة الحوسني، ومشاري البلام، وعبدالعزيز جاسم، ويلدا، ومرام، وأمل العوضي، وخالد أمين، وسعيد قريش، وعبدالله بهمن، وعبدالمحسن القفاص، وحسين المهدي، وملاك وغيرهم.

تبدأ أحداث العمل الدرامية بطرح عدد من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية التي تعاني منها جُل بلداننا العربية، مثل الطلاق وتعاطي المخدرات والفقر والبطالة وسوء العلاقات الإجتماعية وقضايا الفساد، لتضع رؤية العمل الدرامية المشاهد في خضم واقع مؤلم، ولكن لابد من مواجهته، وتدور الأحداث لتتداخل العادات والتقاليد التي تُحرّم الحلال وتُحلّ الحرام إجتماعيًّا وفقًا لمنظور قيمي وأخلاقي يجد الكثير من الغطاء الإجتماعي في ثقافة مجتمعاتنا.

وإذا ألقينا الضوء بعض الشيء على أحداث العمل الدرامية حتى الآن تتضح لنا الصورة؛ فعندما يعرض laquo;سيفraquo; مبلغ من المال على laquo;إلهامraquo; لتبتعد عن شقيقه الأصغر laquo;سلطانraquo; بدلًا من أن يجد لها وظيفة لتبتعد بها عن الحرام؛ وعندما يضغط laquo;سيفraquo; على شقيقته laquo;جوريraquo; ليحاول منع نشر موضوعاتها الصحفية التي تتعرض لقضايا فساد رجال الأعمال وإهمال الحكومة للفقراء على حساب الأغنياء بسبب ضغوط المسؤولين وعلاقاته مع رجال الأعمال؛ وعندما يعتدي laquo;سلطانraquo; بالضرب على laquo;غسانraquo; عندما يجده في المنزل برفقة شقيقته laquo;جوريraquo; من دون أن يعرف السبب أو يسأل، وإنما أوجد سوء الظن وقرر على أساسه فعلًا ما ونفذه فورًا؛ وكذلك عندما ترفض laquo;جوريraquo; مقابلة laquo;غسانraquo; لتتعرف إليه لأنها تسيء الظن أيضًا فيه، ولم تعط ثقة كافية في جدّيته نحو تغيير حياته للأفضل وطلبه الإرتباط بها على الرغم من أنها لم تقابله، وإنما أخذت القرار بالرفض من دون محاولة وضعه في الإختبار وإبعاد سوء الظن فيما يريد؛ يجد المشاهد أمامه مجتمعًا مليئًا بالسلوكيات المتناقضة التي تجعل الحلال حرامًا والحرام حلالًا ليس هذا فحسب، بل يوفر لها من يفعلها الغطاء الإجتماعي المناسب تحت اسم العادات والتقاليد.

لذا لابد من اقتحام هذه التابوهات في مجتمعاتنا العربية أكثر وأكثر؛ وكشف حقيقة السلوكيات المتناقضة بداخلنا، وتسليط الضوء على من يفعلها ويبررها ويعطيها غطاءً اجتماعيًّا مزيفًا ليس له علاقة بالحلال أو الحرام؛ فهل ينجح القفاص والفردان ونجوم العمل في ذلك؟ هذا ما سنراه في الحلقات المقبلة.