تخشى الممثلات العراقيات من أداء أدوار فيها إغواء أو إغراء بأي شكل من الأشكال، لأنَّ الشارع العراقي قاسٍ في انتقاده وفي رد فعله.


بغداد: اعربت فنانات عراقيات عن عدم تجسيدهن لأدوار فيها اغراء مهما كان شكله، معللات ذلك بالمجتمع العراقي المحافظ الذي يرفض أن يشاهد ذلك على الشاشة على الرغم من أن واجب الدراما هو نقل الواقع بكل تفاصيله، فيما أشارت أخريات الى أن المؤلفين لا يكتبون مشاهد فيها اغراء، وحتى إن كتبوا فإن الممثلة ليست لديها الجرأة للعب هذا الدور.

آلاء حسين
اكدت الفنانة آلاء حسين أنها ليست مع الاغراء على الشاشة الصغيرة لأن رأي الشارع قاسٍ فيها، وقالت: quot;اعتقد أن المشاهد التي تحمل اجواء الاغراء كانت موجودة في بعض افلام السينما التي توقفت لم يعد هنالك مثل هذه الأشياء وبخاصة في التلفزيون لأننا مجتمع محافظ، ولكن بعودة السينما ومن خلال اغلب النصوص التي قرأتها وجدتها تحمل مشاهد اغراء ساخنةquot;.

واضافت: quot;لاننا مجتمع محافظ لا نستطيع أن نتحمل رأي الشارع القاسي، ومثلما نرى في بيوتنا واهلنا نرى الآخرين، فأعتقد أن المواضيع التي فيها تفاصيل الاغراء مستساغة في السينما، اما في الدراما فإنها لست معها نهائيًاquot;.

وتابعت: quot;لم امثل دورًا فيه اغراء، لكنّ هناك اعمالاً رومانسية تتجسد في شباب وعلاقات حب من الممكن أن تكون هناك نظرات ولكن ليس بمعنى الاغراء المتعارف عليه، فهذا مستحيلquot;.

فائزة جاسم
اما الفنانة فائزة جاسم فقد اشارت الى عدم وجود ممثلة تمثل هذه الادوار ولا مؤلف يكتبها، فقالت: quot;لا توجد لدينا ادوار فيها اغراء، فنحن ننقل ما يدور داخل المجتمع، فكيف تمثل ممثلة دور الاغراء في مجتمع محافظ مثل مجتمعنا وبخاصة في هذه المرحلة التي فيها الارتداد نحو الداخل كبيرًا، صحيح اننا بعد عام 2003 انفتحنا ولكن نحو داخلنا، فلا اعتقد أحداً يقبل أن تجسد ممثلة أي دور فيه أي نوع من الاغراء لأنه سيراها ارتكبت خطيئة لا تغتفر ولا اعتقد ان هناك ممثلة لديها الجرأة ان تفعل ذلك، حتى وان كان بحدود ما يسمح به عملنا والوضع العام، وطوال مسيرتي الفنية لم اقدم أي دور فيه اغراءquot;.

وتابعت: quot;انا افهم الاغراء بالكلمة أو بالهمسة أو النظرة، ولكن من خلال متابعتي لا اجد أن لدينا مثل هذا، أن تأتي فنانة مثل مارلين مونرو أو هند رستم او هدى سلطان، لا توجد لدينا هكذا ممثلة ولا توجد لدينا هكذا ادوار ولا توجد لدينا هكذا صناعة، واساسا ليس لدينا كتّاب يكتبون عن هكذا ادوارquot;.

نسرينعبد الرحمن
فيما اشارت الفنانة نسرين عبد الرحمن الى وجود شيء من الاغراء بالنظر والغنج، فقالت: quot;عدم بروز الاغراء يفرضه واقع مجتمعنا الذي لا يتقبل هذا الأمر، الاغراء كما اعرف من الممكن أن يقدم باشكال متعددة وليس شرطًا أن يكون بالتعري، من الممكن أن يكون بإشارة أو نظرة عين، اعتقد أن هذا موجود وبخاصة في السينما قبل اكثر من عشر سنواتquot;.

واضافت: quot;لم يسبق لي أن مثلت دور اغراء من أي نوع، واعتقد أن الممثلة احيانًا لا تقبل بهذا الشيء، مثلا قبل مدة عرض عليّ مثل هذا الموضوع من قبل المخرج السوري نذير عواد، فقلت لهم إن هذا ممكن لانني اعرف أن الاغراء ممكن أن يكون على عدة انواع، فطلبت منه النص فرفض، فرفضت ان اعمل، اعتقد أن عدم وجود الاغراء يتعلق بأن الكاتب اولاً لا يريد أن يكتب أو أن الممثلة لا تريد أن تمثل دوراً فيه اغراء خوفًا من الشارع العراقي الذي لا يرحم احيانًاquot;.

انسام القيسي
من جانبها، اكدت الفنانة انسام القيسي أن البعض يعتقد الاغراء مخالفًا للتقاليد والعادات، وقالت: quot;هناك العديد من الكتابات الدرامية وهناك انتاج ولكن الخلل في مجتمعنا، فنحن كفنانات ينتقدنا المجتمع وينظر الينا بنظرة سيئة واننا من عوائل غير جيدة وتربيتنا سيئة، لذلك نحن تقيدنا بهذه النظرة، يعني اذا الفنانة ارتدت في مسلسل ملابس تظهر اجزاء من جسدها يحسبونها (خارجة عن الطريق) فكيف اذا مثلت دوراً فيه اغراء وشيء من العري، على عكس ما كان في السابق، حيث كنت اشاهد اعمالاً كثيرة فيها اغراء بمختلف الاشكال، ولكن ما كان احد ينتقد بهذا الشكل الغريب، ولكن الآن الزمن تغيّر وصار المشاهد ينظر الى هذه الاشياء وكأنها مخالفة للاعراف والتقاليدquot;.

واضافت: quot;احيانا على الفيس بوك نضع صورة فيها زند اليد ظاهر أو لقطة مختلفة، فتعال واقرأ التعليقات العجيبة الغريبة على هذه الصورة، فكيف حين يشاهد في التلفزيون نساء بملابس قصيرة أو بعض مفاتنهن ظاهرة للعيانquot;.

وتابعت: quot;عندما كنت في سوريا مثلت مع المخرج اركان جهاد مسلسلاً بعنوان (هناك حكاية اخرى) وقدمت دورًا فيه اغراء وشيء من العري والرقص، ولأنني في سوريا مثلت العمل، ولو عرض العمل نفسه عليّ وانا في بغداد لن اقبله لأنني اعرف نظرة الناس وحالة استقبالهم لذلكquot;.

حامد المالكي
الى ذلك، اكد الكاتب الدرامي حامد المالكي وجود صعوبات لديه ومعاناة في كتابة الاغراء، فقال: quot;المؤلف يتمنى أن يكتب كل الحالات الانسانية والاغواء والاغراء من هذه الحالات، لكن المشكلة في المجتمع العراقي الذي يرفض هذه القضية، وكذلك من الصعب أن تجد ممثلة اليوم توافق على تأدية ادوار اغراء اجتماعيًا ودينيًا بخاصة بعدما سيطرت المؤسسات الدينية على المجتمع العراقيquot;.

واضاف: quot;لي تجربة في مشاهد الشرب (شرب الخمر) انا اول كاتب عراقي اخرج هذه المشاهد بالتفصيل الممل في مسلسلات (سارة خاتون) و(فوبيا بغداد) و(السيدة) و(ابو طبر)، الى اليوم كلما شاهدني شخص يعيّرني بذلك، فكيف لو كتبت مشاهد اغراءquot;.

وتابع: quot;كتبت شخصيات نسائية في سارة خاتون، طيرة المصرية ورحلو الحلبية، واستعنّا بممثلتين سوريتين لتأدية الادوار لأن الممثلات العراقيات رفضن تمثيلها، والمخرج ايضا يحسب حساب المجتمع عندما يصور الاغراء أو الشخصيات المغرية، بالنتيجة الدراما العراقية اسيرة المجتمع والدينquot;.

سامر المشعل
اما الناقد الفني سامر المشعل فأشار الى ازدواجية المجتمع العراقي في سلوكه، وقال: quot;نحن نعرف أن الدراما هي انعكاسات للواقع المعاشي، ندخل بعمق وتفاصيل الحياة اليومية للناس، والواقع فيه اغراء ما بين الحبيبة وحبيبها والزوجة وزوجها، أو أن شرط الاغراء قائم ما بين الانوثة والذكورة، فهناك جذب، لذلك نجد أن الظاهرة الغريبة الموجودة في الدراما العراقية محافظة جدًا وتضع الكثير من الحجب والمحرمات على الدراما، وقد يكون هذا واحدًا من اسباب تراجع الدراما العراقية وعدم تمكنها من اقناع المشاهد العراقي، فهي تتهرب وتزوغ عن تقديم الاغراء في تفاصيل العمل، وهذا يوقعنا في خلل هو أن الدراما العراقية مصنعة وليست منفتحة على الواقع مثلما نشاهد في الدراما المصرية أو اللبنانية أو السورية، هذا المسكوت عنه أو غير المرئي او الغاطس جعل المتلقي يجد البديل الموضوعي في الدراما التركية المدبلجة التي تعطي مساحة كبيرة للاغراء وبروز مفاتن الاجسادquot;.

واضاف: quot;طبيعة الحياة العراقية طبيعة ازدواجية، يعني في الحياة نجد هناك وجهين في التعامل، انت تريد شيئًا ولكن تظهر على الشاشة العكس، هذه الازدواجية انعكست على العمل الدرامي، المتلقي العراقي يريد هذا الاغراء كحالة طبيعية، ولكن الطبيعة المحافظة والمحرمات الدينية انعكست على الدراما فمنعت الكثير من الجماليات عنها، وكان على الدراما العراقية أن تعمل بحرفية وأن تنقل الواقع كما هو، لكن هذا الاخضاع جعل الدراما لا تتوغل في منطقة الاغراء ولا تظهر أي مفاتن على الشاشة، وبالتالي جعلها ترتدي النقاب بدل أن تكشفه لنعرف حقيقة واقعنا ونكون اكثر جرأة وصدقًا بالتعامل مع نقل الواقع والارهاصات النفسية والايروسية الموجودة في دخيلة المواطن والمجتمع عمومًاquot;.