يعيش كتاب الدراما السورية حالة من الكرّ والفرّ مع السلطات السورية التي اعتقلت عدداً منهم بسبب آرائهم السياسية المعارضة للنظام.


دمشق: لم يكن مفاجئا خبر اعتقال الكاتب والسيناريست السوري فؤاد حميرة من قبل أجهزة الأمن السورية قبل أيام، بل ربما كان من المستغرب عدم اعتقاله في ظل معارضته الصريحة للنظام ومواقفه العلنية الناقدة لأجهزته الأمنية والعسكرية وتصرفاتها وأفعالها.

اعتقال حميرة خلال مراجعته لمكتب الهجرة والجوازات في مدينة اللاذقية، جاء بعد أيام على اعتقال كاتب سيناريو سوري بارز هو سامر رضوان، قبل أن يتم إطلاق سراحه بعد تضارب الأنباء حول أسباب الاعتقال، فيما إذا كانت قضائية نتيجة خلاف شخصي مع ممثل مغمور كماقالت أجهزة إعلام مقربة من السلطات أو أمنية نتيجة مواقف رضوان المعارضة ونص مسلسله الجديد quot;منبر الموتىquot; الذي يقارب فيه جزءاً من الأزمة السورية وأداء ضباط جهاز المخابرات.

يقول ناقد وصحافي سوري فضل عدم الكشف عن اسمه لإيلاف إن اعتقال رضوان جاء لأسباب سياسية بحتة، مشيرا إلى أن القضية التي رفعها الممثل المدعو محمد عمر على كاتب السيناريو السوري هي بإيعاز من أجهزة الأمن نتيجة مواقف صاحب quot;الولادة من الخاصرةquot; وquot;لعنة الطينquot;.

ويضيف الصحافي متسائلاً: أليس من الغريب أن تظهر الدعوى القضائية الآن، رغم أن تاريخ المشكلة يعود إلى عدة أشهر، وسبق خلالها لرضوان أن سافر خارج البلاد وعاد أكثر من مرة فلماذا لم يتم اعتقاله على الحدود قبل ذلك؟.

من جانبه، سارع الممثل محمد عمر إلى توزيع بيان صحافي يفند فيه كل ما رافق اعتقال رضوان، ويؤكد أنه تعرض لاعتداء من قبل السيناريست السوري، مشيرا إلى وجود quot;شكوى قضائية وأمنية مقدمة من قبلي على أنه خطفني وحاول قتلي وسبب لي عجز بالكلية وذلك من أجل طمعه الماديquot;.

وأكد عمر أن القضية quot;لا تتضمن أي شكوى سياسيةquot;، راجيا من الجهات الإعلامية quot;إنصافي فأنا المجني عليه ولست الجانيquot;.

وإذا كانت قضية سامر رضوان شائكة، ولم تتضح جميع معالمها حتى الآن، فإن قضية فؤاد حميرة واضحة، ولم تشهد أي تأويل، فالجميع أكد على أن الاعتقال سياسي بحت، ناتج عن مواقف وآراء صاحب quot;الحصرم الشاميquot; بأجزائه الثلاثة.

حميرة كان في أبرز مواقفه وجه رسالة مفتوحة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي quot;فيسبوكquot; وخاطبه فيها قائلا: أما زلت مصرا على قيادة المقاومة والممانعة بشعب يتعرض للإذلال والإهانة والاعتقال والقتل على يد شبيحتك وأجهزة أمنك؟ أما زلت تريد الانتصار على إسرائيل ببلد أوصلته حكمتك إلى الدرك الأسفل الذي يعيشه الآن؟ حيث تنتشر الجثث والتفجيرات والكمائن وعمليات الخطف والسلب والنهب والحرق...حيث لا أمان لسوري حتى في بيته.

وأضاف حميرة: هل تريد تحرير الجولان بشعب يعيش أقذر حالات الحرمان والإقصاء والإلغاء والبطالة والفوضى الأمنية والفلتان القانوني؟ أما زلت مصرا على قدرتك في القضاء على المؤامرة المزعومة باقتصاد منهار، وشعب على أبواب حرب أهلية بفضل عبقريتك؟ بثقافة الفساد واللصوصية؟

وختم كاتب السيناريو السوري: شعب يريد الكرامة، هو فقط الشعب القادر على تحرير الجولان وقيادة المقاومة، أما الشعب الذي تريد له الذل كل ساعة، فلن يكون إلا عبئا ثقيلا على كاهلك..شعب تحرمه من الكهرباء...شعب يعيش في العتمة...شعب تحرمه من الغاز والوقود الشتوي...شعب تحرمه من العمل...تحرمه من الحرية.... لن ينتصر إلا عليك.

قبل رضوان وحميرة، ما يزال الكاتب الدرامي عدنان زراعي معتقلا في سجون النظام السوري، وهو أحد الفنانين الذين تحدث عنهم مكسيم خليل في كلمته خلال حفل توزيع جوائز quot;الموريكس دورquot; قبل أيام، وطالب بإطلاق سراحهم.

سابقا، سبق لكاتبتي سيناريو أن تعرضتا للاعتقال على يد أجهزة النظام، بعد اندلاع الاحتجاجات ضده في آذار/ مارس من العام 2011، وهما ريما فليحان ويم مشهدي، تحولت الأولى إلى واحدة من أبرز شخصيات المعارضة السورية، وأصبحت عضوا في المجلس الوطني ومن ثم في الائتلاف الوطني، أما يم مشهدي فما زالت تقيم في سوريا، وهي بعد اعتقال رضوان كتبت على صفحتها الشخصية: أغلب كتاب الدراما معارضين، أغلب الممثلين موالين، أغلب المخرجين صامتين، في البداية كانت الكلمة.