مونودراما بريطانيّة تعيد رئيسة وزراء بريطانية السابقة المرأة الحديديّة مارغريت تاتشر إلى الحياة عبر ممثّل بارع في ذكائه، وأبحاثه، وذاكرته، وسرعة بديهته "بيب أتون" الذي قدّم عرضاً مذهلاً بعنوان "ماجي" (تصغير إسم مارغريت) ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان الفجيرة الدولي للفنون.



&سعيد حريري من الفجيرة: "المومياء" تعود، بهذه الكلمات وصف الممثّل البريطانيّ بيب آتون تجسيده لشخصيّة مارغريت تاتشر في مونودراما "ماجي" الذي قدّمها مساء أمس على مسرح جميعة دبا للثقافة والإعلام.
ولا شكّ أنّ هذا التجسيد، ليس مجرّد آداء لشخصيّة تاتشر، بقدر ما هو تشرّب للمرأة الحديديّة، وفكرها، وطريقة تعاملها مع الأمور، وإدراكها للإجابة على الأسئلة غير المتوقّعة. حيث أنّ "أتون" قدّم في العرض شخصيّة ممثّل يُدعى ديف شيروود، يستعدّ للعب دور تاتشر، فيخاطب في بداية العرض التقنيّ المرافق له، والذي لا يظهر على المسرح سوى بالصوت، ومن ثمّ يتوجّه إلى المرآة، ليضع الماكياج، والشعر المستعار متحوّلاً إلى تاتشر.

تستعدّ "ماجي" لإلقاء كلمة محضّرة، ومن ثمّ تتوقّف لتعلن بأنّها تفضّل عدم الحديث إلى الجمهور، بل معهم، فتطلب منهم طرح الأسئلة عليها، طالبةً أيضاً من تقنيي المسرح إشعال الأضواء لرؤية المشاهدين أمامها.

وهكذا يحلّق "أتون" على بساط من سرعة البديهة، ومن الأبحاث الهائلة التي لا شكّ أنّه قام بها حول شخصيّة تاتشر، وتاريخها، وأفكارها، وطريقة تعاملها مع العديد من المعضلات، والمشاكل، والأحداث والعلاقات التاريخيّة التي عايشتها في زمانها، متلقيّا أسئلة الجمهور، دون علم مسبق بها، ومستعداً للإجابة عنها كما لو أنّه تاتشر فعلاً، ماضياً في عرضه بدون نصّ مسرحيّ (سكريبت) معدّ.&

&تتحدّث "تاتشر" عن قضيّة لقبها الذي لازمها طوال حياتها "Milk Snatcher" (خاطفة الحليب)، وهو اللقب الذي نالته بعد قرارها بمنع الحليب المجاني عن الأطفال في المدارس في خطوة للتوفير الحكومي. وتجيب عن سؤال أحد الضيوف الروس في المسرح عن علاقتها بغورباتشوف، قائلةً: "إنّه رجل يتمتّع بحسّ الفكاهة، والذكاء".

وتصرّح تاتشر بأنّها غير نادمة أبداً على حرب "فوكلاند" التي خاضتها ضدّ الأرجنتين التي حاولت الإستحواذ على جزيرة "فوكلاند" البريطانيّة المجاورة للأرجنتين، قائلةً: "لقد تعدّت الأرجنتين حدودها، وإعتدت على مواطنين بريطانيين".

ويتابع "أتون" تقمّصه لتاتشر ويجب على سؤال لـ "إيلاف" هذه المرّة حول ما تتمنّى تاتشر تغييره في بريطانيا اليوم، قائلاً: " على السياسيين أن يتوقّفوا عن سياسة إرضاء الآخرين، وتكوين الصداقات مستفيدين من عملهم السياسيّ، فحينما كنت أمارس السياسة لم أكن معنيّة أبداً بتكوين الصداقات".

وفي سؤال للراقصة المسرحيّة القديرة اللبنانيّة جورجيت جبارة، عمّا إذا كانت تعتبر نفسها رئيسة وزراء مثيرة، قالت: "لم تخطر هذه الفكرة في بالي أبداً، آمل أن أكون رئيسة وزراء أنثى على الأقل"، مما اثار موجة عارمة من الضحك في الصالة.&

&وعن دونالد ترامب، قالت تاتشر: "أسهل جواب يخطر في بالي هو أن أنصحه بزيارة مصفّف شعري، (يضحك الجمهور طويلاً). إنّه رجل خطير، والولايات المتحدّة ستكون أسوأ مكان في العالم في حال إنتُخب رئيساً لها".

وعندما وجّهت إحدى الحاضرات السؤال التالي: "ما هو القرار الذي ندمتي عليه"، قالت تاتشر: أنا سعيدة جداً أنك طرحتي عليّ هذا السؤال! السؤال التالي لو سمحتم، مما جعل الموقف الكوميديّ& المضحك يخيّم على أرجاء القاعة.

وفي سؤال آخر لإيلاف عمّن تستحقّ لقب "المرأة الحديديّة" اليوم برأيها: "قالت لا شكّ أنّها أنجيلا ميركيل، المستشارة الألمانيّة، ولكن أفضل أن تحمل لقب "سوفت ستيل" أي (الفولاذ الناعم".

وهكذا، مضى هذا العرض المسرحيّ المثير للإهتمام، ببراعة "أتون" الذي تشرّب طريقة التفكير السياسيّ لتاتشر، وتلقّى الأسئلة وأجاب عنها ببراعة بالغة. إنّها قطعة مسرحيّة رائعة من البحث والذاكرة وقّعتها موهبة أتون، الذي ولو كان لا يشبه تاتشر جسدياً ، إلاّ أنّه تمكّن من تقديم عرض مونودرامايّ مسرحيّ مثير للإهتمام.


&