إيلاف من بيروت: عاد جان بيير ولوك داردين إلى مهرجان "كان" مع فيلم بعنوان "The unkown girl" من بطولة أديل هانيل التي تلعب دور طبيبة يلاحقها شبح مقتل مهاجر مجهول الهوية. 

وتبدأ قصة العمل بدورها كمسعفة في هذا العمل الذي ينتمي إلى الدراما الواقعية الأوروبية بحيث تتصرف بمنتهى الرصانة والتركيز الداخلي والعمق، حيث تقول: "الطبيب الجيد لديه القدرة للسيطرة على مشاعره ". وعلى ما يبدو فإن "هانيل" بشخصية "جيني دافين" تتبع هذه القاعدة، إلا أن هذه الدراما تناقش بطريقةٍ هادفة ويحرفية أفق توسيع وتطور مهاراتها الشخصية وكيفية استيعابها لمجريات الأمور وأداء الواجب بين المساءلة والتكفير والتراخي عن قصد - أو غير قصد -ما يؤدي إلى عواقب وخيمة .

والجدير بالذكر أن أعمال "داردين" بدأت منذ البداية مع وجوه غير معروفة وأصبحت لاحقاً عناصر رئيسية كعلامة دائمة في أعمالهما، وأبرزها جيريمي رينييه وأوليفييه غورمت، وكلاهما يرسخ انطباعات قوية هنا في الأدوار الثانوية. لكن هذا الفيلم هو الثالث على التوالي للإخوة البلجيكيين الذي يركزان فيه على الممثلة أديل هانيل الفائزة بجائزة سيزار لأفضل ممثلة في عام 2014 عن دورها بفيلم "Love at First Fight"، يليها "سيسيل دو فرانس Cecile de France" في "The Kid With a Bike" وماريون كوتيار فTwo Days, One Night.

وكما في تلك الأعمال، تُبدِع "هانيل" هنا عبر هذه البورتريه الصغيرة التي يحددها ضبط النفس الدرامي والنزاهة، والبصيرة الوجدانية والمصداقية. وتنضم الدكتور دافين في هذا المعنى إلى مجموعة الشخصيات النسائية التي لا تنسى في أعمال "داردرين" والتي كان أبرزها مع إميلي ديكوين في Rosetta، الذي منح "الأخوين" الفوز الأول بالسعفة الذهبية Palme d'Or في العام 1999، فيما نالوا الثانية في العام 2005 عن فيم The child.

 وعليه، فإن لم يكن The Unkown girl كعمل من مصاف الطبقة العليا من عملمها، فإنه يبرهن على ما يكفي من قوة حضور توقيعهما ككاتب ومخرج على ساحة الأعمال العالمية وفقا لمعايير الحد الأدنى لأعمالهما. فهو يتناول خطوط مهمة ويمكن اعتبار الفيلم لغزاً إجرائياً فائقاً على مستوى منخفض.

إلى ذلك، فإنه من المهم الملاحظة بأن هذا العمل يلتصق بالمخاوف الموضوعية للسينمائيين حول المشاركة الاجتماعية ضمن بيئات الطبقة العاملة، حيث هناك اختلال بالتوازن الاقتصادي بانتشار البطالة والمهاجرين. كما أنه يصوّر عامل القلق كجزء دائم الحضور في النسيج الاجتماعي. وهنا يبرزه على أنه الدافع وراء قرار "دكتور جيني" لرفض الطموح والمكافأة المالية حيث ترفض فرصة كبيرة في مسيرتها المهنية لصالح المصداقية في الممارسة الطبية المبنية على الرعاية الفردية لمريض ذات الدخل المنخفض، ما يولد فيها الشعور بالذنب والضياع بين تقصيرها بالسعي لتطوير مستقبلها المهني خدمة لمناقبية العمل ومصداقية الأداء والشعور بالذنب تجاه المريض. وهنا ربما تكون المعالجة تحمل القليل من المبالغة في صراع مرايا النفس بين فكرة الالتزام المهني الحازم الذي يعممه الأخوين "داردين" والقصص عن أناس حقيقيين من الطبقة المحرومة.

وفيما قال لوك داردين في مؤتمرٍ صحفي أن هذا الفيلم ينطوي على لغز جريمة قتل، يمكن القول بأنه عمل مميز تلتقي فيه الجريمة مع الشعور بالذنب.