في أوروبا قوانين صارمة ضد قيادة السيارة تحت تأثير الكحول، لكن لا قوانين تحكم قيادة السيارة تحت تأثير النعاس، رغم أن الحوادث المميتة بسبب النعاس أكثر وأخطر من حوادث الموت تحت تأثير الكحول.
ماجد الخطيب: رغم العقوبات الصارمة التي تصل حد سحب اجازة السياقة، يبقى الكحول سبباً واحداً من كل&سبعة حوادث سيارات في ألمانيا. إلا أن السبب الأول للموت في حوادث السيارات هو الارهاق والنوم لثوانٍ على مقود السيارة، بحسب دراسة إحصائية جديدة أجراها نادي السيارات الألماني.
النوم القاتل
ظهر لخبراء النادي من تحليل المعطيات المتوفرة عن الحوادث في العام 2012، أن الموت بسبب النوم لثوانٍ على المقود هو سبب ربع الحوادث التي تشمل السيارات الشخصية الصغيرة، وسبب الموت في 20% من حوادث الحافلات والناقلات.
طبيعي، فإن الحوادث بسبب قيادة الناقلات أخطر من حوادث السيارات الشخصية، وخصوصًا حينما تكون في المساء. وعندما بحث خبراء النادي امكانية وضع ثوابت لموضوع قيادة السيارات في حالة الارهاق عجزوا عن وضع مثل هذه الثوابت، لأنه ليس هناك فحص طبي، ولا جهاز علمي يمكن أن يقيس حالة الأرهاق، أو أن يرصد شدة النعاس التي تلم بسائق السيارة.
يبقى أن على الإنسان عدم التقليل من خطر النعاس والتعب على قدراته وتركيزه، لان الارهاق في العمل، نوبات العمل المسائية، والعمل المستمر لأكثر من 12 ساعة في اليوم، يمكن أن يشكل خطرًا على حياته. يثبت ذلك استنتاج الخبراء الذي ذكر أن معظم الحوادث الناجمة عن الارهاق تحصل بعد الظهر (بعد الغداء) وفي المساء.
العلماء يبحثون
في مؤتمر نقابة الأطباء الألمان المختصين في شؤون النوم، الذي يجري حاليًا في كولون، توصل الباحث هانز-غونتر فييس إلى أن الموت بسبب التعب والنوم لثوانٍ على مقود السيارة على المستوى الأوروبي يعادل ضعفي إلى ثلاثة اضعاف الموت بسبب الكحول . وطالب فييس الحاضرين بالعمل على سد هذه الثغرة في قانون سلامة الطرقات، مشيرًا إلى انه من غير الممكن أن تنجح القوانين في تقليل الحوادث الناجمة عن تعاطي الكحول وتتجاهل مشكلة قيادة السيارة تحت تأثير الارهاق والنعاس.
وأشار فييس، وهو رئيس جمعية النوم الألمانية، إلى أن ساعة الجسم الداخلية التي تدق جرس النوم في رأس الإنسان بعد العمل، تحين بين الرابعة والسابعة صباحًا، وبين الواحدة والرابعة بعد الظهر.
نظام إلكتروني
تكشف الدراسات التي أجراها فييس في مختبر النوم على متطوعين غير كحوليين أن البقاء دون نوم لمدة 17 ساعة يعادل درجة 0,4 من شرب الكحول. اما البقاء بلا نوم لمدة 22 ساعة فيعادل تأثر 1,0 بروميل (واحد من ألف جزء) على الإنسان.
وكبداية لا بد منها، يمكن تدريب رجال شرطة المرور في مختبرات النوم على مؤشرات الارهاب والنعاس. وفضلًا عن الاستفسار من سائق السيارة عن حالته البدنية والجسدية، خلال الساعات الخطرة المذكورة، يمكن اعداد كتالوج من الأسئلة التي قد تكشف قوة تركيز سائق السيارة.
أكد فييس على ضرورة تثقيف الناس بمخاطر قيادة السيارة وهم في حالة ارهاق. ولا بد من تطوير نظام الكتروني يعين رجال الشرطة على رصد حالات الارهاق، كما يمكن تطوير أنظمة الأمن في قيادة السيارات وسبق لشركات سيارات أن طورت أنظمة السيارة كي تتوقف تلقائيًا عند شعورها بأن سائقها لا يتعامل معها بكفاءة.
التعب في البؤبؤ
اتفق الخبراء على العديد من العوامل المشتركة التي قد تتيح التوصل إلى طريقة موثوقة لقياس شدة تعب الإنسان. واجمعت آراء الخبراء على حصر العملية بين اثنين، هما رجل الشرطة وسائق السيارة. بمعنى آخر، الاعتماد على جهاز تقني يقيس شدة التعب، أو الاعتماد على الشعور بالمسؤولية لدى السائق. اتفقوا أيضًا على أن التعب والنعاس عاملان لايمكن للإنسان أن يفتعلهما أو يخفيهما كما قد يحصل أيضًا مع بعض الثملين.
على مستوى الجهاز، يمكن للشرطة مستقبلًا أن تراقب بالرادارات والكاميرات كفاءة السائق أثناء القيادة، وخصوصًا في المنعطفات، ومدى التزامه بأحد خطوط الشارع. ومن الممكن أيضًا تطوير جهاز محمول يقرأ التعب من مدى توسع بؤبؤ العين، أو جهاز صغير يمسح الدماغ للكشف عن مدى نشاط اجزاء الدماغ الخاصة باليقظة.
جرب الخبراء كل هذه الطرق وتوصلوا إلى أن طريقة واحدة منها لا تكفي بمفردها لقياس شدة التعب. وهذا يعني أن عليهم البحث عن وسائل أخرى أو وضع نظام خاص يأخذ كل هذه العوامل والطرق بعين الاعتبار. والمهم أن الخبراء، بحسب رأي بالتو، وجدوا صعوبة في دمج كل هذه العوامل في جهاز واحد، كما فشلوا في دمج أنظمة قراءة البؤبؤ ومسح الدماغ بنظام الأمن في السيارة.
رصد سرعة الرموش
وتوصل الخبراء إلى أن أفضل الطرق لقياس شدة التعب ربما تعتمد على رصد سرعة انفتاح وغلق رمش العيون. وهي طريقة استخدم فيها كاميرات غاية في السرعة لقياس سرعة الرموش، لأن سرعة رمش العين تكشف مدى يقظة الإنسان.
وظهر أن الطريقة شبه مضمونة، كما يتقبلها سائق السيارة بسهولة من دون أن يشعر بالانزعاج والحرج عندما يستخدمها الشرطي لفترة ثوانٍ.
المشكلة تكمن هنا في دمج الكاميرا بنظام السيارة الأمني كي توقف السيارة حال رصدها انخفاض سرعة الرمش إلى الحد الأدني، لكن لا أحد من راكبي السيارات اليوم يود نصب كاميرا تراقبه كافة الوقت، وقد تكشف سرعته وأسرار عمله وارقام الهواتف التي يستخدمها، أو أن تكشف للزوجة صورة عشيقة تجلس جنبه...إلخ
الاضاءة ضرورية
اتضح أيضًا أن كفاءة الكاميرا قد تنخفض في وجود اضاءة غير كافية أو عند لبس نظارات سوداء كمثل. المشكلة الثانية أن هذه الكاميرا قد تخطئ أيضًا إذا كان سائق السيارة يلبس نظارات تعكس عدساتها الضوء إلى الخارج. عمومًا، أثبتت الكاميرا كفاءة جيدة عند استخدامها نهارًا على الطرقات السريعة، خصوصًا حين يكون الشارع مستقيمًا وقليل المنعطفات. لكن كفاءتها تنخفض في الشوارع الريفية وفي زحام المدن وعلى الطرقات الجبلية المتعرجة.
وطبيعي فإن كفاءة كل هذه الطرق قد تنخفض في الكشف عن آثار الارهاق على الانسان بعد حصول الحادث. لأن الحوادث تؤدي إلى زيادة فرز الجسم لهرمون الانسولين الذي سيضع قناعًا من اليقظة على وجه السائق يخفي حالته المرهقة.
التعليقات