اجتاحت مواطني (سنجار) العراقية فرحة مليئة بالشجن مع الاخبار التي تناقلت تحرير المدينة من سيطرة تنظيم "داعش" بعد اربعة اشهر من غزوها وتشريد اهلها وسبيهم وقتل المئات منهم في ممارسات لم تشهد المنطقة مثيلا في وحشيتها على امتداد تاريخها.

عبد الجبار العتابي من بغداد: بدأ السنجاريون يعبرون عن سعادتهم بتبادل التهاني او التعبير عن ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي او الاتصال بمن يعرفونهم في محافظات اخرى حيث راحت التعليقات تزدان بكلمة (مبارك) على الرغم من انهم يشعرون بالكثير من الألم تجاه الاحداث التي مرت بهم والتي فقدوا فيها الكثير من ابنائهم وبناتهم.

لا تسعهم الفرحة

يعبّر الشاعر مصطفى السنجاري عن سعادته للتحرير.

يقول: "حمدا لله على اخبار تحرير سنجار، انا فرحان مثل الكثيرين من اهل سنجار الذين لم تسعهم الفرحة حين سماع الخبر، قبل قليل نزلت للشارع القريب والتقيت ببعض منهم، لانها فرصة القضاء على غريمهم ومشردهم رغم ان الالم ما زال يغص بالحلوق لانهم فقدوا الكثير".

يضيف: "لا اتوقع ان تكون عودة الاهالي الى سنجار على المدى القريب، الا بعد تحرير الموصل وتلعفر لانعدام توفير الخدمات والمواد، كما لا تتوقع عودة اكثر العوائل من الذين فقدوا احبة كثيرين لهم، اعتقد أنهم يرفضون فكرة العودة كما قلت لك على المدى القريب او على الاقل لغاية التئام الجروح.. يصعب اختصار هذا الكم الهائل من الهموم والمكابدات، يمكنني ان اصف لك حال البعض انك لو مررت من قرب احدهم فهو لا يراك، ولو كلمته لا يسمعك، ولو سمعك لا يفهمك، ولو يفهمك يزداد حيرة وكآبة، هكذا كان وضع النازح لأنه محروم من كل شيء، فمنذ أكثر من أربعة أشهر ولم يستلم سوى مليون دينار،أكثرهم كان يستلمه من هنا ويوزعه على الديون من هناك، يبحثون عن عمل فلا يجدون".

واضاف ايضا: "اما عن نفسياتهم، فكيف تتوقع ان تكون نفسية من لا يجد في بيته دينار ثمنا لدواء وصفه الطبيب لمرضاهم؟ هؤلاء هم اهل مدينتي، غير انهم بسماع خبر التحرير رفعوا رؤوسهم، وبدأ الامل يدب في نفوسهم بالعودة ولو بعد حين، واعتقد انهم سيدخلون سنجار فرحين ومبتهجين ولكن يشوب فرحتهم حزن على ما فقدوا، لان من فقدوا لا يعودون مهما فعلوا، ولكن تحرير سنجار امر مفرح ولا بد منه لا سيما انه يعني الانتقام من العدو الذي كان السبب في كل ما حصل لهم".

وقال إنّ العودة الى الديار فرحة رغم الحزن، بالنسبة لي فقط تحرير سنجار فرحة، حتى وان لم تكن هناك عودة قريبة، ونحن نعرف ان سنجار تهدمت لكن الجميع هنا يأمل التعويض من الدولة، وبالنسبة للسبايا فلكل حرب ضحاياها وألمنا في السبايا لا يقدر بتعويض حرب رغم أن موضوع السبايا يدمي القلب ولكن لا شيء يعوضه، ولكنها الاقدار تقتحم الامم وتريها ما لايسرها ولكن الشعوب يجب ان تعيش وتنهض من مآسيها".

وقال متوجها للحكومة: "نريد من الدولة بعد التحرير والعودة، الحماية أولا وتوفير المستلزمات والخدمات وتعويض العوائل بمبالغ تمكنهم من العودة الى حياة شبه طبيعية".

.. وحزن أيضا

اما خديدة جاسم حاج وهو مواطن ايزيدي من سنجار، فقد ابدى فرحه وحزنه في ان واحد.

وقال: "سماعنا لخبر تحرير سنجار افرحنا كثيرا لانه يعني طرد الدواعش المجرمين المتوحشين من اراضينا، انا فرحت لان المجرمين لاقوا مصيرهم في القتل والتهجير وقد تعبنا من النزوح والتشرد والجوع والبرد والعذاب ونريد ان نعود الى بيوتنا رغم الاحزان والالام وقد قتل الكثير من ابناء وشباب القضاء وسبي المئات من النساء الايزيديات على يد الدواعش المجرمين وهو حزن ما بعده حزن، فبقدر ما انا حزين للمصائب فأنا فرحان بالتحرير".

أضاف: "اتمنى ان نعود قريبا، ولكن لا اعتقد ذلك الا بعد تحرير الموصل وتلعفر، فهناك خطر كبير وخاصة بالنسبة لأهالي المركز لان هناك الكثير من المتفجرات، عندما اعود الى سنجار لن افكر ان اغادرها ابدا وسوف اموت فيها، فأنا أحببت مدينتي وأصبحت جزءا مني".

9000 فتاة مسبية

يشير الصحافي علي البدراوي إلى مقدار الحزن الذي في نفوس السنجاريين، وقال: "كلمني ليلة أمس صديق من دهوك على إحدى برامج الاتصال المجانية الحديثة، وقال لي: سنجار ستتحرر غداً بأيادي قوات البيشمركة ودعم من الفرقة الذهبية للقوات العراقية، وغطاء جويا من طيران التحالف الدولي، هنأته وهرعت الى صفحتي على فايسبوك لانشر شيئا يشير الى ذلك، لكنه طالبني بالتوقف قائلا: تريث قبل أن تكتب شيئا، فهل تعي ما الذي يعنيه تحرير سنجار؟ قلت له انها عودة الارض والكرامة والعزة المفقودة".

وقبل ان اضيف قاطعني قائلا: بل كلها جميعا لا تعني شيء أمام العرض المفقود! صدمت لما قال وانتابتني القشعريرة، فقال: ماذا سيقول أهاليها المهجرون حين عودتهم الى أرضهم دون 9000 فتاة سبية منهم ؟

وتابع البدراوي قائلا: "اضاف صديقي متسائلا: هل تعلم أن جميلة سنجار (ن) قتل رضيعها أمام عينيها، قتله والي سنجار المصري (ذي القرنين) "مدير تربية الموصل بحكومة داعش فيما بعد" ليبيعها بثمن بخس لصومالي في سوق باب الطوب، (ذا القرنين هذا قتل قبل 3 أيام بإحدى غارات طيران التحالف الدولي)، ثم قال: وهل تعلم أن صديقي الايزيدي (ر) أصيب بمرض خبيث من الصدمة جراء سوق عصابات داعش لاختيه وزوجته وزوجة أخيه، ليودعنه على الهاتف قبل لحظات من انتحارهن الجماعي قبل بيعهن بإحدى ساحات شارع الميدان بتلعفر؟ فبأي جرح سيعود أهالي سنجار الى أرضهم، وماذا سيقولون لها والالاف من بناتهم جرى لهن على مرأى من العالم أجمع ما جرى وبإسم الدين؟

ختم البدراوي بالقول: صدق صاحبي.. فسنجار تحررت قبل ساعة... لكن الاعراض لا تزال سليبة!

دعاء النائبة فيان
&
لم تجد النائبة الايزيدية فيان دخيل غير التبشير بتحرير& سنجار بالدعاء: "الحمدلله رب العالمين، انتصارات متتالية لقواتنا على جبل سنجار وإن شاء لله النصر الكبير قادم".

واضافت: "اللهم أزح هذه الغمة عنا، اللهم ارجع لنا مخطوفاتنا، اللهم احمي رجالنا الأبطال الذين يدافعون عن ارضنا، اللهم أعدنا الى ارضنا سالمين غانمين، اللهم انصرنا على الظالمين المجرمين، اللهم أعد البسمة الى اطفالنا، اللهم اجمع شملنا من جديد، اللهم تقبل دعواتنا ودعوات كل من أراد لنا الخير، آمين، صياما مقبولا للجميع، وإن شاء لله العام القادم نحتفل بالعيد ونحن في ديارنا.

سنجار تحت احتلال داعش - تسلسل زمني

**هروب الأهالي والسكان إلى الجبل في حالة من الذعر والفوضى

**وفاة العشرات منهم في ثنايا الجبل من الإجهاد والعطش

**حجز الآلاف من العوائل على طول الجبل وهم في حالة مزرية تنعدم فيها أبسط شروط العيش

**لجوء عشرات الآلاف من السكان إلى محافظات إقليم كردستان وبعض من محافظات الجنوب وتشريدهم

**تفجير جميع المراقد والمزارات المقدسة

**تحويل المدينة إلى منطقة أشباح خالية من السكان سوى البعض ممن استقبلوهم بالزغاريد واصطفوا معهم.

**سلب ونهب جميع المباني الخدمية

**الاستيلاء على ثروات المدينة وتصديرها إلى سوريا

**قتل المئات من الرجال وسبي المئات من النساء وبيعهن في سوق النخاسة