أثار نداء شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية للأسر والامهات المسلمات بالإبلاغ عن أبنائهن إذا شككن في أنهم يريدون السفر إلى سوريا للمشاركة في الحرب الدائرة هناك، ردات فعل متفاوتة.

وواجه نداء شرطة مكافحة الإرهاب انتقادات شديدة ورفضاً من الآباء والجمعيات الأهلية، واعتبر بعضهم أن قيام الشرطة بمطالبة الآباء والأمهات بالوشاية بأبنائهم وأقاربهم يتعرض لانتقادات بوصفه غير واقعي وغير مجدٍ.
وكانت الشرطة البريطانية أعلنت أنها ستطلب من الأمهات المسلمات إثناء الشبان في مجتمعاتهن عن الذهاب للقتال في سوريا، وذلك في أحدث أسلوب تنتهجه حكومة أوروبية ينتابها القلق من المخاطر الأمنية التي يشكلها الشبان الذين يتبنون أفكارًا أصولية خلال الحرب.
وأبرزت صحيفة (الغارديان) اللندنية في تقرير لها انتقادات واسعة وجهت للحملة على اعتبار أنها صممت ووجهت للجهة الخاطئة، حيث طالبت الشرطة الامهات والآباء بتفقد صفحات أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي والإبلاغ عنهم إذا شكّوا في نيتهم السفر للقتال في سوريا.
آلاف المقاتلين
وتشير تقديرات حكومية بريطانية إلى أن عدة آلاف من الأوروبيين ذهبوا إلى سوريا منذ ان بدأت الحرب قبل نحو ثلاث سنوات، وقالت هولندا هذا الأسبوع إن العشرات من مواطنيها تبنوا فكرًا أصوليًا في سوريا كما أعلنت فرنسا إجراءات للتصدي لتلك الظاهرة.
وقالت هيلين بول المنسقة الوطنية لسياسات مكافحة الارهاب في بريطانيا للصحافيين، بعد اجتماعها مع 40 امرأة من منظمات مختلفة لدى إطلاق الحملة الجديدة، quot;شعرت بقلق بالغ حقاً عندما رأيت عدد الشبان الذين يسافرون إلى سورياquot;.
وأضافت بول أن الهدف هو معرفة كيف يمكن للنساء التصدي لدوافع الشبان وأغلبهم ذكور للذهاب إلى سوريا سواء أكان ذلك للقتال أم لتقديم المساعدات وquot;احتمال تبنيهم نهجًا أصولياً وتحولهم إلى خطر أكبرquot;.
وإلى ذلك، نقلت الغارديان عن أندريا باربري الشرطية التي تحدثت لاجتماع حضرته عشرات الأمهات و الآباء في لانكشير ضمن الحملة، قولها، quot;لقد تحدثت مع عدد من الشباب الذين عادوا من سوريا وقالوا إنهم شاهدوا مقاطع على يوتيوب فيها شباب في سنهم يحملون الأسلحة وظنوا وقتها أن الامر مثير ورائعquot;.
وأضافت الشرطية باربري: quot;أحد هؤلاء الشباب قال لي إنه ظن أن الحرب ستكون كما يمارسها في ألعاب الفيديو لكن بالطبع الحرب الحقيقية أمر مختلف تمامًاquot;.
لا وشاية
وتقول الصحيفة إن العديد من المسلمين البريطانيين انتقدوا الحملة بشكل قاسٍ، مؤكدين أن أحدًا لن يبلغ عن أحبائه وأقاربه خوفاً من أن تسميهم الحكومة بالإرهاب.
وفي التقرير، قالت عمة أحد الشباب البريطانيين، الذي توجه إلى سوريا للقتال ضد نظام الاسد، إن الحملة لن تنجح وإنها لم ترَ فيها أمراً واحدًا مجديًا.
ومن جهتها، قالت أمينة دغايس عمة عبدالله دغايس الذي قتل قرب اللاذقية، إن الأسر المسلمة في بريطانيا تقاتل بالفعل لإقناع الشباب بعدم السفر لسوريا من أجل المشاركة في القتال لكنهم لا ينصتون.
وتضيف امينة أنابن أخيها قام بالفرار من الأسرة، ولم يتمكنوا من مواصلة الحديث معه، موضحة أن القيام بأمر مفيد واحد لهؤلاء الشباب قد يكون أفضل من وصفهم بالمجرمين أو الإرهابيين، وهو الامر الذي ترى أنه يتم حاليًا.
وتختم (الغارديان) قائلة: quot;إن 4 أشخاص قد تم اعتقالهم في مانشستر على خلفية اتهامات بالإرهاب مرتبطة بسوريا، كما تم اعتقال ثلاثة آخرين في اماكن أخرى للشك في قيامهم بتسهيل سفر بعض الشباب إلى مناطق الحرب ومنها سورياquot;.
خشية إرهاب
ويشار إلى أنه منذ هجمات 11 سبتمبر/ ايلول 2001 في نيويورك وواشنطن، تخشى بريطانيا التي يوجد بها 2.7 مليون مسلم، سفر مواطنيها إلى معسكرات لتدريب المتشددين في الخارج، ومن ثم يشكلون بعد ذلك خطراً أمنيًا محتملاً في الداخل.
وزادت بواعث القلق تلك بعدما قتل أربعة إسلاميين بريطانيين شبان - ذهب اثنان منهم إلى معسكرات للقاعدة في باكستان - 52 شخصًا في تفجيرات انتحارية في لندن في يوليو تموز 2005.
وفي فبراير/ شباط، نشر مقاتلون إسلاميون تسجيل فيديو لما قالوا إنه هجوم انتحاري نفذه بريطاني على سجن في حلب. وفي الأسبوع الماضي وردت تقارير عن مقتل مراهق من جنوب انجلترا في الحرب.
وقالت ساجدة موغال من منظمة جان تراست الخيرية التي تعنى بدعم المسلمات اللواتي يحتجن إلى الرعاية، quot;نعلم أن شبانًا مسلمين بالأساس يعتبرون قضية سوريا إحدى مظالمهم، quot;إنها مسألة يشعرون بالرغبة في عمل شيء بشأنهاquot;.
وأضافت موغال التي نجت بالكاد من إصابة خطيرة في تفجيرات لندن في 2005 quot;الأمهات هنّ من ينبغي أن يحمين أبناءهن كي لا يسافروا إلى سورياquot;.
وقالت هيلين بول المنسقة الوطنية لسياسات مكافحة الارهاب في بريطانيا إن الشرطة تدرك أنه ليس كل من يذهب إلى سوريا يسافر للقتال وإن الحملة تهدف أيضا لمساعدة الناس على كيفية مساعدة المحتاجين في سوريا quot;بشكل آمن وقانونيquot;.
احتمال الاعتقال
لكنها أوضحت أن كل من يشارك في القتال يواجه احتمال القبض عليه في بريطانيا، وهو أمر بات شائعًا بشكل متزايد.
واعتقل حوالي 40 شخصًا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام - معظمهم للاشتباه في ارتكابهم جرائم تتصل بالإرهاب - مقارنة مع 25 على مدى عام 2013 بكامله.
وأحد أولئك الذين ألقي القبض عليهم هذا العام سجين سابق في جوانتانامو يدعى معظم بيج، والذي وجهت إليه اتهامات، في مارس- آذار، بجرائم مرتبطة بالإرهاب رغم أن مؤيديه يقولون إنه كان يقوم فقط بعمل إنساني.
وبناء على ذلك ينظر بعض المسلمين في بريطانيا بدرجة كبيرة من الارتياب إلى أحدث مبادرة تقودها الشرطة، برغم أن بول قالت إنها لن تنقل المخاوف التي تعبر عنها الأسر القلقة إلى جهاز المخابرات الداخلية البريطاني إم.آي 5.
وقال عاصم قرشي مدير الأبحاث لدى منظمة كيج الخيرية التي تدافع عن المعتقلين بخصوص تهم تتصل بالإرهاب، quot;نعتبر هذا محاولة تنطوي على خداع من الشرطة لاستغلال القلق الطبيعي للأمهات في المجتمع المسلم لمساعدتها في عملها في مكافحة الإرهاب.quot;