فيما تتجه أنظار العالم نحو شمال العراق، حيث استأثرت محنة النازحين من المسيحيين، والمحاصرين من الأيزيديين في جبل سنجار، باهتمام وسائل الإعلام، تقترب قوات النظام السوري من تطويق مدينة حلب تمهيدًا لفرض حصار يؤدي إلى انتزاع السيطرة على المدينة من تنظيمات إسلامية.


قال قادة ميدانيون في المعارضة السورية المسلحة في حلب إنهم بدأوا فعلًا تخزين المؤمن، وما توفره المنظمات الإنسانية من مواد غذائية، مثل العدس والأرز وحليب الأطفال المجفف، في محاولة لمنع ما حدث في مدينة حمص من مجاعة عامة، أجبرت مقاتلي المعارضة على الاستسلام في أيار/مايو الماضي علمًا بأن حمص أصغر بكثير من حلب.&

وحذر القادة الميدانيون من أن خسارة حمص عاصمة الثورة كانت ضربة موجعة للمعارضة ومقاتليها، وإذا خسروا معركة حلب أيضًا، فإن ذلك قد يعني نهاية ثورتهم ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وتطوّق قوات النظام الآن مدينة حلب من ثلاث جهات، بعدما اجتاحت مدينة الشيخ نجار الصناعية في الشرق، وتحاول غلق آخر ممر يسيطر عليه الثوار بطول 6.4 كلم إلى شمال شرق سوريا.&

"الاعتدال" مهدد
على الغرار نفسه، يتقدم مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية نحو شمال المدينة، حيث انتزعوا السيطرة على ريف حلب من الجيش السوري الحر. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المتحدث باسم الجيش السوري الحر حسام المرعي قوله "نحن على وشك أن نخسر حلب، ولا أحد يهتم". وأضاف "لن نتمكن من استعادة الثورة إذا حدث ذلك، وسنفقد المعتدلين في سوريا".&

وقال المحلل في مجموعة الأزمات الدولية نواه بونسي إن المحصلة النهائية لخسارة حلب ستكون "تلاشي المعارضة التي تمثل التيار الرئيس" في غضون ستة أشهر أو عام.& واعتبر بونسي أن خسارة حلب ستكون "بالنسبة إلى النظام ضربة ساحقة إلى المعارضة بوصفها قوة قتالية قادرة على البقاء وإلى معنوياتها".&

وأشار المحلل بونسي إلى أن بعض مقاتلي المعارضة قد يستسلمون، ويحاولون التوصل إلى اتفاق مع النظام، أو ينضمون إلى القوة القتالية الوحيدة القادرة على الاستمرار، وهي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش". وكان مقاتلو الجيش السوري الحر انسحبوا شمالًا عندما خسروا حمص بعد حصار دام عامين. وقال مقاتلون وناشطون إن تنظيم الدولة الإسلامية استغل ضعفهم بسبب الجوع ونفاد الذخيرة ليخيِّرهم بين الانضمام إليه أو الموت.&

غير كافية
ولتفادي وقوع كارثة مماثلة اقترحت الدول العربية والغربية، التي تدعم الجيش السوري الحر، إرسال تعزيزات إلى حلب من معاقله في محافظة إدلب المجاورة، كما أكد قادة عسكريون في الجيش الحر. ومقابل إرسال تعزيزات إلى حلب، تلقى الجيش السوري الحر مزيدًا من العتاد والسلاح والإمدادات، بما في ذلك صواريخ تاو الأميركية المضادة للدبابات. لكن قادة المعارضة يقولون إن هذه الزيادة ليست كافية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول في الجيش الحر أنه "إذا حدث الحصار في حلب ستنهار الثورة".&

ويزيد حجم حلب أربع مرات على حجم حمص، الأمر الذي يجعل محاصرتها أصعب على النظام. لكن بخلاف حمص وغيرها من المناطق السنية المؤيدة عمومًا للثورة، فإن حلب خليط من الأقليات والتجار الأثرياء من كل صنف ولون، كثيرون منهم حققوا ثروتهم برعاية النظام مقابل تأييدهم له.&

خدمة مجانية
وتعيّن على الثوار تأمين سكان حلب ومناطقها الحضرية الواسعة، فكان هذا سببًا رئيسًا في استنزاف صفوفهم ومواردهم. واحتفظت قوات النظام بالسيطرة على مناطق من المدينة، وكانت تقصف مواقع فصائل المعارضة، التي اشتبك بعضها في صراع على الغنائم، مثل معامل المدينة، أو الحق في إقامة حواجز تفتيش لجباية ضرائب.&

ودمّر النظام الكثير من الجزء الحضري من حلب مستخدمًا البراميل المتفجرة، التي راح ضحيتها مئات المدنيين. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تموز/يوليو إن النظام كثف استخدامه البراميل المتفجرة.&

في هذه الأثناء أسهم الاقتتال بين فصائل المعارضة في تقديم خدمة إلى جماعات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية. واليوم يخشى الثوار وقوع مجزرة في حلب. وقال مصطفى أمين المتحدث باسم جماعة جيش المجاهدين في المدينة "إن داعش يذبح الناس، فيما يمحو النظام مدينة حلب من الخريطة".