قالت القوى الأوروبية الرئيسة، التي صُدمت من إعلان ذبح مراسل أميركي، إنها تعتزم التحرك للتصدي لوحشية مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف، الذين يحاولون إقامة "خلافتهم" في العراق وسوريا. محذرين من مخاطر حدوث "كارثة" قد تكون لها نتائج "مدمّرة" على باقي العالم لو استمر التنظيم في أساليبه الهمجية الإرهابية.
في الوقت الذي يريد فيه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن يقترح على شركائه مؤتمرًا حول امن العراق ومكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية"، اعلنت المانيا بعد تردد طويل، أنها "مستعدة" لتسليم اسلحة للقوات الكردية في شمال العراق، التي تتصدي للمسلحين الاسلاميين المتطرفين، "باسرع ما يمكن". وكانت فرنسا اعلنت عن اجراء مماثل في الاسبوع الماضي.
أسلحة بالبر والجو
كما قالت ايطاليا أنها تستعد لتسليم اسلحة خفيفة للاكراد "خلال الايام المقبلة"، وفق ما اعلنت وزيرة الدفاع امام لجنتي الدفاع والخارجية في البرلمان. وقالت إنه سيتم ايصال الاسلحة بالطائرات والسفن، بعد تلقي موافقة الحكومة العراقية. واوضحت روبرتا بينوتي أن الاسلحة هي بنادق رشاشة وقاذفات مضادة للدروع.
واكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير في برلين أن حكومته مستعدة لتزويد اكراد العراق بالاسلحة "في اسرع وقت ممكن". وقال "نريد أن نقوم بذلك (...) بكمية من شأنها تعزيز قدرة الاكراد الدفاعية"، مشيرًا الى مخاطر حدوث "كارثة" قد تكون لها نتائج "مدمّرة" على باقي العالم. وايّد وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي الجمعة تسليم اسلحة للمقاتلين الاكراد مع ترك حرية تنفيذ القرار لكل دولة عضو.
وبعد هجوم كاسح في شمال العراق، اعلن تنظيم "الدولة الاسلامية"، المتهم بتنفيذ الكثير من الفظاعات، في نهاية حزيران/يونيو، قيام "الخلافة" على الاراضي التي سيطر عليها في شمال سوريا وغرب العراق. وبدأت واشنطن تنفيذ غارات على مواقع مسلحي هذا التنظيم المتطرف في العراق في 8 آب/اغسطس.
وقطع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، من جهته، عطلته ليرأس سلسلة اجتماعات طارئة حول "التهديد الذي يشكله ارهابيو الدولة الاسلامية"، وذلك بعد الاعلان عن قتل الصحافي الاميركي جايمس فولي بأيدي مسلحي التنظيم الاسلامي المتطرف. واعربت المستشارة الالمانية عن "صدمتها" للمصير الذي لقيه المراسل الاميركي الذي اعلن التنظيم المتطرف ذبحه في فيديو لم يتم التثبت نهائيًا من صحته. وكان فولي خطف من قبل مسلحين في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في سوريا.
تجنيد ضد البربرية
قال ستيفان لوفول المتحدث باسم الحكومة الفرنسية "اننا ازاء بربرية تستخدم الخوف والتهديد"، مضيفًا: "علينا بذل كل ما بوسعنا لنتجند (ضد هذه البربرية) وهذا هو هدفنا على المستويين الاوروبي والدولي". وابدى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن "سخطه" لعملية "الاغتيال الجبانة"، وذلك اثر الاعلان عن ذبح المراسل الاميركي ردًا على الغارات الاميركية على مواقع تنظيم "الدولة الاسلامية" في شمال العراق. واضاف فابيوس ان ذلك "يعزز تصميمنا على مكافحة الدولة الاسلامية".
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية إنه "يعتبر أن الوضع الدولي (الحالي) هو الاخطر الذي شهدناه منذ 2001. وعلى العالم أن يدرك ذلك ويتصرف بناء عليه". واضاف "علينا أن نواجه، ليس حركة ارهابية كالقاعدة، وانما ما يشبه دولة ارهابية، الدولة الاسلامية. ولا يمكن أن نكتفي بالجدل التقليدي هل نتدخل أو لا نتدخل".
واشار هولاند الى مقترح بتنظيم مؤتمر مع الشركاء لمواجهة الوضع، مشددًا "علينا ان نضع استراتيجية شاملة ضد هذه المجموعة، التي باتت تشكل كياناً منظماً، ولديها الكثير من التمويل واسلحة متطورة جدًا وتهدد دولًا مثل العراق وسوريا ولبنان". وندد الرئيس الفرنسي من جهة أخرى، بمسؤولية المجتمع الدولي ازاء الوضع الحالي في سوريا التي تشهد منذ اكثر من ثلاث سنوات نزاعاً داميًا خلّف اكثر من 170 الف قتيل. واعتبر "أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية بالغة الخطورة في ما يجري في سوريا".
واضاف "لو انه كان هناك تحرك قبل عامين لإرساء عملية انتقالية لما وجد تنظيم الدولة الاسلامية. ولو كان رد فعل القوى الكبرى قبل عام في مستوى استخدام الاسلحة الكيميائية، لما كنا ازاء خيار رهيب بين دكتاتور ومجموعة ارهابية في الوقت الذي يستحق فيه المتمردون دعمنا الكامل".
وتدعم دول غربية التمرد على نظام الرئيس السوري بشار الاسد، لكنها اعلنت رسميًا رفضها ارسال اسلحة قتالية لدعم المعارضة المسلحة، خشية سقوطها في ايدي متمردين متطرفين، مثل جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة أو تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف. وتخلى الرئيس الاميركي باراك اوباما في اللحظة الاخيرة صيف 2013 عن تنفيذ هجوم عسكري ضد سوريا، في حين قالت فرنسا إنها مستعدة للقيام بالهجوم مع واشنطن.
&
التعليقات