في ظل الاضطراب العالمي هذا الصيف، يرتكز النقاش الدائر في واشنطن بالأساس إلى موقفين متعارضين: الأول موقف يلقي اللوم بالكامل على الرئيس أوباما، ويتبناه منتقدوه، بينما يرى أنصاره عكس ذلك، ويقولون إن هذه التطورات تعد خارجة عن إرادته.


نصر المجالي: حسب المحلل الأميركي بيتر باركر، فإنه غالبًا ما يعتقد الأميركيون أن رئيسهم يتمتع بسلطات كاملة، وبإمكانه تغيير مسار التاريخ. وعلى مر السنين، عزز الرؤساء الأميركيون من هذه الصورة المرسومة لهم، نظرًا إلى أن هذا التصور عينه يمكن أن يعد شكلًا من أشكال السلطة.

ويقول بركر: ولكن بينما ألقى منتقدوه باللوم على الرئيس، زاعمين أن الأخطاء التي ارتكبها أوباما أجّجت من الاضطرابات التي تشهدها أماكن، مثل سوريا والعراق وأوكرانيا، أوضح الرئيس كثيرًا أن قدرته على منع هذه الأحداث الزلزالية محدودة.

تزامنًا مع تصاعد هذه الاضطرابات العالمية، وأيضًا في إقليم الشرق الأوسط، ومدى مسؤولية الرئيس الأميركي، طرحت (إيلاف) سؤال الاستفتاء في الأسبوع الماضي ما إذا كان أوباما هو المسؤول عن أزمات العالم. وشارك في الاستفتاء: 2985، ذهب من بينهم 1759 صوتًا أي ما نسبته 59 % إلى تحميل الرئيس الأميركي المسؤولية، بينما عارض ذلك 1226 صوتًا، ما نسبته 41% من مجموع المشاركين في الاستفتاء.

أزمات الإقليم
في الأسبوعين الأخيرين، ومع تصاعد الأزمة العراقية واحتلال قوات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لمناطق واسعة في العراق، فضلًا عن العديد من الأزمات العالمية الأخرى، فقد طرح السؤال بقوة عن مدى مسؤولية أوباما.

الرئيس الأميركي، الذي يدرك مثل هذا السؤال، كان بادر إلى القول بشيء من الإحباط: "يبدو أن الناس نسوا حقيقة أن أميركا، كأقوى دولة على وجه الأرض، لا تزال لا يمكنها السيطرة على كل الأحداث في جميع أنحاء العالم".

وبينما قد يمثل ما أدلى به الرئيس أوباما أمرًا بديهيًا، ينظر خصومه إلى ذلك بأنه عذر غير مقبول للتهرّب من المسؤولية، وحتى المحللون الأكثر تعاطفًا معه يعدون ذلك بمثابة لحظة كاشفة لتفاجئ الرئيس بحالة عدم الاستقرار الدولية.

ويبدو حسب المحلل الأميركي بيتر باركر في مقال له في (نيويورك تايمز) أن سياسة أوباما الرامية إلى ضبط النفس تتناسب مع المزاج العام، حيث خلصت استطلاعات الرأي إلى انخفاض الرغبة في قيام الولايات المتحدة بالتدخل في أوكرانيا، أو سوريا، أو العراق. ورغم ذلك، هناك أيضًا شعور واضح من خيبة الأمل إزاء قيادة أوباما على المسرح العالمي.
&
الأزمات المقبلة
وكان توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي السابق لدى أوباما، قال في معرض تحليله لمسؤولية الرئيس: "خلال ما يقرب من عامين ونصف عام متبقية من رئاسته، من المهم أن يتجاوز الأزمات المقبلة من جميع أنحاء العالم، ويسعى إلى وضع مجموعة من المبادرات الاستراتيجية، التي تستطيع الولايات المتحدة تحقيقها، ويمكنها أن تحقق تغييرًا ذي صبغة دائمة".

أضاف دونيلون: "كان يجب على الرئيس أن يمارس دور القيادة في حالات ورثها، وكذلك في غيرها من الحالات التي لم تكن من صنعه"، ولكنه قال: "من أجل تجنب السماح لهم باستهلاك وقته المتبقي في منصبه، يجب عليه وضع جدول أعمال لمبادرات دولية إيجابية".

يشار في الأخير إلى أن استطلاعًا للرأي أجري أخيرًا في صحيفة (نيويورك تايمز) و(سي بي إس نيوز) أظهر أن 58 في المائة من الأميركيين معترضون على طريقة تعامل أوباما مع السياسة الخارجية، وهي أعلى نسبة حصلت خلال فترة رئاسته. وغالبًا ما يجد الرؤساء الأميركيون أن شعبيتهم تعاني عندما يبدو أن العالم غير متزن، بل إنهم يحمّلون المسؤولية حيال أحداث تقع خارج سيطرتهم.

&

&

&