وصف يورغ رايدك، رئيس الشرطة الألمانية الاتحادية، موجات اللاجئين التي تصل شواطئ ألمانيا بالتسونامي. وقال إن اللاجئين السوريين يؤلفون الجزء الأكبر من هذه الموجة، ويكملها لاجئون من ارتيريا والسودان.


ماجد الخطيب: نشرت دائرة الهجرة والأجانب الألمانية تقريرًا عن الراغبين في تقديم اللجوء في ألمانيا، يكشف أن اللاجئين السوريين، وللمرة الاولى&في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، يتصدرون عدد اللاجئين.

أرقام قياسية سنوية

سجل عدد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا عام 2013 رقمًا قياسيًا جديدًا، يذكر بعدد اللاجئين في ثمانينات القرن العشرين، حينما تصدر العراقيون والايرانيون قائمة الهاربين من الحرب. وتوقعت الدائرة مع ذلك أن يسجل العام 2014 رقمًا قياسيًا آخر في عدد الهاربين من جحيم بلدانهم، في آسيا وأفريقيا.

وبلغ عدد اللاجئين إلى ألمانيا في الأشهر الستة الأولى من هذا العام 77109 لاجئين، مع مؤشرات أكيدة على تجاوز هذا الرقم في النصف الثاني من العام. وهذا يعني أن في العام الجاري سيتجاوز عدد اللاجئين المسجلين عام 1996، والذي بلغ 166951 لاجئًا، وسيعادل خمسة أضعاف عدد اللاجئين الذي انخفض عام 2003 إلى 36 ألفًا.

وكان عدد اللاجئين السوريين في النصف الأول من هذا العام 12888 لاجئًا، يليهم الصرب 9361 ثم الافغان 4528 والارتيريون 3969 والألبان 3913. وظهر اسم العراقيين أيضًا في قائمة أهم الدول العشر المصدرة للاجئين لألمانيا بحقيقة 3520 لاجئًا، رغم أن آفاق قبولهم ضئيلة جدًا. مع ملاحظة أن السلطات الألمانية تتعامل مع الوافدين من صربيا ومقدونيا والبوسنة كطالبي لجوء اقتصادي، بينما تتعامل مع السوريين كطالبي لجوء سياسي وانساني.

تساهل مع السوريين

لم تفتح الدولة الألمانية أبواب اللجوء أمام العراقيين، ولا يزال قبولهم يتعلق بموقف الحكومة الألمانية الاستثنائي من النازحين المسيحيين. لكن قبول اللاجئين السوريين يجري وسط تسهيلات كبيرة، بحسب تصريح توبياس كلاوس، المتحدث الصحافي باسم دائرة الأجانب في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا. وهذه الولاية، التي يسكنها نحو 20 مليونًا، أكثر الولايات التي تستقبل موجات اللاجئين هذه الأيام.

وأكد كلاوس لـ"ايلاف" أن اللاجئين السوريين ليسوا بحاجة إلى أوراق ثبوتية حاليًا، ويجري ادخالهم في برنامج قبول اللاجئين حال تصريحهم بأنهم لاجئون سوريون. وتكفي أية وثيقة بسيطة، أو ربما امتحان "لهجة" بسيط، للتأكد من كونهم سوريين في حالة وجود شك في جنسيتهم، وهذا يعني أن السلطات الألمانية لا تطالبهم بحيازة جواز سفر لأنها تعلم بأن معظمهم هارب من ويلات الحرب والموت.

الدولة الثالثة

وعند سؤاله عن مدى انطباق قانون الدولة الثالثة على اللاجئين السوريين، رد كلاوس بالإيجاب. وينص قانون الدولة الثالثة على رفض طالب اللجوء، وارجاعه إلى البلد الذي أتى منه، أو ترحيله من ألمانيا إلى بلد آمن، في حالة قدومه عبر دولة ثالثة تمنح اللجوء السياسي أيضًا.

وأشار إلى أن تعبير "الدولة الثالثة" لا يشمل البلدان التي تمنح لجوءًا شكليًا أو انسانيًا لطالبي اللجوء. والمعروف أن معظم اللاجئين السوريين يفدون عبر تركيا ولبنان والعراق، وهؤلاء لا تواجههم أي مشكلة في تقديم طلبات اللجوء في ألمانيا.

وعن الفترة التي يقضيها اللاجئ بين وصوله والاعتراف بحالته كلاجئ، قال كلاوس إن قضايا السوريين تجري بسرعة، وفي كثير من الأحيان من دون تحقيق أولي أو تعقيدات. وعلى هذا الاساس، الاعتراف باللجوء يجري خلال يومين، لكنه قد يستمر لعدة أشهر في حال وجود شكوك حول الجنسية الحقيقية.

لم شمل السوريين

أكد كلاوس أن مدن ولاية الراين الشمالي فيستفاليا تواجه مشكلة حقيقية في إسكان هذا العدد من اللاجئين الذي يفوق طاقتها، خصوصًا أن المدن الكبيرة مثل كولون ودسلدورف ودورتموند وغيرها تعاني أصلًا من مشاكل السكن وتضخم الجامعات. ويجري تجميع اللاجئين في سكن موقت (معسكرات) قبل فرزهم وتوزيعهم على مدن الولاية.

وجهت ولاية برلين دوائرها بتسهيل لم شمل العائلات السورية، حتى التي&لا تزال في سوريا، فهل هو موقف اتحادي أم توجيه خاص ببرلين؟ أجاب كلاوس: "برلين كانت المبادرة، لكن بقية الولايات صارت تطبقه أيضًا، إلا أنها وضعت بصماتها عليها، من ناحية توافر شروط معينة، ويمكن للعوائل السورية المقيمة في ألمانيا، سواء كانت تمتلك الجنسية الألمانية أو السورية، تقديم طلبات لم شمل أفراد العوائل من الدرجة الأولى، أي الأب والأم والاخوان والأخوات، إلى السلطات الألمانية كي تنظر فيها. وهذا يشمل العائلات الهاربة إلى العراق أو تركيا أو لبنان، كما يشمل العائلات الأخرى المحاصرة في سوريا".

أكثر من 200 ألف لاجىء

توقع غيرد لاندسبيرغ، رئيس اتحاد المدن والأقضية الألمانية، أن يرتفع عدد طالبي اللجوء في ألمانيا هذا العام إلى أكثر من 200 ألف لاجىء. وقال إن عددهم سيزيد بنحو 70 ألفًا عن العام السابق، بحسب توقعات دائرة الهجرة واللجوء.

هذا طبيعي، فزيادة عدد اللاجئين ضاعفت مخصصات الدوائر التي تعنى باسكان واطعام اللاجئين بسبب أزمة السكن. وتضطر بعض المدن الألمانية حاليًا لاستئجار فنادق كاملة، وقاعات وملاعب مغلقة لاسكان فيض اللاجئين وهم على أبواب الشتاء. وتم في كولون استئجار فندق مقابل 2,5 مليون يورو، لقاء اسكان 200 لاجىء.

وإذ عبر لاندسبيرغ عن أسفه لتزايد عدد القاصرين الذين يفدون إلى ألمانيا كلاجئين من دون رفقة ذويهم، أيّد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير، الذي دعا إلى تحديد عدد اللاجئين الذين تقبلهم ألمانيا، وطالب دول أوروبا الأخرى بتحمل قسطها من المسؤولية.

وكانت جمعية رعاية القاصرين في ألمانيا أشارت إلى أكثر من 5000 قاصر أجنبي تتولى رعايتهم، وفدوا من دون أهلهم أو أحد أفراد عائلتهم إلى ألمانيا. وكانت نسبة السوريين والصوماليين والارتيريين عالية بين هؤلاء.

وصمة عار

اشاعت الصور المأخوذة لمعسكر اللاجئين في مدينة دويسبورغ القلق في المجتمع الألماني، لكونها تذكر بخيام اللاجئين في تركيا والعراق. وتدّعي ادارة المدينة انها اضطرت إلى تحويل ملعب كرة قدم ترابي إلى معسكر للاجئين، يشبه مخيمات المناطق المنكوبة بالزلزال. وإذ يصف بعض سكان المدينة مجلس مدينتهم "بالخزي" بسبب المخيم، تبرر المدينة اجراءها بوفود أكثر من 1500 لاجئ خلال أشهر إليها.

وقال راينهولد شبانيل، من مجلس المدينة، إن دويسبورغ مضطرة لهذا الاجراء، واعتبره اقامة موقتة ريثما يتم فرز اللاجئين إلى مدن أخرى. واعترف بأن كل خيمة مخصصة لثمانية أشخاص، وفيها توصيلة كهرباء واحدة، ومصدر ماء ومراحيض مشتركة، واعدًا بتغيير الصورة خلال فترة قصيرة.

لكن بيترا فوغت، النائبة عن الحزب الديمقراطي المسيحي، اعتبرت المخيم شهادة فقر يدين مجلس المدينة ودائرة اللجوء. وأيدتها مونيكا دوكر، النائبة عن الخضر، التي قالت إن البلدات الأخرى تعاملت مع المشكلة بنفس انساني أكبر. وكان ايلمار كلاين، من الحزب الديمقراطي المسيحي، أكثر وضوحًا في انتقاده، فقال: "المخيم وصمة عار على جبين المدينة، لأن هناك العديد من المدارس والبيوت الفارغة فيها".