اكدت اسرائيل الاحد انها لن تسمح بملاحقة جنودها امام المحكمة الجنائية الدولية بعد تقديم الفلسطينيين طلب الانضمام اليها، وهددت بفرض عقوبات جديدة عليهم غداة تجميد تحويل اكثر من مئة مليون يورو الى السلطة.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مستهل الاجتماع الاسبوعي لحكومته "لن نسمح بجر جنود وضباط جيش الدفاع الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي" بعد يومين من تقديم الفلسطينيين طلب الانضمام الى المحكمة.

واكد انه يجب محاكمة السلطة الفلسطينية امام محكمة الجنايات الدولية بعد توقيع اتفاق مصالحة في عام 2014 مع حركة حماس ادى الى تشكيل حكومة وفاق وطني. واضاف "من يجب عليهم المثول امام العدالة هم قادة السلطة الفلسطينية الذين وقعوا اتفاقا مع مجرمي الحرب من حركة حماس". وتتهم اسرائيل حركة حماس بانها استخدمت السكان المدنيين في قطاع غزة "دروعا بشرية" خلال الهجوم الاسرائيلي الواسع على القطاع الصيف الماضي ما اوقع نحو 2200 قتيل فلسطيني معظمهم من المدنيين ونحو 73 قتيلا اسرائيليا، غالبيتهم من الجنود.

وقامت اسرائيل السبت كعقاب للفلسطينيين، بتجميد تحويل 106 ملايين يورو لحساب السلطة الفلسطينية من اموال الضرائب التي تجمعها لمصلحتها. وياتي الاجراء الاسرائيلي ردا على الطلب الفلسطيني الرسمي الذي قدم الى الامم المتحدة الجمعة للانضمام الى هذه المحكمة، ما سيتيح للفلسطينيين لاحقا تقديم شكاوى ضد مسؤولين اسرائيليين امامها بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

ومنذ اتفاقات اوسلو العام 1993، تجمع اسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية ضرائب تقوم بتسديدها لها شهريا. وتشكل هذه الاموال تقريبا نصف موازنة السلطة. يشار الى ان الضرائب تشكل حوالى ثلثي موازنة السلطة الفلسطينية باستثناء المساعدات الخارجية. وهي ليست المرة الاولى تلجأ فيها اسرائيل الى هذه الوسيلة للضغط على الفلسطينيين. فقد جمدت الدولة العبرية تحويل هذه الاموال العام 2012 حين نال الفلسطينيون صفة دولة مراقب في الامم المتحدة.

قال نتانياهو محذرا ان "السلطة الفلسطينية اختارت مسار المواجهة مع اسرائيل، ونحن لن نجلس مكتوفي الايدي"، وتعهد الدفاع عن ضباط الجيش الذين قد يواجهون ملاحقات قضائية من المحكمة. واضاف "سيواصل جنود الجيش الدفاع عن اسرائيل باصرار وقوة - وكما يدافعون عنا سندافع عنهم بنفس الاصرار والقوة".

ووقع عباس طلب الانضمام الى اكثر من عشرين اتفاقية ومنظمة دولية غداة رفض مجلس الامن الموافقة على مشروع قرار فلسطيني بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية.
واكد وزراء ومعلقون اسرائيليون الاحد في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية ان تجميد تحويل الضرائب سيكون الاول في سلسلة عقوبات بعد الطلب الفلسطيني.

وقال يوفال شتاينيتز وزير الاستخبارات المقرب من نتانياهو "في حال عدم تراجع الفلسطينيين فاننا سنتخذ تدابير اكثر شدة وصولا الى حل السلطة الفلسطينية بشكل تدريجي".
بينما اوضحت وزيرة العدل السابقة تسيبي ليفني التي اقيلت أخيرا انه في حال كانت& الحكومة الاسرائيلية "تنظر في حلول مثل البناء (في المستوطنات) او حل السلطة الفلسطينية، فانه ستتم معاقبتنا نحن".

من جهته، اكد نيسيم بن شطريت المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية ان نتانياهو يحضر هذه المرة لرد اسرائيلي "اكثر قسوة وشمولية" من تجميد تحويل اموال الضرائب لكنه لا يتضمن البناء في المستوطنات. وقال بن شطريت في لقاء مع سفراء اسرائيل في اوروبا عقد في القدس ان "اسرائيل على وشك الانتقال من الدفاع الى الهجوم" ولم يدل بمزيد من التفاصيل.

ملاحقة "جرائم" بعد منتصف العام الماضي
من جهته قال مسؤول حقوقي فلسطيني اليوم الاحد ان الاعلان الفلسطيني الذي قدم للانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية حدد الجرائم المطلوب النظر فيها بما بعد 13 حزيران/يونيو العام الماضي.

وقال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق العاملة لوكالة فرانس برس "محكمة الجنايات الدولية لها اختصاص مكاني وزماني، وتضمن الاعلان الفلسطيني للانضمام الى المحكمة تحديدا زمانيا هو 13 حزيران/يونيو من العام 2014". واضاف ان "اختيار هذا الوقت مرده التاريخ الذي حدده مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة للجنة دولية كلفت بدء التحقيق في انتهاكات حقوق الانسان خلال الحرب الاسرائيلية على غزة بداية تموز/يونيو الماضي".

وكانت اسرائيل شنت حربا على قطاع غزة في بداية تموز/يونيو الماضي، نتج منها مقتل اكثر من الفي فلسطيني واصيب اكثر من عشرة الاف وهدمت مئات المنازل. وتوقفت الحرب بعد التوصل الى وقف لاطلاق النارب في اب/اغسطس الماضي، اثر مفاوضات قادتها مصر بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل.

ويعني هذا الامر ان الملفات التي من الممكن ان يقدمها الجانب& الفلسطيني فقط تشمل قضايا ارتكبت ما بعد 13 حزيران/يونيو من العام الحالي. غير ان الاعلان ايضا، حسب جبارين، اشار الى حق الفلسطينيين باعلانات اخرى تقدمها الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي "حين تقتضي الحاجة". واضاف ان "بامكان الفلسطينيين مطالبة المحكمة الدولية البحث في جرائم ارتكبت في العام 2009 وقبل ذلك".

وحسب قوانين المحكمة، فانها تستطيع النظر في القضايا المرتكبة ما بعد الاول من حزيران /يونيو من العام 2002، وهو تاريخ انشاء المحكمة. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع قرار الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية الجمعة الماضي، وسط معارضة اسرائيلية وتهديدات بان اسرائيل ستلاحق قادة فلسطينيين بشكل مماثل امام المحاكم الدولية.


&