&بنتيو: يتعايش جنود حفظ السلام التابعين للامم المتحدة في قاعدتهم مع النازحين البائسين في جنوب السودان، الذين يبذلون جهودًا شاقة لتأمين بقائهم بعدما فقدوا كل شىء منذ بداية الحرب الاهلية.

&
وتحيط بقاعدة قوات الامم المتحدة، في بنتيو عاصمة ولاية الوحدة، تلال رملية تعلوها، في بعض المناطق، اسلاك شائكة تقطعها ابراج مراقبة.
&
وداخل هذه المنطقة المحصنة التي يبلغ طولها 6,5 كيلومترات، يعيش 118 الف شخص، اي جزء صغير من حوالى 2,2 مليون شخص اضطروا لترك بيوتهم هربًا من المعارك منذ بداية الحرب في كانون الاول/ديسمبر 2013 في جنوب السودان.
&
وعلى مجمل الاراضي يعيش نحو 195 الف شخص سوداني في ست قواعد تابعة لبعثة الامم المتحدة في جنوب السودان التي اتخذت قرار غير إعتيادي باستقبال لاجئين فيها لحظة اندلاع اولى المعارك في جوبا، عاصمة جنوب السودان، ثم في بقية انحاء البلاد.
&
و"بنتيو" هي كبرى هذه القواعد. ويتطلب العيش في هذا الموقع كفاحًا دائمًا من قبل السكان المحرومين من كل شيء، ما يشكّل تحديًا للعاملين في القطاع الانساني الذين يحاولون التخفيف من معاناة اللاجئين.
&
وقال سيمون مانسفيلد، من ادارة المفوضية الاوروبية للمساعدة الانسانية والحماية المدنية في جوبا "الوضع الانساني في جنوب السودان خطير، ان لم يكن الاسوأ في العالم وعلى كل المستويات".
&
وفي القسم المخصص لاستقبال المدنيين في القاعدة، الظروف المعيشية مروعة. لكنها تحسنت بالمقارنة مع الوضع في العام الماضي، عندما تحوّل المخيم الى مستنقع عند هطول القليل من الأمطار، وترك المقيمون فيه، الذين كان يبلغ عددهم 40 الف شخص حينذاك، في مياه آسنة وسط النفايات والاوساخ.
&
وقال عامل في المجال الانساني انه كان يعثر على جثث اطفال غرقوا "كل يوم".
&
وتم ضخ 18 مليون دولار لمنع السيول وتجنب امتلاء المخيم بالكامل. وبذلك تضاعفت مساحة المكان المخصص للمدنيين. وتم حفر قنوات لتصريف المياه وقطعت الغابات المجاورة لبناء ثمانية آلاف مسكن خشبي. كما حفرت عشرة آبار للمياه ووضع 1710 مراحيض.
&
وقال اندريا بايات، من منظمة الهجرة الدولية التي اشرفت على الاشغال، "انه مشروع غير معقول. قمنا بتحويل مستنقع ووحول الى مدينة".
&
والوضع الكارثي للبنى التحتية في جنوب السودان يجعل التنقل شاق للغاية. فالرحلة بين جوبا وبنتيو يمكن ان تستغرق، بحسب الأحوال الجوبة، من ثلاثة ايام إلى اسبوعين.
&
وخلال موسم الامطار يصبح الطريق الوعر غير قابل للاستخدام، وكل شيء يجب ان ينقل جوًا.
&
وقال الخبير في المياه والصرف الصحي، جان بول موغو موانيكي، الذي يعمل لمنظمة الاعمال الخيرية "كونسرن ووردوايلد" أن تزويد القاعدة بالصابون يحتاج الى عشر رحلات جوية شهريًا، واضاف "وهذا للصابون وحده.. بعد ذلك نحتاج الى خشب البناء واكياس بلاستيكية وقطع قماش".
&
حاليًا، ليس هناك انارة ليلية للمخيم، ما يعرّض النساء والفتيات لخطر الاغتصاب عندما يتوجهّن الى المراحيض.
&
وقال جيلبير اوجيتو، من المنظمة غير الحكومية "دانيش ريفوجي كاونسل" التي تدير المخيم، أنه يجب التوجه الى مدينة واو لجلب الرمال والحصى اللازم لتثبيت اعمدة الانارة، لكن هذا مستحيل برا.
&
وقبل ان تنتهي اشغال التوسيع هذه، ادى هجوم عنيف للجيش الحكومي، بين نيسان/ابريل وتموز/يوليو، الى تدفق كبير من قبل السكان الى المخيم، الذي ارتفع عدد المقيمين فيه ثلاثة اضعاف.
&
وقال اوجيتو "توقعنا ايواء 40 الف شخص، والآن هناك 120 الفا". لذلك يعيش عشرة اشخاص في اماكن مخصصة لخمسة اشخاص، وكل يوم هناك لاجئون جدد.
&
ومؤخرًا، انتشر وباء الملاريا بين المقيمين الذين تحيط بهم مياه آسنة يتجمع على سطحها البعوض.
&
واصيب خمسة من ابناء جورج دوب الثمانية بهذا المرض منذ وصولهم في حزيران/يونيو. اما ابنته نياكيم، البالغة من العمر سنتين، فقد اصيبت به مرتين. وتعالج حاليًا في احد مستشفيات منظمة اطباء بلا حدود.
&
وقال هذا الرجل، البالغ من العمر 55 عامًا وفر مع عائلته بعد هجوم الجنود الحكوميين، "لم نمرض من قبل بهذا الشكل في بيتنا".
&
وكل يوم تصل سيارة الى مشرحة اقيمت عند مدخل المستشفى لتسلم جثث الموتى ليتم دفنهم في ارض خارج القاعدة.
&
وحتى منتصف ايلول/سبتمبر، بلغ عدد الذين دفنوا هناك 623 شخصا في 2015.
&
وقال سايمن (46 عاما)، الذي كان يعمل تاجرا واصبح مكلفا حفر القبور: "انها اجراءات رهيبة، لكن لا يمكننا ان نفعل شيئا حيالها"، واضاف: "هذا ما فعلته الحرب".