أجمع خبراء ومستشرقون روس على الأهمية البالغة التي تحظى بها زيارة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى روسيا، والمقررة في التاسع من الشهر الحالي.


طلال جاسر من الكويت: قال رئيس المركز الروسي للدراسات العربية ألكسندر فيلونيك، في تصريح صحافي اليوم، إن زيارة أمير الكويت ستعطي بلا شك دفعة مهمة للعلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية كافة.

تباين منفتح
أضاف فيلونيك أن الزيارة ستدشّن مرحلة جديدة من العلاقة الثنائية بين الجانبين، معتبرًا القمة الروسية الكويتية المرتقبة دليلًا على أن العلاقات الثنائية تحتل مرتبة متقدمة وتحظى بالأولوية. وأشار فيلونيك إلى البعد السياسي لزيارة الأمير إلى روسيا. وقال إنها تتزامن مع التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية، وتمتد آثارها إلى أنحاء العالم.

وأكد أن تطابق وجهات النظر بين الجانبين الكويتي والروسي حيال قضايا إقليمية ودولية أساسية جاء استنادًا إلى الحوار السياسي القائم بين البلدين، الذي يجري عبر الزيارات واللقاءات المتبادلة بين مسؤولي كلا الجانبين. وشدد على أن تباين بعض وجهات النظر بين البلدين إزاء التطورات الحاصلة في المنطقة لا يؤثر بتاتًا على الانسجام السياسي بين الجانبين.

وأوضح أن روسيا والكويت تتمسكان بمبادئ ضرورة حل النزاعات بالوسائل السياسية والسلمية ونبذ العنف في العلاقات الدولية، وتعملان على التوصل إلى تسوية عادلة للنزاع في الشرق الأوسط والتصدي للإرهاب وتطوير حوار الحضارات. وأكد فيلونيك أن روسيا تعتزّ بعلاقات التكافؤ والاحترام المتبادل مع دولة الكويت، التي تطورت خلال عقود طويلة من الزمن، مشيرًا إلى وجود رغبة صادقة في تعزيز هذه العلاقات في كل المجالات والاتجاهات.

علاقات اقتصادية
ولفت إلى وجود مخزون كبير لتطوير العلاقات بين البلدين، والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستوى الروابط السياسية. وأعاد إلى الأذهان الاتفاقية الخاصة بالتعاون الثنائي بين البلدين، الموقعة في عام 1985، والتي أسست لتطوير العلاقات في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، ووفرت أرضية تعاقدية لتعزيز الروابط الثنائية، وكذلك اتفاقية تأسيس لجنة للتعاون الثنائي في عام 1994، ولاحقًا اتفاقية إنشاء مجلس رجال الأعمال الروسي الكويتي.

وأشار إلى أن الكويت بدأت نشاطها الاستثماري من خلال شراء الأسهم في البورصة الروسية، فيما تتجه الاستثمارات الكويتية الخاصة إلى مختلف الحقول التجارية. وقال إن ثمة قواسم مشتركة بين البلدين، تحتم عليهما العمل على مضاعفة وتيرة التعاون الثنائي، لاسيما مع سعي الجانبين، كل على حدة، إلى أن يتحول إلى مركز مالي عالمي.

واقترح فيلونيك تركيز التعاون الثنائي في مجالات محددة، مثل تطوير البنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا النانو والأدوية، إضافة إلى الزراعة والأغذية والتنقيب عن النفط وتحلية المياه. وقدر حجم المشاريع المشتركة التي يمكن للبلدين تنفيذها بحوالى مئة مليار دولار. وقال إن رأس المال الروسي يتطلع إلى إقامة مشاريع اقتصادية واستثمارية مشتركة مع الجانب الكويتي. ورأى أن العلاقات الثنائية ستكتسب بعدًا نوعيًا جديدًا على ضوء النتائج التي ستتمخض عنها زيارة أمير دولة الكويت إلى روسيا الاتحادية.

نهج متوازن
من جهته، أكد كبير الباحثين في معهد الاستشراق البروفيسور فلاديمير إيسايف، في تصريح صحافي مماثل، أن الجانب الروسي يولي زيارة أمير الكويت أهمية كبيرة، خاصة "لتوقيتها والقضايا التي ستكون مدارًا للمباحثات في القمة الروسية الكويتية". وأشاد بتعامل الكويت مع الأحداث السياسية الجارية في المنطقة. وقال إنها "تمسكت بنهج متوازن استند إلى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".

وأعرب عن اعتقاده بأن القمة الروسية الكويتية ستساعد الجانب الروسي على بلورة فهم أوسع وأكثر دقة لمواقف دولة الكويت حيال التطورات الجارية وكيفية التعامل مع الأخطار المحدقة. وأشاد إيسايف بالنهج السياسي الخارجي، الذي يقوده الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، واصفًا هذا النهج بأنه "متزن". كما أعرب إيسايف عن ثقته بأن الزيارة ستساهم في تعميق الروابط الثنائية سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا، مؤكدًا أن البلدين لديهما طاقات اقتصادية تسمح لهما بتحقيق قفزة في مجال تنفيذ المشاريع المشتركة وخصوصًا الصناعات النفطية والكيميائية.

وأكد أن توطيد التعاون الروسي الكويتي من شأنه أن يسهل أمام روسيا آفاق التفاهم والتعاون مع بقية الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). واعتبر إيسايف أن العلاقات الكويتية الروسية نموذجية، ويحتذى بها، عازيًا ذلك إلى استنادها إلى مبادئ تقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة.

دور إقليمي ودولي
من جهتها، قالت رئيسة قسم الشرق المعاصر في الجامعة الروسية للعلوم الإنسانية الخبيرة في الشؤون الكويتية البروفسورة يلينا ميلكوميان إن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى روسيا منذ توليه مقاليد الحكم في الكويت عام 2006. وأعربت ميلكوميان عن ثقتها بأن تعطي زيارة الأمير دفعة قوية للعلاقات الثنائية، مشيدة بنهجه في التعامل مع الاحداث داخليًا وخارجيًا.

ووصفت السياسة التي ينتهجها الأمير بـ"الحكيمة والمعتدلة"، وقالت إنها تشكل سمات مهمة في الوضع الحالي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط. وأشارت إلى الدور الذي تلعبه دولة الكويت في معالجة القضايا الإنسانية إقليميًا ودوليًا، خاصة استضافتها مؤتمرات الدول المانحة لمساعدة الشعب السوري مرات عدة، وتبرعاتها المالية السخية في هذه المؤتمرات وغيرها من المؤتمرات والمناسبات. وخلصت إلى القول إن "هذا الدور الخلاق شكل أساسًا متينًا لمنح أمير الكويت لقب قائد العمل الإنساني وتسمية الكويت مركزًا للعمل الإنساني".