باريس: يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس موسكو من أجل تقريب المواقف الروسية والاميركية حول سوريا ومحاربة تنظيم داعش المسؤول عن اعتداءات باريس، والذي يريد تشكيل تحالف دولي موسع لضربه "في الصميم".
استقبل هولاند في اطار تحركاته الدبلوماسية الكثيفة، صباحا في باريس رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي بعد المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، ومحادثات مع الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.
والخميس دعا كاميرون من جديد مجلس العموم، المتحفظ حتى الان، الى السماح لبريطانيا، ب "توسيع" ضرباتها ضد تنظيم داعش في سوريا من اجل حرمانه من "ملاذ آمن" فيها.
وفي ختام لقائه مع الرئيس هولاند، اكد رئيس الوزراء الايطالي "التزام" ايطاليا في اطار "استراتيجية شاملة" ضد الارهاب، لكنه لم يحدد الدور الذي ستضطلع به بلاده. وحذر ايضا من ان ليبيا "يمكن ان تكون الحالة الطارئة المقبلة" للمجموعة الدولية.
وشد هولاند مساء الاربعاء على ان الهدف هو التمكن من اصابة تنظيم داعش "في الصميم" وطلب من المانيا، شريكه الاول في اوروبا، المشاركة في المعركة.
وبعدما انضم الى الولايات المتحدة في تكثيف الغارات، وتأكد من مساعدة الشركاء الـ 27 لفرنسا في الاتحاد الاوروبي، في المعركة في الشرق الاوسط بطريقة مباشرة او غير مباشرة، سيصل الرئيس الفرنسي في الساعة 16:00 ت غ الى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وحتى الان، تقاتل روسيا التي كانت اول من طالب بـ "تحالف" دولي ضد جهاديي تنظيم داعش، وحدها في المشرق، بالاتفاق مع ايران الى حد ما. ويطالبها الغرب بألا تصيب تدخلاتها العسكرية المعارضة المعتدلة، فتفيد بذلك نظام بشار الاسد، وان تشارك مشاركة فعالة في استهداف تنظيم داعش.
توتر بين موسكو وأنقرة
والهدف المعلن للزيارة عسكري، لكن ترتسم في الكواليس ملامح محادثات دولية جديدة حول تسوية سياسية للنزاع السوري الذي اسفر منذ اكثر من اربع سنوات عن اكثر من 250 الف قتيل ودفع الى الهجرة ملايين السوريين. وحيال فلاديمير بوتين الذي لا يريد تدخلا خارجيا يملي على سوريا مستقبلها، قد يؤكد فرانسوا هولاند انه خفف من طلبه الاسراع في تنحية الرئيس السوري عن السلطة.
وتنسيق محاربة تنظيم داعش الذي اعلن مسؤوليته عن الاعتداء الانتحاري الاربعاء في وسط العاصمة التونسية، مسألة معقدة، خصوصا بعدما اسقطت تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي، والعضو في التحالف ضد تنظيم داعش، طائرة مقاتلة روسية بحجة انها انتهكت مجالها الجوي.
واعرب بوتين عن اسفه الخميس لأن روسيا لم تتلق بعد اعتذارا من انقرة، بعد يومين على الحادث، وهو الاخطر بين موسكو وانقرة منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ شهرين. ولكن وزير خارجية تركيا مولود جاوش قال ان تركيا لن تعتذر.
وقد عرض الحادث العسكري للخطر استراتيجية فلاديمير بوتين، الذي يؤيد تحالفا دوليا يدعم الجيشين السوري والعراقي. والتزم هولاند استراتيجية تشكيل تحالف "موسع" ضد تنظيم داعش اثر اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر التي اسفرت عن 130 قتيلا و350 جريحا.
ووعدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاربعاء بتدخل "سريع" الى "جانب فرنسا" في محاربة تنظيم داعش. واعلنت المانيا التي لم تشارك في التحالف الذي ينشط في العراق وسوريا، انها تريد ارسال 650 جنديا اضافيا الى مالي لمؤازرة المجهود الحربي لفرنسا في الساحل وفي الشرق الاوسط.
وقال مسؤول في حزب ميركل الخميس ان المانيا "ستقدم دعما اكبر عبر تعزيز مهمة التدريب في شمال العراق ولكن ايضا التحرك في سوريا من خلال نشر طائرات استطلاع تورنادو لزيادة التزامنا في محاربة الارهاب".
من جانبها، اكدت كندا التي اختارت رئيس وزراء جديدا هو جاستن ترودو، والتي تخلت عن الضربات الجوية، انها تقوم باعادة بحث مشاركتها العسكرية في التحالف ضد تنظيم داعش.
أعلام زرقاء وبيضاء وحمراء
وفي المقابل، تستمر المطاردة في اوروبا للقبض على اثنين من الفارين المشبوهين في التورط في اعتداءات باريس. فعمليات البحث في اوجها عن الفرنسي صلاح عبد السلام في بلجيكا حيث ما زال التوتر والخوف من اعتداءات جديدة مستمرا. وصدرت من جهة اخرى مذكرة توقيف دولية ضد البلجيكي-المغربي محمد ابريني الذي تم التأكد من انه كان مع صلاح عبد السلام قبل يومين من الاعتداءات.
وتستعد فرنسا لتكريم ضحايا الاعتداءات (130 قتيلا و350 جريحا) خلال احتفال في باحة الانفاليد في وسط باريس حيث يرقد جثمان نابوليون. ودعي سكان باريس الى تزيين العاصمة بالرايات الزرقاء والبيضاء والحمراء.
وقد صوت البرلمان الفرنسي الاربعاء على استمرار الغارات الجوية في سوريا. وفي خطاب القاه الخميس في جامعة السوربون تكريما لطلبة قتلوا خلال الاعتداءات (منهم الايطالية فاليريا سوليسين) اكد ماتيو رينزي على ان الرد على الاعتداءات يجب "ان يتألف من مكونين هما الامن والثقافة".
التعليقات