رفض البابا تواضروس الثاني تلبية دعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة رام الله، وقال إنه لن يدخل الأراضي الفلسطينية أو القدس زائرًا إلا بصحبة شيخ الأزهر، بينما يواجه البابا انتقادات حادة بسبب زيارته القدس عبر إسرائيل، لحضور جنازة مطران القدس والكرسي الأورشليمي، الأنبا أبراهام.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قالت الكنيسة المصرية إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اعتذر عن تلبية دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن"، إلى زيارة رام الله.

أضافت في بيان لها، أن الرئيس الفلسطيني اتصل بالبابا في مقر إقامته في القدس، ووجّه إليه دعوة إلى زيارة رام الله، مشيرة إلى أن "الرئيس الفلسطيني أعرب خلال الاتصال عن خالص تعازيه وتعازي الشعب الفلسطيني للبابا تواضروس والكنيسة الأرثوذكسية في وفاة الأنبا أبراهام، مطران القدس والشرق الأدنى، الذي توفي يوم الأربعاء الماضي".

بمعية&شيخ الأزهر&فقط
وأشارت الكنيسة إلى أن "الرئيس عباس وجّه الدعوة للبابا تواضروس إلى زيارة رام الله، إلا أن الأخير شكره على الدعوة، واعتذر عن تلبيتها، مؤكدًا أنه لن يدخل الأراضي الفلسطينية أو القدس زائرًا إلا بصحبة شيخ الأزهر"، لافتة إلى أن "الرئيس عباس اعتذر عن عدم حضور جنازة الأنبا أبراهام بسبب سفره لفرنسا للمشاركة في قمة المناخ، موضحًا أنه سيوفد الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على رأس وفد فلسطيني رسمي رفيع المستوى، كما قرر الرئيس عباس أن تتحمل الرئاسة الفلسطينية كل تكاليف "غذاء الرحمة"، وهو غذاء يقام في المناسبات الاجتماعية المختلفة في القدس.

ويزور البابا مدينة القدس حاليًا على رأس وفد كنسي رفيع المستوى للمشاركة في جنازة مطران القدس والكرسي الأورشليمي، الأنبا أبراهام، ويتعرّض لإنتقادات شديدة في مصر من جانب القوى السياسية القومية والإسلامية، التي تعتبر زيارته إلى القدس بتأشيرة إسرائيلية، بمثابة "تطبيع سياسي"، وخرق لقرار الكنيسة بعدم زيارة القدس، ما دامت تحت الإحتلال الإسرائيلي.

إدانات حزبية
واستنكر حزب مصر القوية، ذو الخلفية الإسلامية، برئاسة عبد المنعم أبو الفتوح، "زيارة البابا تواضروس للقدس المحتلة". وقال: "إننا نعتبر أن مثل تلك الزيارة تمثل خرقًا لحالة الإجماع الشعبي الموحد حول تلك القضية، وتفتح الباب للتعامل السلبي مع طريقة فرض الأمر الواقع، التي اتبعها الكيان الإسرائيلي، منذ أن اغتصب أرض فلسطين، كما أنها تأتي في الوقت الذي تزداد فيه العربدة ضد أشقائنا الفلسطينيين".

ودعا "المصريين كافة إلى رفض تلك الزيارات، أيًا كانت مكانة القائمين فيها، وكذا رفض كل أشكال التطبيع على المستويات كافة". وأعتبر حزب الكرامة ذو الخلفية القومية الناصرية، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، أن "سفر بابا المصريين سيحدث شرخًا عميقًا في جدار مقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، الذي يرتكب المذابح اليومية بحق شعبنا العربي في فلسطين"، مضيفًا أنه "كان يأمل أن يحافظ بابا المصريين على ثوابت الكنيسة الوطنية المصرية في هذا الشأن، والتي أرساها البابا الراحل العظيم شنودة، الذي واجه الرئيس السادات، رافضًا زيارة المسيحيين إلى الأرض المحتلة إلا بعد تحريرها"، على حد قوله.

وأشار الحزب إلى أن الخط الوطني للكنيسة المصرية في مواجهة التطبيع أحد الثوابت التي استقر عليها وجدان الشعب المصري، بمسلميه وأقباطه، وطالب "الكرامة" البابا تواضروس بالثبات على المبادئ الوطنية في ما يخص القضايا المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد من الحرب على الإرهاب، ولا يتحمل جدلًا في قضية اتفق عليها المصريون بأطيافهم كافة.

استغلال سياسي
وتعتبر الكنيسة أن هذه الإنتقادات من قبيل المزايدات السياسية. وقال المتحدث باسم الكنيسة، القس حليم بولس، إن هناك من يحاول استغلال زيارة البابا لتحقيق أهداف سياسية، مشيراً إلى أن الكنيسة ترفض هذه الإنتقادات. وأضاف لـ"إيلاف" أن البابا تواضروس لم يذهب إلى القدس للحج أو للتنزه أو لأي غرض سياسي، لافتًا إلى أن الزيارة تنحصر في تقديم واجب العزاء في الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي. وذكر أن للأنبا المتنيح معزة خاصة لدى البابا تواضروس، وللكرسي الأورشليمي مكانة خاصة لدى المسيحيين في مصر.

ونبه إلى أن الزيارة لا تعني أن البابا تواضروس رفع الحظر المفروض على زيارة الأقباط للقدس، معتبرًا أن الإستغلال السياسي للزيارة لا يخدم القضية الفلسطينية أو الوحدة الوطنية في مصر.

ويرفض البابا تواضروس الثاني شخصيًا تلك الإنتقادات، معتبرًا أنه ليس في زيارة سياسية، بل في واجب عزاء. وقال من القدس: "جئت إلى القدس للمشاركة في العزاء والصلاة على جثمان الأنبا أبراهام مطران القدس، وليس للزيارة". أضاف، في كلمة له: "هناك أسباب خاصة وجانب شخصي وراء حضوري لوداع الأنبا أبراهام".

وأوضح: "عندما دخلت دير الأنبا بيشوي سنة 1968 كان المتنيح الأنبا أبراهام أول من استقبلني، ومن أوائل الرهبان، الذين تعاملت معهم، وعملنا سويًا في استقبال زوار الدير، وتأثرت بروحه المرحة في استقبال الضيوف وكسبهم وشرح مواقع الدير". وتابع: "نصلي من أجل عزاء كل محبي الأنبا أبراهام، ونطلب منه أن يرفع صلوات من أجلنا وأن يعطينا من يملأ الفراغ الكبير الذي تركه برحيله".

&