يقول عراقيون موالون لإيران إن داعش انتهى ولن يصمد إلا ساعات ما أن تتوقف الولايات المتحدة عن تقديم الدعم للتنظيم الارهابي، في اتهام مباشر لواشنطن بالتواطؤ مع داعش.

إعداد عبد الاله مجيد: تروج الميليشيات الموالية لإيران في العراق بين مقاتليها افلام فيديو تظهر فيها، على ما يُفترض، مروحيات أميركية وهي تلقي اسلحة وصناديق من الماء المعبأ فوق مواقع تنظيم الدولية الاسلامية "داعش" في اطار حملة دعائية واسعة تهدف إلى تصوير الولايات المتحدة دولة متواطئة مع داعش.

في ساعات

وتُنشر هذه الافلام بين المواطنين العراقيين الاعتياديين لإيصالهم إلى هذه قناعة بأن داعش الذي احتل مدنهم ودمر ممتلكاتهم وسبى نساءهم يحظى بدعم الولايات المتحدة. وقال مصطفى الساعدي، وهو قائد عسكري في احدى الميليشيات بمحافظة صلاح الدين، إن داعش انتهى تقريبًا، "فهم ضعفاء ونستطيع الحاق الهزيمة بهم في ايام ما ان تكف أميركا عن دعمها لهم".

ولاحظ مراقبون ان الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تدعم داعش واسع الانتشار بين الشيعة العراقيين تحديدًا حيث تمارس الميليشيات الموالية لايران نشاطًا اعلاميًا مؤثرًا في تكوين الرأي العام الشيعي.

وفي وقت أدت فيه اعتداءات باريس وهجمات داعش في مناطق أخرى إلى تصاعد الدعوات المطالبة بتحرك أشد فاعلية على الأرض، فإن الشك الذي زرعته الميليشيات الموالية لإيران بين العراقيين الشيعة بصفة خاصة في نيات الولايات المتحدة يجعل من غير المؤكد أن تستطيع إدارة اوباما نشر قوات خاصة في الأراضي العراقية، كما اعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر.

موافقة الحكومة

وقال المحلل الأميركي المقيم في الاردن كيرك سويل، الذي ينشر رسالة اخبارية عن السياسة العراقية لصحيفة واشنطن بوست: "أي نفوذ يمكن ان نمارسه إذا كانوا يعتقدون اننا ندعم الارهابيين؟".

واعلنت حكومة اقليم كردستان انها ترحب بقدوم مزيد من القوات الأميركية لمحاربة داعش، في اشارة إلى تصريح كارتر امام الكونغرس بأن القوات الخاصة المقرر نشرها ستعمل مع قوات البشمركة الكردية والقوات المحلية العراقية. لكن رئيس الوزراء حيدر العبادي اكد ان العراق لا يحتاج إلى قوات أجنبية، وأن أي انتشار لمثل القوات، سواء أكانت خاصة أو غير خاصة، يجب ان يكون بموافقة الحكومة العراقية.

وتُسمع تهمة التواطؤ الأميركي مع داعش بانتظام في البرلمان العراقي من السياسيين الشيعة، وتُروج على مواقع التواصل الاجتماعي. ويشير استمرارها عبر قنوات ومنصات متعددة إلى انها تأتي في اطار حملة دعائية مدروسة يقوم بها حلفاء ايران في العراق، كما قال مسؤولون أميركيون.
&
إنقسام يتسع

ويظهر في احد افلام الفيديو الداعائية نائب من ميليشيا بدر المدعومة ايرانيًا وهو يلوح بوجبات أميركية جاهزة بدعوى العثور عليها مؤخرًا في احد مواقع داعش في قضاء بيجي شمال بغداد. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المتحدث العسكري الأميركي ستيف وارن قوله "إن الايرانيين والميليشيات الشيعية المدعومة من ايران حقًا يدفعون هذا الخط الدعائي القائل إن الولايات المتحدة تدعم داعش".

وقال مراقبون إن الحملة الدعائية التي يشنها حلفاء ايران في العراق ترتبط باتساع الانقسام واحتدام الصراع داخل القوى الشيعية الحاكمة حول الارتماء في احضان ايران أو تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة لما تملكه من قدرات عسكرية يمكن ان تساعد القوات العراقية في الحرب ضد داعش. وقال المحلل السياسي كيرك سويل إن الجناح الذي يروج تهمة التواطؤ الأميركي مع داعش "يريد أن ينسج رواية تقول إن إيران حليفتنا والولايات المتحدة عدوتنا وهذا يضعف موقع العبادي المتحالف مع أميركا".

أميركا البطيئة

من جهة أخرى، يشكو مسؤولون عراقيون من أن ما يعرقل تنفيذ مهمتهم في محاربة داعش هو رد الولايات المتحدة الفاتر على تهديد داعش. وقال نصير نوري، المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية: "نحن لا نعتقد أن الأميركيين يدعمون داعش"، لكنه اضاف: "من حق العراقيين ان يعتقدوا ان على الأميركيين ان يفعلوا أكثر بكثير مما يفعلونه الآن لأن أميركا بطيئة حتى ان غالبية الناس يعتقدون انها تدعم داعش".

وفي منطقة من العالم تختلط فيها النتائج مع النيات في احيان كثيرة وتشجع التعقيدات الاقليمية على انتشار نظريات المؤامرة يكون للفكرة القائلة ان الولايات المتحدة متواطئة مع داعش منطق معين، كما تنقل صحيفة واشنطن بوست عن مدير مركز الخليج للأبحاث في دبي مصطفى العاني.

وأشار العاني إلى أن أغلبية العرب يستبعدون أن تتعمد الولايات المتحدة اتخاذ مثل هذا الموقف الضعيف وهي بهذا الجبروت العسكري.

وقال العاني "ان السبب هو ان الأميركيين لا يفعلون ما متوقع منهم.& فالموصل ضاعت والأميركيون لم يفعلوا شيئا وسوريا ضاعت والأميركيون لم يفعلوا شيئا وباريس هوجمت والأميركيون لا يفعلون شيئا. لذا يعتقد الناس ان هذه سياسة متعمدة. ولا يستطيعيون ان يصدقوا ان القيادة الأميركية عاجزة عن ان تفهم التطورات الجارية في المنطقة وبالتالي فان التفسير الوحيد هو ان هذا جزء من مؤامرة".

وفي شوارع بغداد تتباين الآراء رغم اتفاقها على أن سمعة الولايات المتحدة اصبحت في الحضيض. إذ يقول محمد عبد الخالق الذي يعمل صحافيا في قناة تلفزيونية محلية "ان صورة الولايات المتحدة اهتزت في المنطقة فصنعوا داعش لمحاريته واستعادة صورتهم".

ويؤكد حسن عبد الوهاب الذي يملك متجرا لبيع لوازم السفر قائلا "صحيح ان الغالبية يعتقدون ذلك ولكنه اعتقاد لا يستند إلى العقل بل يقوم على نظرة عرقية لأن العراقيين أصلا لا يحبون الأميركيين".