حذر محللون سياسيون من عواقب تركيز التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، على القوات الكردية في العراق وسوريا، كحليف أساسي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.


إيلاف - متابعة: مع حشد الجهود الدولية لتصعيد الحرب على التنظيم المتطرف، تشكل قوات البيشمركة الكردية العراقية ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بعض الحلفاء الرئيسيين للغرب على الارض.

فالمجموعة الاولى من الجنود الاميركيين، التي نشرت في شمال سوريا في الاسبوع الماضي، ستتولى رسميًا تدريب قوات وحدات حماية الشعب الكردية المرتبطة بعلاقات وثيقة مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي الكردي، الذي تصنفه انقرة مجموعة ارهابية. ولكن وحدات حماية الشعب الكردية تمكنت من تحقيق انتصارات عسكرية ضد الجهاديين.

ودفعت الهجمات الدامية في باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الى تاكيد الحاجة لدعم القوات الكردية على الارض. وبعد الهجوم الشرس الذي شنه الجهاديون في حزيران/يونيو 2014 وسيطرتهم على مناطق واسعة في العراق، بدأت الولايات المتحدة الاميركية بتنفيذ ضربات جوية وتدريب قوات محلية.

تقول ماريا فانتابي المحللة لدى مجموعة الازمات الدولية ان واشنطن "اختارت دعم الاكراد العراقيين، لانهم كانوا حليفا استراتيجيا لها خلال اجتياح (العراق) عام 2003، كما ان واشنطن تعتبرهم حليفا موثوقا به".

ورغم ما انفق من ملايين الدولارات على مدى اكثر من عام، لم تسفر الحملة سوى عن نتائج محدودة في افضل الاحوال وفشلت في القضاء على "دولة الخلافة" التي اعلنها الجهاديون في مناطق سيطرتهم في العراق وسوريا. وشكلت اعتداءات فرنسا والانتخابات الاميركية اضافة الى تصاعد ازمة الهجرة الى دول الاتحاد الاوربي ضغوطا دفعت نحو تحرك سريع وحاسم ضد التهديد الدولي المتصاعد لتنظيم الدولة الاسلامية.

اوراق للتفاوض
القوات الكردية هي من بين اكثر المجموعات تنظيما وقدرة وتصميما على محاربة الجهاديين في المنطقة. لكن المحللين يذكرون بضرورة ان يترافق الجهد العسكري ضد الدولة الاسلامية في العراق وسوريا مع خطط سياسية لما بعد الانتصار، وان الاعتماد بشكل كبير على الاكراد قد يأتي بنتائج عكسية.

وفي غياب خارطة طريق، تقدم حلولا لطموحات الاكراد في اقامة دولة خاصة بهم، يسعى الاكراد حاليا الى تحقيق مكاسب عسكرية يمكن ان تشكل اداة تفاوض في المستقبل.
وترى فانتابي ان هذا الامر يفسر استعداد وحدات حماية الشعب الكردية لخوض معارك خارج المناطق الكردية، والمشاركة في هجمات ضد معاقل الدولة الاسلامية في الرقة، التي يشكل العرب غالبية سكانها تقريبا.

وقالت "هذا ما يدور في اذهانهم بالتاكيد، خصوصا في ما يتعلق بوحدات حماية الشعب الكردية التي تسعى إلى الحصول على اعتراف دولي". وفي العراق، تمكنت قوات البيشمركة الكردية الموالية لرئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، في الشهر الماضي من استعادة السيطرة على مدينة سنجار، معقل الاقلية الايزيدية في العراق.

وكانت سنجار، قبل الهجوم الساحق لتنظيم الدولة الاسلامية في العام الماضي، تابعة للحكومة المركزية في بغداد، لكن بارزاني يسعى الان الى توسيع المناطق التابعة للاقليم من خلال ضمها. يقول باتريك مارتن الباحث العراقي في معهد الدراسات الحربية، ان بارزاني "اعلن فعليا ضم سنجار الى اقليم كردستان". ويضيف "لا توجد اي مؤشرات إلى استعداد المقاتلين الاكراد لتسليم البلدة الى القوات الحكومية".

علاقة غير متوازنة
يرى مايكل نايتس زميل معهد واشنطن المهتم بالسياسات الاميركية في الشرق الادنى ان "اي عملية لتحرير مدينة الموصل، ثاني مدن العراق من سيطرة الجهاديين، سيكون مركز قيادتها على الاراضي الكردية". يضيف "ييقى الاكراد الحليف الرئيس، الى ان يتم طردهم (اي الجهاديين) من الموصل، لكن يصعب بعدها التكهن بشان مستقبلهم".

كما يرى نايتس ان "التوسع الكردي بلغ ذروته تقريبا في العراق بفضل دعم التحالف الدولي لهم لمحاربة الجهاديين، وهو يمكن ان يقابل برد فعل سلبي من بغداد" التي تتلقى كذلك الدعم من التحالف المناهض لتنظيم الدولة الاسلامية. الامر عينه ينطبق على الوضع في سوريا، حيث لا يمكن ان ترضى تركيا عن زيادة النفوذ الكردي في شمال البلاد.

وترى فانتابي انه "حتى في المناطق التي يحاول فيها الإئتلاف الدولي تشكيل تحالفات كردية وعربية ضد داعش، يميل الميزان لمصلحة الاكراد". وتضيف انه "باتخاذ الاكراد كحلفاء استراتيجيين، فإنك تخلق علاقة غير متوازنة بين الاكراد والقوميات الاخرى التي تعيش معهم".

وتشير الى انه في شمال سوريا، يجمع تحالف القوى الديمقراطية بين قوات حماية الشعب الكردية وقوات عربية، لكن الاكراد لديهم قنوات مباشرة للحصول على الموارد والسلاح، فيما لايتوافر ذلك للاخرين.

وتضيف "هذا خطير، لان هذا الدعم العسكري يمكن ان تنجم منه عواقب غير مقصودة، وان يعيد رسم الحدود داخل البلدين، ويزرع بذور صراعات وتوترات بين الاكراد وجيرانهم في المستقبل".

&

&