عكست نتائج الانتخابات المحلية في فرنسا الاحد، السادس من ديسمبر، حالة انقسام في البلد بشأن قضايا عديدة.
&
جاءت النتائج لصالح الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف حيث حصلت على 30% من الاصوات، وجاء بعدها الجمهوريون بزعامة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذين حصلوا على 27% من الاصوات. اما الاشتراكيون ومنهم رئيس البلاد الحالي فرانسوا هولاند فلم يحصلوا إلا على 22.7% من الاصوات، حسب آخر ارقام وزارة الداخلية الفرنسية.
&
وما إن أعلنت النتائج امس حتى وقعت معارك طاحنة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذا الفوز التاريخي لليمين المتطرف الذي يعتقد مراقبون انه جاء على خلفية هجمات باريس ووعود بالتخلي عن اليورو واعادة العمل بعقوبة الاعدام والحد من الهجرة.
&
بطاقة الهجرة
&
ظهر اليمين المتطرف في فرنسا في عام 1980 كحزب كان همه الوحيد هو الحد من الهجرة وهي قضية ركزت عليها مارين لوبين كثيرا في حملتها الانتخابية إذ رفضت فكرة فرض حصة من اللاجئين على دول الاتحاد الاوروبي ودعت الى إعادتهم الى بلدانهم الاصلية دون اي تمييز بين المهاجرين بسبب الحروب والمهاجرين لاسباب اقتصادية.
&
لوبين قالت في ايلول/سبتمبر الماضي "طلب منا قبول 160 الف مهاجر غير شرعي هذا العام، ولكن هذا العدد سيصل العام المقبل الى 700 الف وبعدها الى مليون و200 الف".
&
ومع الاعلان عن نتائج الانتخابات الاولية كتب احدهم من منطقة اللورين على فيسبوك "أمر مضحك. الكل خائف ولكن إن كنت نظيفا فلماذا الخوف من الجبهة الوطنية؟ هؤلاء المهاجرون يأتون ويفرضون قوانينهم واذا ما استمر هذا الوضع لن تعود فرنسا بلدا!! بل ستستيقظ كل صباح كي تعمل مقابل 1500 يورو في حين يحصلون هم على طعام ومسكن وامتيازات اخرى من الدولة دون بذل اي مجهود. هناك حزب واحد يمكن ان يغير هذا الواقع وهو الجبهة الوطنية".&
&
وعبر مصمم غرافيك اسمه تريستان عن رأي مماثل وقال "لوبين هي الوحيدة التي تستطيع انقاذ فرنسا".
&
وكتب اخر واسمه نيك "إن كانوا هم الوحيدون القادرون على وقف تسونامي المهاجرين، فهم يستحقون الفوز".
&
بديل سياسي
&
يبدو ان المخاوف الامنية دفعت العديد للتصويت لليمين المتطرف فهذه الانتخابات جاءت بعد ثلاثة أسابيع فقط من هجمات باريس ويرى مراقبون ان الجبهة الوطنية استغلت هذه المخاوف الى اقصى حد ممكن ولاسيما ان اثنين من المهاجمين دخلا اوروبا مع دفق المهاجرين كما يبدو. &
&
ومع ذلك رأى ناخبون ان مجزرة باريس سببها "نفاق اليسار وحماقة ساركوزي".&
&
وتحدث آخرون عن فقدهم الامل في الاحزاب الرئيسة الكبرى في البلاد التي ما عادت تعرض برنامجا متميزا.&
&
وكتب امبيراتو وهو طالب من دانكرك ومؤيد للجبهة الوطنية في فيسبوك "لا شي لدى اليسار ولا شيء لدى اليمين. اخترنا الطريق الصحيح وتجنبنا الطرق الوعرة. عاشت فرنسا".
&
وعبرت صوفي وهي فرنسية تعيش في منطقة كيبيك عن رأي مماثل "انا شخصيا أعرف اليسار وأعرف اليمين، وهما عاجزان. هذه المرة سأجرب الحزب الوحيد الذي لم يصعد الى السلطة حتى الان وسنرى ما ستكون النتيجة. انها مجازفة بالتأكيد ولكن لن يحدث اسوأ مما حدث".
&
وكتبت ماري نويل وهي من منطقة آكيتين يجب ان نتوقف عن اعتبار الجبهة الوطنية شيطانا ازرق. ثم سيكون افضل لليسار ولليمين التوقف عن التفكير في كراسي الحكم. انا اقول ذلك رغم انني لست من مؤيدي الجبهة الوطنية ولكن يجب ان تتغير الامور. نحتاج الى تغيير".
&
وتعليقا على تقدم الجبهة الوطنية في ست مناطق على الاقل كتب نومار يقول "الحزب الاشتراكي والجمهوريون تخلوا عن مشاريع عديدة في كل هذه المدن منذ سنوات: لا تغيير ولا مشاريع حقيقية من أجل فرنسا ومن أجل الجمهورية فالبلد يسير في طريق مسدود ولا يوجد مال. حسنا فعلت لوبين، اعيدي بناء البلد".
&
الأزمة الاقتصادية
&
وذكرت صحيفة انترناشنال بزنس تايمز ان الفرنسيين بدأوا يشعرون بمخاوف من تصاعد معدلات البطالة الكبير خلال الفترة المنصرمة ويعتقد العديد منهم أن سياسة الجبهة الوطنية قد تعيد للاقتصاد الفرنسي صحته وعافيته.&
&
وكانت معدلات البطالة التي أعلنت ارقامها في اكتوبر الماضي قد اظهرت ان هذا الارتفاع هو الاسوأ منذ عشرين عاما إذ بلغت النسبة 10.6% في الربع الثالث من عام 2015 ما يعني ان هناك 75 الف شخص أضيفوا الى افواج العاطلين عن العمل. &
&
وكتب لورون معلقا على كلمة مارين لوبين بعد اعلان النتائج الاولية للانتخابات "ايها الشعب الفرنسي، يجب ان تصحو، فقد خدعنا لزمن طويل. نريد أن يعيش اطفالنا في بلدهم في كنف السلام والاهم ان يكون لديهم طعام يأكلونه!".&
&
ورغم ان مؤيدي الجبهة الوطنية ما يزالون يمثلون اقلية يخشى مراقبون من احتمال تزايد شعبية الجبهة لاسيما إذا ما تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد.
&
امة منقسمة&
&
بعد كلمة مارين لوبين إثر الاعلان عن فوز حزبها انتقد العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي كل اولئك الذين صوتوا "للشيطان".&
&
وكتبت فرانسواز قائلة "اعتقد ان الفرنسيين الذين صوتوا للجبهة الوطنية لا يفقهون شيئا في السياسة" ثم دعتهم الى الاطلاع والفهم بشكل اعمق.&
&
وعلق مستخدم من منطقة شامباني آردين "قريبا سنودع الديمقراطية مع صعود الدكتاتورية الى الحكم". &
&
وكتب جون فيليب وهو مغني من منطقة المارتينيك الفرنسية "كل الفرنسيين عنصريون في نهاية الامر، وهذا واضح من خريطة النتائج؟".
&
وانتقد العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي امتناع 50% من الفرنسيين عن التصويت وقال بيتر من باريس "الاعتراض على النتائج صعب مع تغيب 50% من الناخبين. هذا يعني ان واحدا من كل اثنين لم يدل بصوته كما يعكس مدى الاهتمام الذي منحه الفرنسيون لهذه الانتخابات".