كراكاس: احتفلت المعارضة في فنزويلا الاثنين بغالبيتها البرلمانية الموصوفة التي حققتها للمرة الاولى منذ& 16 عاما في اقتراع جرى الاحد على خلفية استياء شعبي ازاء الازمة الاقتصادية التي افرغت متاجر هذا البلد الغني بالنفط.
واعلن المجلس الوطني الانتخابي الاثنين ان ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" حصل على 110 مقاعد من اصل 167 يتألف منهم البرلمان. وحصل الحزب الاشتراكي الموحد بزعامة الرئيس نيكولاس مادورو على 55 مقعدا ولم تعرف بعد نتائج مقعدين فقط.
وصرح خيسوس توريالبا رئيس ائتلاف المعارضة "طاولة الوحدة الديموقراطية" الذي احرز النصر "اليوم بدأ التغيير في فنزويلا".
وتابع ان "الشعب قال كلمته بوضوح، العائلات الفنزويلية سئمت من معايشة تبعات فشل" برنامج الحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا الذي بنى شعبيته على البرامج الاجتماعية.
ورحبت الامم المتحدة بسير عملية الانتخابات "سلميا". وقال فرحان الحق المتحدث باسم الامين العام بان كي مون امام الصحافيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك "من المؤكد (...) ان الشعب قال كلمته ونأمل ان يحترم الجميع نتيجة الانتخابات"، مضيفا "من المرحب به على الدوام اجراء الانتخابات بصورة سلمية".
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيان "ان الولايات المتحدة تهنىء شعب فنزويلا لاسماع صوته بصورة سلمية وديموقراطية في اليوم الانتخابي" الاحد، مضيفا "ان الناخبين الفنزويليين عبروا عن رغبة لا تقهر في تغيير التوجه لبلادهم. ان الحوار بين جميع الاطراف في فنزويلا ضروري لمواجهة التحديات الاجتماعية الاقتصادية التي تواجهها البلاد".
واكد "ان الولايات المتحدة مستعدة لدعم مثل هذا الحوار مع اخرين في المجتمع الدولي".
واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني ان الامر يتعلق ب"تصويت من اجل التغيير" و"نداء واضحا الى جميع الفاعلين السياسيين والمؤسسات في فنزويلا لبدء جهود سياسية بناءة".
وهنأ رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي (يميني) الفنزويلييين وطالب بالافراج عن المعارضين المسجونين وبينهم ليوبولدو لوبيز رئيس حزب الارادة الشعبية المعارض والعضو في ائتلاف طاولة الوحدة الديموقراطية، وهي مسألة سممت العلاقات بين البلدين.
من جهته اعلن الرئيس الكوبي راوول كاسترو دعمه لنيكولا مادورو الذي خاض بحسب قوله "معركة استثنائية" خلال هذه الانتخابات الخاسرة التي تضع حليفه الاستراتيجي والشريك التجاري الرئيسي للجزيرة في وضع صعب.
"صفعة"
في حال الحصول على المقعدين اللازمين لاحرازه اكثرية 61% يمكن لهذا الائتلاف الفائز المتنوع من اليسار الى اليمين المتشدد اطلاق اجراءات لحجب الثقة عن نائب الرئيس او احد الوزراء. كما انه يعتزم تبني اصلاحات اقتصادية في النصف الاول من السنة المقبلة اضافة الى العفو عن 75 سجينا سياسيا احصاهم.
لكن في اطار النظام الرئاسي في البلاد، فان هذا الائتلاف سيواجه صعوبة لاحراز توازن مقابل التيار التشافي (نسبة الى الرئيس السابق هوغو تشافيز) نظرا الى قدرة مادورو على الحد من صلاحيات البرلمان الجديد الذي يبدأ مهامه في 5 كانون الثاني/يناير، ولو انه يجازف بذلك باثارة احتجاجات.
بالرغم من المخاوف من حصول اضطرابات في البلد الذي شهد في 2014 تظاهرات اسفرت بحسب الحصيلة الرسمية عن مقتل 43 شخصا، مضى يوم الانتخابات بهدوء وشهد "مشاركة استثنائية" بلغت نسبتها 74,25% بحسب المجلس الوطني الانتخابي.
وعند اعلان النتائج الرسمية ليلة الاحد بعد تاخير استمر عدة ساعات ارتفعت هتافات الفرح واصوات المفرقعات في بعض احياء كراكاس، فيما فرغت ساحة بوليفار التي تجمع فيها التشافيون تدريجيا.
وفور اعلان النتائج اعلن مادورو (53 عاما) وريث تشافيز السياسي ورئيس البلاد منذ وفاته في 2013، اعترافه بها وقال في كلمة تلفزيونية "جئنا باخلاقياتنا وادبياتنا للاعتراف بهذه النتائج، وقبولها ولنقول لفنزويلا ان الدستور والديموقراطية انتصرا". لكنه اقر انه تلقى هذه الهزيمة "كصفعة".
"تصويت عقابي"
كانت استطلاعات الراي تشير منذ عدة اشهر الى فوز كاسح للمعارضة في هذه الانتخابات مستفيدة من الاستياء الشعبي في ظل الازمة الاقتصادية الناتجة عن هبوط اسعار النفط في بلد يملك اكبر احتياطات نفطية في العالم.
واعتبر& لويس فيثينتي ليون رئيس مؤسسة الاستطلاعات داتاناليسيس ان هذا الفوز يشكل "تصويتا عقابيا بالغا في الاهمية ردا على ادارة مادورو" وهو منعطف تاريخي في هذا البلد منذ وصول الحركة التشافية الى السلطة عام 1999.
وهو ياتي بعد اسبوعين على انتخابات اخرى بارزة جدا في اميركا اللاتينية، تلك التي اوصلت ماوريسيو ماكري في الارجنتين، منهية 12 عاما من سلطة نستور ثم كريستينا كيرشنر، الحليفين الكبيرين لتشافيز واللذين بدآ معه نقل المنطقة الى اليسار مع انطلاق سنوات الالفين.
وفي فنزويلا ستؤدي هذه النتيجة الى "اعادة تشكيل القوى السياسية" على ما اكد المحلل الفنزويلي نيكمر ايفانز، فيما اشار المحلل السياسي جون مغدالينو الى انها قد تشكل ثقلا موازيا في بلد تخضع فيه السلطات بالكامل للتشافية بحسب قوله.
وراى ليون انها "ستغير قدرة المعارضة على التفاوض. على الحكومة الاقرار بذلك، وان رفضت ذلك فسنواجه نزاعا مؤسسيا".
اما المحلل في كابيتال ايكونوميكس ادوارد غولسوب فبدا اكثر تشاؤما، واعتبر ان "تغييرا كبيرا في السياسة...غير مرجح"، وتوقع دييغو مويا- اوكامبوس الخبير في مكتب اي اتش اس "شللا سياسيا وتفاقما لنقص الاغذية والسلع وانعدام الاستقرار الحكومي".
&وبعيدا عن الاعتبارات السياسية روى الناخب وليام كراسكو (55 عاما) الاحد ان همه الرئيسي هو تأمين التموين لمنزله. فكل يوم جمعة يجول على المتاجر بين الساعة 07,00 والساعة 15,00 بحثا عن مواد اساسية مثل الارز او ورق الحمام.
التعليقات