أظهرت مواقف متباينة للقيادتين العراقية والتركية عدم إمكانية حل الأزمة الراهنة بين البلدين في وقت قريب، ففيما أصر العبادي على ضرورة انسحاب القوات التركية من أراضي بلاده للانتقال إلى مرحلة علاقات إيجابية، رد أردوغان بالتأكيد على أن هذا الانسحاب غير وارد في الوقت الراهن.

لندن: قال مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن وفدًا تركيًا برئاسة فريدون اوغلو وكيل الخارجية التركية وهاكان فيدان رئيس جهاز المخابرات التركي يرافقهما وفد رسمي، اجريا مباحثات في بغداد استهدفت التوصل إلى حل للازمة الحالية، حيث اجتمعا مع العبادي ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري.

وأشار المكتب في بيان صحافي، اطلعت على نصه "إيلاف" الجمعة، الى ان الجانب التركي عبّر خلال اجتماعاته في بغداد امس الخميس عن التزام تركيا باحترام سيادة العراق ووحدة اراضيه والوقوف مع العراق في محاربة ارهاب تنظيم "داعش".

وأضاف: أن الجانب العراقي قد ابلغ الوفد التركي بان حل الازمة ينحصر بانسحاب القوات التركية الكامل من الاراضي العراقية، وان هذا سيفسح المجال لعلاقات ايجابية والتنسيق والتعاون بين البلدين الجارين في المجالات المختلفة.

وأكد أن دخول القوة العسكرية التركية إلى الاراضي العراقية كان دون علم الحكومة العراقية، ومن دون طلب أو أذن من السلطات الاتحادية العراقية. وقال إن أي تصريح عدا ذلك ومن أي جهة صدر غير حقيقي ولايستند إلى معلومات دقيقة ويقصد منه خلط الاوراق وتضليل الرأي العام.. مشيرًا إلى أنّ الحديث عن مهام التدريب وتواجد القوات العسكرية لن يضيع حقيقة الخرق الفاضح للسيادة العراقية من قبل الجانب التركي.

وقبيل ذلك، قالت وزارة الخارجية العراقية إن الجعفري عقد اجتماعًا مع الوفد التركي استمر لثلاث ساعات، وتركز على قضية تواجد قوات تركية قرب الموصل من دون ذكر النتائج التي تمخض عنها الاجتماع.

أردوغان يرفض الانسحاب.. وأوغلو وبايدن يدعوان للتهدئة

وعلى الجانب الاخر، فقد أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن من غير الوارد سحب بلاده لقواتها من العراق بعدما اتهمتها بغداد بنشر جنود دون موافقتها.. وأشار إلى أن القوات التركية موجودة في العراق لتدريب مقاتلي البيشمركة الكردية وليس لأغراض قتالية. وشدد على أن بلاده لا تنوي سحب قواتها التي تتمركز في العراق كجزء من مهمة تدريبية للمساعدة في محاربة تنظيم "داعش".

وقال أردوغان للصحافيين امس إن القوات التركية التي تم نشرها في عام 2014 كانت استجابة لطلب من الحكومة العراقية وقتها، مؤكدًا أن تلك القوات غير قتالية. وشدد بالقول "ان الانسحاب غير وارد في الوقت الراهن".

ومن جهته، أطلع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو نائب الرئيس الأميركي جو بايدن على معلومات حول الأنشطة التدريبية للقوات التركية منذ شهر آذار (مارس) الماضي في معسكر بعشيقة (30 كم شرق الموصل) المُنشأ في إطار مكافحة تنظيم "داعش" والتدابير المتخذة هناك من أجل أمن المدربين والمعسكر.

جاء ذلك في اتصال هاتفي بين داود أوغلو وبايدن بشأن التطورات المتعلقة بالازمة العراقية التركية الحالية حسب بيان صادر عن المستشارية الإعلامية لرئاسة الوزراء التركية نقلته وكالة "ألاناضول" التركية مشيرة إلى أنّ أوغلو أكد خلال الاتصال إيلاء بلاده حساسية كبيرة لسيادة ووحدة الأراضي العراقية وانتظاره من جميع البلدان إظهار تلك الحساسية ذاتها.. موضحًا "أن تركيا ستواصل مساعدتها للحكومة العراقية الصديقة بالتنسيق مع بغداد في إطار مكافحة داعش".&&

وأوضح داود أوغلو "نقلنا هذه الأمور إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي في رسالة، إضافة إلى لقاء مستشار وزارة الخارجية فيريدون سينيرلي أوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان الموجودين حالياً في بغداد مع العبادي والجعفري". وقد اتفق أوغلو وبايدن على التواصل مجدداً وفقاً للتطورات.

يذكر ان وزارة الخارجية التركية دعت مواطنيها في العراق الاربعاء الماضي إلى مغادرته في اسرع وقت ووسعت من نطاق تحذيرهم من السفر إلى العراق ليشمل جميع المحافظات العراقية عدا محافظات اقليم كردستان الثلاث. وقالت الوزارة في بيان إن "العراق دولة ذات مخاطرعالية في ما يتعلق بالوضع الأمني وإن الوضع الأمني فيها يتغيّر بسرعة".

ومقابل ذلك، اغلق العراق ملحقيته التجارية بسفارته في انقرة.. وقالت وزارة التجارة إن وزيرها محمد شياع السوداني قرر إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية بتركيا. ويبلغ حجم التبادل التجاري العراقي مع تركيا بين 10 و 12 مليار دولار سنويًا، حيث ان اغلب المواد التي يستوردها هي المنتجات الغذائية والملابس والاجهزة الكهربائية.&&

وكان المجلس الوزاري للامن الوطني العراقي قد امهل تركيا الاحد الماضي 48 ساعة لسحب قواتها من الاراضي العراقية.

وأكد المجلس عقب اجتماعه برئاسة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي& رفض العراق لدخول قوات تركية إلى اراضيه دون موافقة ولا علم الحكومة العراقية واعتبره انتهاكًا للسيادة وخرقًا لمبادىء حسن الجوار.

وأشار إلى أنّ من حق العراق استخدام كل الخيارات المتاحة وبضمنها اللجوء لمجلس الامن الدولي في حال عدم انسحاب هذه القوات خلال 48 ساعة انتهت مساء الاربعاء الماضي، حيث بادر العراق اثرها بشرح موقفه إلى سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، كما طلب من جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث الازمة.