&في ضوء قيام التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية لمحاربة الإرهاب، يبدو واضحًا أنها الأقدر على القيام بمهمة مماثلة، لا سيما في ظل تعارض جوهري ووجودي بين سياسة وأهداف المملكة وبين ممارسات وتطلعات التنظيم.
&
إعداد عبد الإله مجيد: اظهرت الهجمات الارهابية في باريس وكاليفورنيا الامتداد العالمي لتنظيم داعش، الذي لم يعد يكتفي بإرهاب مناطق واسعة من الشرق الأوسط، بل أخذ يستدرج إرهابيين ويجندهم ويدربهم ويسلحهم للقيام بأعمال اجرامية في انحاء العالم.
&
وإزاء هذه الأجندة العالمية الجديدة، يسعى محللون الى تقييم منشأ داعش في محاولة للتوصل الى فهم أفضل بشأن سبل مكافحته، وتشير غالبيتهم الى السعودية حين يتعلق الأمر بالمصدر، والى الولايات المتحدة حين يتعلق الأمر بمحاربة داعش، ولكن نظرة أكثر تمعنًا الى داعش تكشف انه يخوض حربًا ايديولوجية لا هوادة فيها ضد المؤسسة الدينية السعودية، كما يلاحظ الباحث نواف عبيد، من مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفرد. &
&
استمرار للخوارج
&
فالسعودية بوصفها حامية الحرمين الشريفين، والتي تستقبل مسلمي العالم في موسم الحج، تقود 1.5 مليار مسلم في محاربة داعش، وتؤكد قيادة المملكة للتحالف الاسلامي، الذي شُكل مؤخرا &من 34 دولة ضد الارهاب بكل اشكاله، ان السعودية ليست، كما يذهب البعض، منشأ داعش، بل هي العدو الرئيسي للجماعة الارهابية، والأكثر من ذلك انها الدولة الوحيدة القادرة على دحره مرة والى الأبد، بصورة كاملة ومشروعة، كما يؤكد الباحث عبيد.
&
وثمة عوامل ثلاثة تلقي ضوءًا ساطعًا على حرب السعودية الشاملة ضد داعش، الأول: ان داعش استمرار للخوارج الذين اغتالوا الخليفة الرابع علي ابن أبي طالب، فداعش يعتقد، كما اعتقد الخوارج من قبله، بأن كل من يختلف معه كافر يجب ان يهدر دمه، مبررا بذلك اعمال القتل الجماعي التي يرتكبها بحق المدنيين، بمن فيهم نساء واطفال. &
&
كما ارتكب داعش معصية تنفي كل ادعاء له بالانتماء الى الحركة السلفية، فان ولي أمر الأمة هو السلطة الأعلى في التقليد الاسلامي، ونظام السعودية تجسيد لهذه السلطة في عالم اليوم. بكلمات اخرى، ان العاهل السعودي الملك سلمان يستمد شرعية حكمه من كونه اولا وقبل كل شيء ولي أمر المواطنين، وبالمقابل يقبل الشعب حكمه بمبايعته، وهذه البيعة عقد بين الحاكم والمحكوم يتعهد فيه الحاكم برفع شأن الاسلام وخدمة المحكومين الذين يتعهدون من جهتهم بطاعة احكام الاسلام والسير وراء الحاكم، فيما تشكل مبايعة الأمة للحاكم ركنا اساسيا من اركان السلفية، وكل من ينتهكها، كما فعل داعش، لا يمكن ابدا ان يكون سلفيا حقيقيا، كما يرى الباحث نواف عبيد. &
&
خطر وجودي
&
وإزاء أهمية ولي الأمر في الاسلام، فإن داعش والسعودية مشتبكان في صراع وجودي لا يمكن ان يخرج منه منتصرًا إلا طرف واحد. &&
&
والسبب الثاني في كون السعودية وداعش على طرفي نقيض، هو ان هدف داعش الأساسي احياء الخلافة، وبما ان المملكة هي مركز الاسلام، فان طريق داعش الى الخلافة يمر عبر المملكة والشعب السعودي، وقد نفذ داعش سلسلة من الهجمات الارهابية في المملكة منذ العام الماضي، وردا على ذلك ادرجت السعودية داعش على قائمة المنظمات الارهابية، وأعلنت أن الانتماء الى داعش أو تمويله جريمة يعاقب عليها بالاعدام، واعتقلت الكثير من مؤيدي داعش وعناصره ومموليه. &
&
السبب الثالث يكمن في كون السعودية عدو داعش الاستراتيجي لأسباب مالية، فداعش بوصفه تنظيما لديه طموحات توسعية يحتاج الى موارد متزايدة، لذا يطمع داعش، كما طمع تنظيم القاعدة من قبله، بحقول المملكة النفطية العملاقة وثروتها المالية الضخمة. &
&
الأقدر
&
ويعيد الباحث عبيد التذكير بأنه عندما ظهر داعش أول مرة في سوريا عام 2011 سعت السعودية الى حشد الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، لكن العالم لم يستمع، واليوم بات داعش يُشكل تهديدًا، لا للشرق الأوسط فحسب بل للعالم أجمع، وبالتالي فإن تحالفا تقوده السعودية وحده القادر حقًا على دحر داعش، وفي الوقت نفسه تجريده من أي شرعية بنظر العالم الاسلامي الأوسع.
&
وإذا كانت دول العالم تأمل حقًا في الحاق هزيمة كاملة بتنظيم داعش، فعليها ان تكف عن توجيه الاتهامات الباطلة الى السعوديين، وأن تنضم اليهم في محاربة التنظيم والحاق الهزيمة به. & &
&
التعليقات