اعتبرت مصادر عراقية أن مبعوث الامم المتحدة الجديد في العراق، الدبلوماسي السلوفاكي يان كوبيس، سيواجه في مهمته الشاقة قضايا خطيرة تتقدمها الحرب ضد تنظيم "داعش" والتصفيات الطائفية وتصاعد أعداد النازحين، حيث عيّنه الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون مبعوثًا جديدًا له في هذا البلد المضطرب خلفًا للبلغاري نيكولاي ملادينوف.
لندن: أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال الساعات الاخيرة عن تعيين ممثله الخاص في افغانستان الدبلوماسي السلوفاكي يان كوبيس مبعوثًا جديدًا للأمم المتحدة ورئيسًا لبعثة المنظمة الدولية في العراق "يونامي". وقال المتحدث باسم بان كي مون إن كوبيس سيحل بدلاً من البلغاري نيكولاي ملادينوف الذي عيّن مبعوثًا للأمم المتحدة في الشرق الأوسط في وقت سابق من الشهر الحالي.
وتولى الدبلوماسي السلوفاكي عدة مناصب رفيعة في بلاده وفي منظمات دولية، بما في ذلك منصب وزير خارجية سلوفاكيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان. وأشار ستيفان دوجاريك المتحدث باسم بان كي مون إلى أنّ كوبيس لديه سنوات من الخبرة في مجال الدبلوماسية والسياسة الأمنية الخارجية والعلاقات الاقتصادية الدولية على الصعيدين الدولي والداخلي في بلاده.
خبرة سياسية ودبلوماسية طويلة
وشغل كوبيس (62 عامًا) منصب ممثل الأمم المتحدة في أفغانستان منذ عام 2012 وتولى أيضًا منصب مبعوث المنظمة الدولية في طاجيكستان عامي 1998 و1999.. وكان أمينًا عامًا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لست سنوات بين عامي 2005 و 2011. ثم ما بين 2007 و 2008 رئيسًا للجنة وزراء مجلس أوروبا كما شغل منصب وزير للشؤون الخارجية بسلوفاكيا من 2006 إلى 2009.&&
وكوبيس من مواليد براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا وأكبر مدنها، وقد التحق بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، وبعد تخرجه فيه عام 1976 انضم إلى الحزب الشيوعي فعمل في قسم المنظمات الاقتصادية الدولية بوزارة الخارجية ثم في مكتب الوزير قبل نقله في عام 1980 ملحقاً في السفارة التشيكوسلوفاكية في أديس أبابا، ثم سكرتيراً ثالثاً فيها عام 1984.
لكنه عاد في العام التالي إلى براغ، حيث ترأس قسم قضايا الأمن والتسلح في وزارة الخارجية.. ثم خدم في السفارة التشيكوسلوفاكية في موسكو بين عامي 1989 و1991 حين تم استدعاؤه مجدداً إلى براغ ليرأس قسم الشؤون الأوروبية والأطلسية في وزارة الخارجية، وهو المنصب الذي بقي فيه حتى عام 1992.
وإثر انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 وظهور خلافات داخل تشيكوسلوفاكيا، تم الاتفاق على حل الاتحاد بين تشيكيا وسلوفاكيا عام 1992 لتنتهي تشيكوسلوفاكيا فعلياً عام 1993، حيث تم إعلان قيام كل من جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا، حيث تم تعيين كوبيس سفيراً لجمهورية سلوفاكيا ومندوبها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف.&
قضايا شائكة تواجه كوبيس في العراق
وعلى الرغم من خبرته الطويلة هذه سياسيًا ودبلوماسيًا وأمنيًا، وتوليه رئاسة بعثة الامم المتحدة في افغانستان، البلد المضطرب منذ سنوات، مثل ما يمر به العراق من اوضاع مضطربة، والذي سيعمل فيه خلال السنوات المقبلة، لكن مصادر عراقية أشارت إلى أنّ قضايا شائكة وصعبة ستواجه المبعوث الجديد.
وقالت المصادر في أحاديث لـ"إيلاف" إن عدة مشكلات صعبة سيكون على كوبيس التصدي لها ومحاولة فرض رؤية المجتمع الدولي وحلوله ممثلاً بالامم المتحدة لهذه القضايا. وقالت إن في مقدمة هذه القضايا عمليات القتل الطائفي التي ترتكبها المليشيات الطائفية، والاخرى التي يقوم بها تنظيم "داعش" ضد العراقيين على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم، الامر الذي دفع الامم المتحدة الاثنين الماضي إلى اعتبار عمليات القتل لهذين الطرفين بمثابة جرائم حرب.
وأضافت أن اوضاع النازحين، المتزايد عددهم نتيجة الحرب الدائرة بين القوات الامنية الحكومية وتنظيم "داعش"، والمساعدات الانسانية العاجلة التي يحتاجونها، ستشكل مهمة صعبة للمبعوث الجديد في حشد المجتمع الدولي ودفعه لتقديم المعونات المالية والانسانية لانقاذ هؤلاء النازحين من ظروفهم الصعبة التي تهدد حياتهم بالخطر، وهي اوضاع تفوق قدرة الحكومة العراقية على معالجتها خاصة مع الازمة المالية الصعبة التي تمر بها حاليًا.&
وأمس، زارت ليز غراندي، نائبة الممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة ،المنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في العراق، ونيل رايت ممثل المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق،&&العوائل النازحة مؤخراً من ناحية البغدادي في محافظة الانبار الغربية، والتي افادت بأنها كانت تعيش تحت حصار مفروض عليها ولديها فرص محدودة للحصول على الماء النظيف والغذاء والدواء، بينما لقي& خمسة أطفال حتفهم نتيجة الظروف القاسية التي عانى منها سكان الناحية.
وأشارت غراندي "إلى أنّ عدد العراقيين النازحين في جميع أنحاء البلاد منذ كانون الثاني (يناير) عام 2014 قد بلغ مليونين و250 ألف شخص، حيث يوجد حاليًا أكثر من 380 ألف شخص نازح ضمن محافظة الانبار.
وداع ملادينوف للعراقيين.. وصايا لخلفه كوبيس
وجاء تعيين كوبيس بعد أيام من توديع نيكولاي ملادينوف، ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق، مواطني هذا البلد بالتعبير عن امله في مستقبلهم ما داموا لم يستسلموا للديكتاتورية وللصراعات الطائفية والارهابية.
وقال ملادينوف في كلمة امام مجلس الامن الدولي في 18 من الشهر الحالي، اعتبرت بمثابة وصايا لخلفه كوبيس بمنصبه في العراق، "اسمحوا لي أن اتحدث بشكل شخصي لأعرب عن شديد تواضعي أمام شعب العراق، فلقد عاش هذا الشعب لعقود تحت نير الدكتاتورية والصراع وتحت تهديد الإرهاب، وعلى الرغم من ذلك فهو يواصل تصميمه على بناء دولة ديمقراطية".
وأضاف أنّ "أجيالاً نشأت في العراق وهي تحمل آثاراً لا تُمحى وتربّت في ظل الخوف.. خوف من الاضطهاد وخوف على مستقبلهم وخوف على حياتهم، حيث ترك ذلك في المجتمع العراقي ندوباً عميقةً يستغرق شفاؤها زمناً طويلاً، بيد أن العلاج يكمن في التطلع إلى الوحدة والمصالحة وليس في استذكار سياسات الماضي الفاشلة".
وشدد على ان داعش يزداد قوة عندما يضعف العراق.. والعراق يضعف عندما تقسمه السياسة الطائفية وعندما تتقدم الانتماءات السياسية على الولاء للوطن.
وقال "إن تفاؤلي الذي لا يتزعزع تجاه هذا البلد ينبع من الروح التي يتمتع بها العراقيون العاديون، اولئك الذين هبوا للدفاع عن بلدهم في صيف العام الماضي، اولئك الذين خرجوا للإدلاء بأصواتهم على الرغم من السيارات المفخخة والهجمات الإرهابية.. أولئك الذين لا يهمهم كون أحدهم شيعياً أو سنياً أو مسيحياً أو أيزيدياً أو كردياً أو عربياً أو ينتمي إلى أي مكون آخر...انهم الغالبية الساحقة من العراقيين العاديين الذين ليس لديهم بلد أجنبي يفرّون اليه أو جواز سفر دولة أخرى يركنون إليه. هؤلاء هم النساء والرجال الذين سيبنون العراق الجديد وما يمكننا بل يتوجب علينا فعله كمجتمع دولي هو مساعدتهم على النجاح".
وأضاف قائلاً "علينا دعمهم في بناء الديمقراطية التي بدونها لن يشعر غالبية العراقيين بالأمان ولن تُصان حقوقهم كبشر..علينا العمل معهم لتحقيق التوازن بين مكوناتهم المتنوعة داخل البلاد، لأنه بغياب التوازن سيستمر العنف والتطرف. علينا مساعدتهم لتحقيق العدالة - وليس الانتقام - لجرائم الماضي وانتهاكات الحاضر. وأخيراً علينا تقديم الاحترام والكرامة التي يستحقها شعب العراق.. تلك هي المهمة النبيلة للأمم المتحدة في العراق".
&وكان ملادينوف، الذي شغل منصب وزير خارجية بلغاريا، وزار العراق عدة مرات ضمن وفود من الاتحاد الاوربي، قد عُين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً خاصاً له في العراق في الثاني من آب (أغسطس) عام 2013 خلفاً لسلفه مارتن كوبلر.
وملادينوف مواليد 5 أيار (مايو) في مدينة صوفيا عام 1972 ، وهو سياسي بلغاري شغل منصب وزير الشؤون الخارجية في حكومة رئيس الوزراء بويكو بوريسوف بين عامي 2010 و 2013 كما كان ملادينوف عضوًا في البرلمان الأوروبي بين عامي 2007 و 2009.. و شغل منصب وزير الدفاع للفترة من 27 تموز (يوليو) 2009 ولغاية 27 كانون الثاني (يناير) عام 2010.&
وبحمل ملادينوف شهادة الماجستير في الآداب في الدراسات الحربية وتخصص في العلاقات الدولية من جامعة كينغزكولدج في لندن البريطانية وشهادة الماجستير والبكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة الاقتصاد الوطني والدولي& بصوفيا في بلغاريا.
&
التعليقات