سادت حالة من الترقب في الأوساط السياسية انتظارًا لنظر المحكمة الدستورية في الطعون المتعلقة بالقوانين الخاصة بالإنتخابات البرلمانية، وتقرير هيئة المفوضين بشأنها، والتي أوصت ببطلان قانون الانتخابات.

القاهرة: ينتظر المصريون بشغف حكم المحكمة الدستورية على 4 قضايا مقدمة ضد قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر، حيث حددت المحكمة جلسة 25 شباط (فبراير)، للنظر في دستورية قانون الانتخابات، وتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، هذا وقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات التزامها بتنفيذ أحكام القضاء، وأشارت إلى أنه في حال صدور حكم بعدم دستورية جداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردي فإن اللجنة ستسارع بتنفيذ ما يترتب عليه من تعديلات تشريعية، وذلك لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لاستكمال المؤسسات الدستورية للدولة.

تقرير المفوضين
كان تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا قد أكد عدم دستورية جداول الدوائر الإنتخابية الخاصة بالنظام الفردي بالقانون رقم 202 لسنة 2014 &بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، وعدم دستورية نص المادة 25 من قانون رقم 45 لسنة 2014م بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، في ما يضمنه من تمييز في الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية في النظام الفردي ونظام القوائم.
&
وأكد تقرير المفوضين أن قانون تقسيم الدوائر المطعون به، وعلى ضوء أي معيار يكون قد اعتنقه، قد أخلّ إخلالًا فاحشًا بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين الناخبين والمرشحين عند تقسيمه الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي، بما يوقعه في مغبة المخالفة الدستورية.&
&وفي ما يتعلق بجداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردي، أشار تقرير المفوضين إلى أن المشرع قد فارق مفارقة شديدة بين وزن الصوت الانتخابي في العديد من الدوائر الفردية، بحيث أخل بضوابط التمثيل العادل للسكان، والمتكافئ للناخبين المتطلب دستوريًا بمقتضى المادة 102 من الدستور، كما يكون قد خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور، وعصف بحقي الانتخاب والترشح، حين مايز، تحكمًا، بين قيمة أصوات الناخبين في الدوائر الانتخابية المختلفة، وغاير تسلطًا بين أقدار المرشحين، وما يحتاجه كل منهم من أصوات للنجاح تبعًا للدائرة التي سيترشح بها، وذلك كله دون مبرر موضوعي معتبر، وتضحي الجداول الخاصة بالدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي المرافقة للقرار بقانون رقم 202 لسنة 2014مخالفة للمواد 4 و53 و87 و102 من الدستور موصومة بعدم الدستورية، وهو ما نريد القضاء به.
&
سيناريوهان محتملان
من جانبه يرى الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري في كلية الحقوق جامعة الزقازيق، أن هناك سيناريوهين محتملين في ما يتعلق بمستقبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهما &متوقفان على ما تتضمنه حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا، فالسيناريو الأول هو تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة شهر أو شهرين لحين الانتهاء من التعديلات التشريعية على المواد غير الدستورية، بما يتفق مع حكم المحكمة الدستورية العليا، دون أن يترتب على ذلك إعادة جميع الإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات بما فيها فتح باب الترشح ووضع ضوابط للدعاية الانتخابية وغيرها من الضوابط، حيث يتطلب على لجنة الانتخابات تحديد مواعيد أخرى بخصوص مراحل التصويت، فيما يتمثل السيناريو الثاني في تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، والعودة إلى نقطة الصفر، بما يعني إصدار قرارات جديدة من اللجنة العليا للانتخابات بفتح باب الترشح.&
&
وتوقع الخبير الدستوري أن يصدر حكم ببطلان قانون تقسيم الدوائر لعدم مراعاة المعايير الأساسية في بعض الدوائر أثناء تقسيمها مثل: عدد السكان والوزن النسبي للمقعد، ومساحة الدائرة، وهو الأمر الذي حذرنا منه القائمين على القانون قبل إقراره وبدء ماراثون الانتخابات.
&
مؤكدا ﻟ"إيلاف" أن بطلان قانون تقسيم الدوائر يعيد إجراءات&الانتخابات إلى نقطة الصفر، حيث سيتطلب مراجعة كاملة للقانون. وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح حوار مجتمعي حول القانون بعد التعديل، منعا لرفع دعاوى قضائية بعد الدستورية من جديد ونواجه الأزمة السياسية الحالية نفسها .
&
تداعيات الحكم&
وقال الدكتور صبري السنوسي، أستاذ القانون الدستوري، ﻠ"إيلاف": "إن في حال قبول المحكمة الدستورية الطعون على قوانين تقسيم الدوائر ومجلس النواب، والأخذ بما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا سيتعين على الرئيس إصدار قرار جمهوري بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية وتأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، والعودة إلى نقطة الصفر، وسيترتب على الحكم &وقف جميع الإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات سواء ما يتعلق بفتح باب الترشح، وصولاً لإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة سابقاً، لحين تعديل الحوار الدستوري الذي يشوب القوانين المتعلقة بالانتخابات، على أن تقوم لجنة الانتخابات مرة أخرى بإصدار قرارات جديدة لإجراءات العملية الانتخابية الملائمة للتعديلات القانونية الجديدة التي تمت "متوقعا أن يأخذ الأمر وقتا قد يصل إلى أربعة أشهر، بما يعني أن المواعيد الجديدة للانتخابات سوف تحدد بحلول شهر تشرين الأول (أكتوبر) القادم.&
&
وطالب الخبير الدستوري الحكومة &بإدخال التعديلات التشريعية على القوانين المطعون بدستوريتها لتوافق صحيح الدستور، من أجل إزالة الشكوك والشائعات التي تطلقها جماعة الإخوان، بأن تأجيل الانتخابات يصب في صالح الرئيس عبد الفتاح السيسي .
متوقعا أن تطالب المحكمة الدستورية بتعديل المواد التي تتميز بين المرأة والرجل، والنص الخاص بتحديد معدلات الإنفاق بين الفردي والقوائم لتكون بنسب متساوية، وتعديل النطاق الجغرافي للقوائم من دون المساس بالنسب الممثلة لها في البرلمان.&
&
وأكد الدكتور السنوسي أنه في حال رفضت المحكمة الدستورية الطعون الأربعة المقدمة لها ببطلان قوانين الانتخابات، فلن يجوز الطعن على مجلس النواب بعد انعقاده للأسباب السابقة نفسها، لأن أحكام المحكمة الدستورية نهائية ولا يجوز الطعن بها.
لافتا إلى أن المحكمة الدستورية في معظم الأحوال تأخذ برأي هيئة مفوضي الدستورية، على اعتبار أن الهيئة فرزت قانون الانتخابات &للتأكد من مدى مطابقته للدستور، وبناء عليه أصدرت تقريرها.
&
مصير غامض
من جانبه قال رجب عبد المنعم، أستاذ القانون الدستوري جامعة أسيوط، ﻟ "إيلاف": "إن مصير البرلمان غامض في ظل صعوبة توقع الحكم المنتظر من المحكمة الدستورية بشأن الطعون الأربعة المنظورة أمامها حاليا، حيث إن تقرير هيئة المفوضين غير ملزم للمحكمة الدستورية وهو استشاري فقط، وقد ترى المحكمة الظروف السياسية التي تمر بها البلاد والحاجة الشديدة لوجود البرلمان في الوقت الحالي".
&
وأشار الخبير الدستوري إلى أن هناك عدة طعون أمام المحكمة الدستورية، ولكن قبول بعضها لن يؤثر في سيرالعملية الانتخابية، مثل المادة &السادسة من قانون مجلس النواب بسبب تضمنها تمييزا غير مبرر للمرأة على حساب الرجل، كذلك المادة الـ25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي تجعل الحد الأقصى للدعاية الانتخابية للمرشح الفردي نصف مليون، ويتضاعف الرقم بالنسبة للقائمة، لافتاً إلى أن هناك مواد أخرى مطعونا بها وفي حال قبولها والحكم بعدم دستوريتها، ستؤثر&في العملية الانتخابية برمتها، وتعاد الانتخابات من نقطة الصفر،مثل الطعن الخاص بقانون تقسيم الدوائر وقانون مجلس النواب، في ما يتعلق بالنسب بين الفردي والقوائم.
&