تونس: تجمع السبت المئات في وسط باريس تضامنا مع تونس بعد الهجوم على متحف باردو. وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا في ساحة الجمهورية التي سبق ان شهدت تجمعات تكريما لضحايا الاعتداء على اسبوعية شارلي ايبدو "ارحلوا ايها الارهابيون، تونس حرة".
وقالت اسيا شويخة متحدثة باسم التجمع الذي نظم التحرك "على التونسيين الا يشعروا بانهم وحدهم. الارهابيون ارادوا تدمير ديموقراطيتنا الناشئة. اليوم اكثر من اي وقت علينا ان نكون موحدين ومتضامنين".
وأعلنت تونس السبت تقدم التحقيق القضائي في الهجوم الدامي الاربعاء على متحف "باردو" الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف وأسفر عن مقتل 20 سائحا أجنبيا وعنصر أمن تونسي، ولكن من دون ان تكشف اي تفاصيل. وقال سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية المختصة في القضايا المتعلقة بالارهاب لفرانس برس "الملف تعهده قاضي التحقيق، هناك تطورات لكننا نفضل عدم إعطاء تفاصيل لسرية ونجاعة التحقيق".
وصرح محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية لفرانس برس ان الشرطة "أوقفت أكثر من عشرة أشخاص، بينهم من هو على صلة مباشرة بالعملية الارهابية أو من قدم دعما لوجستيا للارهابيين". ورفض الناطق الرسمي كشف هوية الموقوفين. كما رفض توضيح ما إذا كان من بينهم التسعة الذين اعلنت السلطات توقيفهم الخميس.
والأربعاء، أطلق مسلحان تونسيان النار من رشاشي كلاشنيكوف على سياح عند نزولهم من حافلتين أمام متحف باردو ثم طارداهم داخل المتحف. وقتلت الشرطة خلال اقتحامها المتحف، منفذي الهجوم جابر الخشناوي وياسين العبيدي، اللذين قالت السلطات انهما شابان تونسيان تدربا على حمل السلاح في ليبيا المجاورة الغارقة في الفوضى. وهذه أكبر حصيلة لقتلى غربيين يسفر عنها هجوم لتنظيم الدولة الاسلامية منذ ظهوره. وهي المرة الاولى التي يتم فيها استهداف أجانب في تونس منذ أن أطاحت الثورة في مطلع 2011 بنظام الرئيس الديكتاتوري زين العابدين بن علي.
كما ان هذا اول هجوم يستهدف سياحا اجانب في تونس منذ 13 عاما. وفي 11 نيسان/ابريل 2002 قتل 14 سائحا ألمانيا وسائحان فرنسيان وخمسة تونسيين عندما هاجم انتحاري تونسي بشاحنة محملة بالغاز كنيس الغريبة اليهودي في جزيرة جربة (جنوب شرق). ونفذ تونسي مقيم بفرنسا الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة.
وألحق الهجوم أضرارا كبيرة بقطاع السياحة أحد أعمدة الاقتصاد في تونس. ويقع متحف باردو على بعد امتار من مقر "مجلس نواب الشعب" (البرلمان) الذي منحه الدستور التونسي الجديد صلاحيات واسعة مقارنة بالحكومة ورئاسة الجمهورية. ويفترض ان يكون البرلمان تحت حراسة امنية مشددة.
ولفت تيري، وهو سائح فرنسي عاد السبت الى مرسيليا، وكان زار متحف باردو الاربعاء قبل تعرضه للهجوم، الى غياب الاجراءات الامنية حول المتحف. وقال السائح "كان هناك فقط رجل (أمن) يحمل سلاحًا رشاشًا عند مدخل موقف السيارات" في المتحف. والخميس، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد "تمت العملية (الهجوم) لأنه طبعا صارت بعض الاخلالات (...) في كامل المنظومة الامنية بكل مراحلها" بدءا من "حماية المتحف" وحتى "حماية كل تنقلات السياح من الباخرة (السياحية) وحتى مكان الحادث".
وذكر أن السلطات اتخذت "عدة اجراءات سريعة، الاجراء الاول هو القيام بعملية بحث معمق لتحديد المسؤوليات" في "الاخلالات" الامنية المذكورة. وقال عبد الفتاح مورو النائب الاول لرئيس البرلمان لوكالة فرانس برس "علمت ان اربعة فقط من عناصر الشرطة كانوا مكلفين بتوفير الامن (الاربعاء) حول البرلمان، اثنان منهما كانا في المقهى والثالث كان يأكل وجبة خفيفة والرابع لم يأت".
والسبت، قال مصدر أمني وأحد اقارب جابر الخشناوي لمراسل فرانس برس ان السلطات افرجت عن والده وشقيقيه واخته الذين تم توقيفهم ليلة الاربعاء-الخميس. ورفض الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التعليق على هذا الخبر.
والجمعة، اعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في خطاب بمناسبة الذكرى الـ59 لاستقلال تونس أن بلاده في "حرب مع الارهاب" الذي يمثله التيار الجهادي الذي برز فجأة بعد الاطاحة ببن علي. وقال قائد السبسي "أول رهان (اليوم في تونس) هو (بسط) الأمن، وكسب المعركة ضد الارهاب".
ويقاتل ما بين ألفين وثلاثة آلاف تونسي مع تنظيمات متطرفة مثل "الدولة الاسلامية" في ليبيا وسوريا والعراق، بحسب السلطات التونسية التي اعلنت عودة 500 من هؤلاء الى تونس. وأعلنت الوزارة مطلع 2015 أن اجهزة الامن منعت في عام واحد نحو 10 آلاف تونسي من السفر الى الخارج للالتحاق بتنظيمات جهادية.
وبعد الاطاحة بحكم بن علي وسقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، تدفقت كميات كبيرة من الاسلحة المهربة من ليبيا الى تونس، كما تلقى جهاديون تونسيون تدريبات على حمل السلاح في معسكرات بليبيا، وفق السلطات التونسية.
وأقر الرئيس التونسي في خطابه الجمعة بان بلاده لا تملك معدات عسكرية ضرورية كالمروحيات القتالية لتعقب مسلحين متحصنين في جبال على الحدود مع الجزائر. كما أقر بأن حدود بلاده مع ليبيا المجاورة الغارقة في الفوضى "غير محروسة كما ينبغي".
وقال في هذا السياق "حدودنا مع ليبيا غير محروسة كما ينبغي (...) وهناك أجهزة لا نملكها، لذلك عششوا في الجبال" في اشارة الى "كتيبة عقبة بن نافع" المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، والمتحصنة منذ نهاية 2012 في جبل الشعانبي (اعلى قمة في تونس) على الحدود مع الجزائر. ومنذ الاطاحة ببن علي، قتلت "الكتيبة" عشرات من عناصر الجيش والأمن في هجمات وكمائن.
والخميس، اعلن الحبيب الصيد ان بلاده قد تلجأ الى استعارة معدات عسكرية من بلدان أخرى لتعقب المسلحين في الجبال، في انتظار تسلمها مروحيات قتالية أميركية أبرمت صفقة في شانها مع الولايات المتحدة.
التعليقات