قالت بريطانيا إن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط إنما تؤكد أهمية تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وحول الأزمة السورية، أعلنت أنه ليس هناك حل عسكري، ويظل السبيل الوحيد لإحلال سلام مستدام هو عملية انتقال سياسية.
نصر المجالي: عرض السفير مارك ليال غرانت، رئيس بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، موقف بلاده خلال النقاش المفتوح في مجلس الأمن ومجمل الوضع في الشرق الأوسط خصوصًا التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والانتقال السياسي في سوريا.
ونوّه غرانت إلى أن الشهر الماضي كان بداية السنة الخامسة للصراع السوري. وقد عمد الأسد طوال السنوات الأربع الماضية إلى قمع وتدمير حياة وقتل شعبه. لقد دمر البلد الذي عليه أن يحميه، وباتت سوريا الآن مجرد هيكل لما كانت عليه من قبل. وما برح الوضع يزداد سوءًا.
وأضاف: كما يقلقنا مصير اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك، حيث مازال القتال الكثيف مستمرًا بين الجماعات المسلحة، بما فيها داعش وجبهة النصرة. ويعيش آلاف المدنيين، من بينهم الكثير من الأطفال، تحت حصار يفرضه نظام الأسد منذ عامين تقريبًا وبالكاد تصلهم مساعدات إنسانية.
معاناة اليرموك
وأشار السفير البريطاني إلى أن معاناة سكان اليرموك تعكس واقعًا مأساويًا لنحو 440,000 سوري تحت الحصار حاليًا من الأسد وداعش، ولا تصلهم مساعدات إنسانية.
وقال ان هذا يشمل 230,000 شخص تقريبًا يحاصرهم داعش في دير الزور. إنهم يواجهون نقصًا حادًا بالمواد الغذائية والسلع الأساسية، كما انقطعت عنهم الكهرباء والماء، وقلقهم بشأن الصحة العامة متنامٍ. إننا ندعو كافة الجماعات لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، والسماح بمرور وإجلاء المدنيين بأمان.
تسوية سلمية
ونبه غرانت إلى أن الحاجة للتوصل لتسوية سلمية في سوريا لم تكن يومًا عاجلة أكثر مما هي عليه اليوم. وخسارة النظام مؤخرًا لمدينة إدلب تبين بأن لا يمكن لأي من الطرفين الفوز في ميدان المعركة. وقال انه ليس هناك حل عسكري، بل يظل السبيل الوحيد لإحلال سلام مستدام هو عملية انتقال سياسية بالاتفاق المشترك بين الأطراف السوريين، وبدعم من المجتمع الدولي.
وأكد غرانت أن المملكة المتحدة مستمرة بدعمها للممثل الخاص للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في جهوده الرامية لتحقيق ذلك، ونتطلع إلى الاستماع لتقريره لاحقًا هذا الأسبوع. كما أكد "إننا مازلنا واضحين في قولنا بأن الأسد لا يمكن أن يكون له دور في مستقبل سوريا. كما يجب ألا يضعف التزامنا الإنساني تجاه سوريا".
شكر للكويت
وفي كلمته أمام مجلس الأمن، توجه السفير البريطاني الأممي بالشكر إلى الكويت لما أبدته من قيادة باستضافتها لمؤتمر المانحين الثالث للمساعدات الإنسانية.
وأشار إلى أن التعهدات التي بلغت 3.6 مليارات دولار سوف تساعد كثيراً بتلبية الاحتياجات المالية التي حددتها الأمم المتحدة لعام 2015. وقال إن المملكة المتحدة رصدت حتى الآن ما يربو على 1.2 مليار دولار استجابة للأزمة السورية. لكن مازال يتعين عمل المزيد.
وحث السفير البريطاني جميع الدول على تسديد المبالغ التي تعهدت بها فورًا. كما نحث وكالات الأمم المتحدة الإنسانية وشركاءها على تعزيز إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، بما في ذلك عبر الحدود.
المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية
وعلى صعيد عملية السلام في الشرق الأوسط، قال غرانت: نعلم جميعنا بأن السبيل الوحيد لتسوية هذا الصراع القديم الممتد منذ ستين عامًا هو التوصل لحل الدولتين عبر المفاوضات.
وأضاف: وعلينا تجديد الجهود الدولية لدعم إحراز تقدم تجاه البدء بمفاوضات جادة للتوصل لاتفاق، كما أن على الطرفين نفسيهما أيضاً استئناف المفاوضات للتوصل لوقف إطلاق نار مستدام في غزة ومعالجة مسببات الصراع. وعلى الفلسطينيين اتخاذ خطوات ملموسة لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، بدءًا بالمعابر.
كما أن على إسرائيل مساندة غزة بالصادرات والطاقة والماء. وعلى مصر أيضًا استئناف دورها كوسيط وإبداء مرونة بفتح معبر رفح. ويجب على المانحين تنفيذ ما تعهدوا به بأسرع وقت ممكن.
تسوية الصراع
وأكد السفير غرانت أن الاضطرابات التي نشهدها في المنطقة إنما تؤكد أهمية تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى الطرفين التفكير جديًا في سبل العمل مع بعضهما لتحسين الواقع على الأرض.
وقال إنه من الواضح وجود ضرورة لتقديم تنازلات من كلا الطرفين، حيث على إسرائيل وقف خطواتها ببناء المستوطنات غير القانونية، وهي خطوات غير ضرورية نهائيًا يبدو وأن الهدف منها هو تقويض حل الدولتين. بل عليها عوضًا عن ذلك تسهيل الأحوال الاقتصادية على الأرض وإزالة العوائق أمام التنمية الفلسطينية.
وتابع السفير البريطاني: وعلاوة على ذلك، بينما يسعى الفلسطينيون إلى الطرق الدولية القانونية المؤدية إلى قيام الدولة، عليهم إدراك أن ليس هناك بديل للمفاوضات مع إسرائيل. وقال إن المملكة المتحدة ترى ميزة تبني هذا المجلس لقرار واضح يحدد معايير التوصل لحل سلمي عبر التفاوض، لكن ذلك يتطلب إجراء مشاورات مناسبة لحشد الدعم التام من المجلس.
وختم السفير غرانت كلمته بالقول: وحيث أن هذه آخر جلسة نقاش مفتوح أحضرها حول الشرق الأوسط، يسرني توجيه الشكر لأعضاء المجلس السابقين والحاليين لما بذلوه من جهود في هذه المسائل طوال السنوات الخمس الماضية. لكن من المؤسف جدًا عدم تحقيق تقدم أكبر بشأن سوريا وعملية السلام في الشرق الأوسط خلال هذه الفترة. إن هناك حاجة لوحدة أكبر حول الأهداف وإرادة أكبر من الأعضاء لوضع مصالحهم الضيقة جانبًا في سعينا لإحراز تقدم في هذه المسائل المزمنة مستقبلاً.
التعليقات