لوزان: دعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الدول الكبرى الاربعاء الى "اقتناص الفرصة" لابرام اتفاق يمكن ان يكون تاريخيا للحد من انشطة البرنامج النووي الايراني. وقال ظريف عقب اجتماع على انفراد مع نظيره الاميركي جون كيري "ايران اظهرت استعدادها للحوار بكرامة، وحان الوقت لشركائنا في التفاوض لاقتناص هذه الفرصة التي قد لا تتكرر".
جاءت تصريحات ظريف مع استمرار المحادثات الماراثونية المرهقة في اليوم السابع من المفاوضات التي تجري في فندق فخم في مدينة لوزان السويسرية. وتريد الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا من ايران خفض برنامجها النووي. وقال ظريف "نحن نتفاوض مع ست دول لها مصالح مختلفة ومواقف مختلفة وعلاقات مختلفة مع الجمهورية الاسلامية. وفي بعض الاحيان تكون لهذه الدول وجهات نظر مختلفة".
وتنفي ايران سعيها إلى امتلاك قنبلة نووية، ويعمل مفاوضوها بموجب اوامر مشددة من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي برفض اي خفض لبرنامج طهران النووي من دون تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها. وقال ظريف ان بلاده تريد "تفاهما مع العالم، ولكنها لن تقبل بالاذعان للقوة، ولن تقبل بالمطالب المبالغ فيها".
وترفض الدول الكبرى الرفع الفوري لجميع العقوبات عن ايران لكي تتمكن من فرضها بسرعة مجددا في حال انتهكت ايران الاتفاق. وتنتشر مخاوف من ان الفشل في التوصل الى اتفاق قد يضع الولايات المتحدة واسرائيل على طريق اللجوء الى حل عسكري لاحباط مساعي ايران النووية.
وقال ظريف "يجب على اصدقائنا ان يقرروا ما اذا كانوا يرغبون ان يكونوا مع ايران بناء على الاحترام، ام انهم يرغبون في الاستمرار على اساس الضغط". واضاف "جربوا احد الخيارين، وحان الوقت ليجربوا الخيار الثاني".
هذا وحققت المفاوضات بين القوى الكبرى وايران الاربعاء تقدما، لكن بدون اختراق، حيث تتواصل في لوزان بسويسرا بدون تحديد مهلة نهائية جديدة للتوصل الى تسوية، ويمكن بالتالي ان تستمر ليوم او يومين كما قال دبلوماسيون.
واكد البيت الابيض من جهته ان المحادثات "مثمرة" وتحقق تقدما. وقال دبلوماسيون في لوزان انه بعد اسبوع من المحادثات "الصعبة جدا والمعقدة جدا" والتي تتواصل رغم تفويت المهلة المحددة لها، والتي انتهت في 31 اذار/مارس، بدأ يظهر شعور بالسأم لدى بعض المفاوضين.
ولا تزال المفاوضات تتعثر حول النقاط نفسها، رغم احراز بعض التقدم، بحسب ما قال دبلوماسيون غربيون وايرانيون. وهاتان النقطتان هما: العقوبات والابحاث والتطوير التي تتيح لايران تطوير اجهزة طرد مركزي عالية الاداء.
وتتيح اجهزة الطرد المركزي تخصيب اليورانيوم وهذه المسالة في صلب المشكلة، لانه اذا خصب بنسبة 90% يمكن ان يستخدم في صنع اسلحة ذرية. وتشتبه المجموعة الدولية في ان ايران تريد امتلاك السلاح الذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الاسلامية بشدة. وتريد القوى الكبرى بالتالي كبح البرنامج النووي الايراني ومراقبته بشكل وثيق للتاكد من ان ايران لن تمتلك ابدا القنبلة الذرية مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الايراني.
ومسالة رفع عقوبات الامم المتحدة لا تزال تشكل نقطة خلاف كبيرة. فايران تريد ان يتم الغاؤها فور توقيع الاتفاق، الا ان القوى الكبرى تفضل رفعا تدريجيا للعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يفرضها مجلس الامن الدولي منذ 2006. وتخضع ايران لعقوبات مشددة اميركية واوروبية وتلك التي فرضتها الامم المتحدة. وقال دبلوماسي من مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) "يريدون ان يعرفوا تحديدا كيف ستعلق او تلغى وباي ترتيب".
ويجري ايضا بحث رفع العقوبات-تدريجيا او فورا- والطريقة التي سيعاد فيها فرضها في حال انتهكت ايران تعهداتها، ضمن مجموعة 5+1 حيث يعارض الروس والصينيون عادة العقوبات، وابدوا استعدادا لتخفيفها بشكل اسرع من الاخرين (الولايات المتحدة وفرنسا). واكد المصدر نفسه ان "هذا الامر لا يؤثر على دينامية المفاوضات وتضامن مجموعة القوى الكبرى".
لكن بعض التباين ظهر ضمن اعضاء مجموعة 5+1 ليل الثلاثاء الاربعاء بعد تعليق الجلسة العامة بين القوى الكبرى وايران. فقد عبرت بعض الوفود عن تفاؤل شديد بامكانية التوصل الى اتفاق، فيما نفى اخرون ذلك، واشاروا الى نقاط تعثر مستمرة. والاربعاء كان وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري وبريطانيا فيليب هاموند والمانيا فرانك فالتر شتاينماير ونظيرهم الايراني محمد جواد ظريف لا يزالون في لوزان.
اما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فقد غادر بدون الادلاء باي تصريح، ويمكن ان يعود الى سويسرا، في حال اقترب المفاوضون من اتفاق، كما قالت مصادر مقربة منه.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست "احساسنا هو ان المحادثات لا تزال مثمرة، وانها لا تزال تحرز تقدما". واضاف "طالما اننا في وضع نعقد فيه محادثات جدية تحرز تقدما.. فان الولايات المتحدة لن تنهيها بشكل اعتباطي او مفاجئ". وتابع "ولكن اذا اصبحنا في موقف نشعر فيه ان المحادثات تعثرت، وقتها نعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مستعدون للخروج" من المفاوضات.
وفي برلين عبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عن تفاؤل ايضا قائلة "اعتقد انه تم قطع قسم كبير من الطريق". واضافت "لقد انجز عمل كثير منذ سنوات عديدة من قبل كل الاطراف الحاضرة، وآمل في ان نصل اليوم الى تسوية تتوافق مع الشروط التي حددناها اي عدم تمكن ايران من امتلاك السلاح النووي". وهذا الغموض حول نتيجة المفاوضات دفع برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، المعارض بشدة لاي تسوية مع ايران، الى التعبير عن رايه هذا لليوم الرابع على التوالي.
وقال نتانياهو "التنازلات المقدمة الى ايران في لوزان تضمن اتفاقا سيئا سيعرض اسرائيل والشرق الاوسط والسلام في العالم الى الخطر". واضاف "الان حان الوقت لان يصر المجتمع الدولي على اتفاق افضل". وفي وقت سابق صرح& كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي ان "مشكلات" لا تزال تعترض المحادثات حول ملف طهران النووي مؤكدا ان لا اتفاق بدون "اطار لرفع جميع العقوبات" المفروضة على طهران.
قال عراقجي في مقابلة مباشرة اجراها معه التلفزيون الروسي من لوزان "لا يمكن التوصل الى اتفاق شامل طالما اننا لم نجد حلا لجميع المشكلات"، مشيرا تحديدا الى العقوبات ومسالة البحث وتطوير اجهزة طرد مركزي كالعقبتين الاساسيتين في وجه المفاوضات. من جهتها دعت الصين الاربعاء الدول الكبرى الست وايران الى "تقريب مواقفها للتوصل الى اتفاق" حول الملف النووي الايراني و"اعطاء دفع سياسي اقوى" للمفاوضات، وفق بيان وزعه الوفد الصيني في لوزان الاربعاء.
من جهته افاد دبلوماسي الماني ان محادثات لوزان تعثرت خلال الليل عند مسائل مهمة عدة. وقال ان "المحادثات تعثرت الليل الماضي عند مسائل مهمة عدة، وعمل الخبراء الفنيون طوال الليل، ويقوم الوزراء الان باستعراض الوضع"، معتبرا انه من الممكن التوصل الى اتفاق "بوجود حسن النية".
واكتفى الاميركيون بالقول انه "لم تتم تسوية جميع المسائل الجوهرية بعد"، غير ان البيت الابيض اعرب الثلاثاء عن نفاد صبره، مذكرا بان الخيار العسكري لا يزال مطروحا". والهدف من الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه هو التثبت من عدم سعي ايران لحيازة القنبلة الذرية، لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها.
وانتهت المهلة المحددة للتوصل الى تسوية في المفاوضات حول الملف النووي الايراني في منتصف ليل الثلاثاء، غير ان وفودا عدة، ولا سيما الوفد الاميركي، كانت اكدت مساء الثلاثاء تحقيق ما يكفي من التقدم لمواصلة المفاوضات الاربعاء سعيا الى تسوية المشكلات الاخيرة. وكان المفاوضون حددوا مهلة 31 اذار/مارس للتوصل الى تسوية تاريخية في هذا الملف الذي يقع في صلب ازمة دولية مستمرة منذ 12 عاما.
وتشكل هذه التسوية التي لم يعرف بعد شكلها (اعلان سياسي او وثيقة تنشر اجزاء منها او شكل اخر) مرحلة اساسية على طريق اتفاق نهائي يتضمن كل التفاصيل والملاحق التقنية وحددت مهلة للتوصل اليه اقصاها الثلاثين من حزيران/يونيو. غير ان المفاوضات تتعثر منذ اشهر عند نقاط اساسية، وفي طليعتها مدة الاتفاق، اذ تطالب الدول الكبرى بتحديد اطار صارم لمراقبة النشاطات النووية الايرانية، وخصوصا في مجال البحث والتطوير، لمدة لا تقل عن 15 عاما، غير ان ايران ترفض الالتزام باكثر من عشر سنوات.
التعليقات