حذر مركز الأبحاث الأوربي المشترك GFS من مخاطر المزيد من الفيضانات الكارثية التي ستحل بمناطق العالم، وخصوصاً على المناطق الساحلية الشرقية من أفريقيا. ودعا العلماء حينها إلى تشكيل مركز إنذار مبكر لتحذير السكان من الفيضانات القادمة، وهو ما حققه علماء جامعة ايرلانغن الألمانية بواسطة سوفت وير.
ماجد الخطيب: صمم العلماء الألمان من جامعة ايرلانغن سوفت وير للانذار المبكر من الفيضانات ويفترض أن يبدأ العمل به في ألمانيا في الحال.
وإذ فشلت دائرة الأنواء الجوية في التنبؤ بفيضان سكسونيا في شهر ابريل/نيسان الماضي، نجح السوفت وير الجديد في التحذير من فيضان شمال بافاريا الذي احدثته العواصف المطرية في شهر مايو/آيار من العام الجاري.
وتكشف هذه الحقيقة ان الأنواء الجوية لا تنجح دوماً في التنبؤ بالعواصف المطرية المباغتة، كما انها قد تكشف عن العواصف المطرية مبكراً، لكنها لاتتنبأ بحصول فيضان بسببها. ولهذا السبب يمكن للسوفت وير أن يصبح مكملاً لعمل الأنواء الجوية.
صمم العلماء السوفت وير بالتعاون مع جامعة نورمبرغ القريبة، وتولت شركة "جي بي آي" المتخصصة في البناء إنتاجه تجارياً.
ويقولون ان البرنامج يكشف موجات الفيضانات قبل وقوعها، كما يعطي ارشادات حول أفضل طرق مكافحته أو وقفه أو تسريب مياهه إلى أقرب الجداول والبحيرات والمستودعات المائية.
وقد يقترح البرنامج، حسب جغرافية منطقة الفيضان، شق ترع ما أو أقنية لتسريب مياه الفيضان، أو تحديد أفضل المناطق لبناء السدود وتغيير اتجاهات مجاري المياه الفائضة.
ويمكن تصميم السوفت وير لكل منطقة من مناطق العالم بشكل مخصوص بعد أن يجري فيه تحميل كافة المعلومات الجغرافية وتضاريس المنطقة، ومواقع الجبال والسهول والأنهر، والغابات وطبيعة التربة. ناهيكم عن تحميله بخريطة توزيع المياه الجوفية والبحيرات القريبة، والبيانات الكاملة حول المناخ وتغيراته بين فصول السنة الأربعة.
فضلاً عن ذلك يقيس السوفت وير طاقة شبكة مياه الصرف وحجم أنابيبها ومقارنتها بكميات المياه التي سيقذف بها الفيضان، كما يستطيع تقييم حالة الاستعداد المتخذة من قبل السلطات المحلية لمواجهة الفيضان ويخبر عن إمكانيتها على وقف الفيضان المقبل أو عن اخفاقها.
توظيفه في البناء أيضاً
ويقول راينهارد برودريشت، من شركة "جي بي آي"، ان بوسع السوفت وير إطلاق أجراس الحذر من الفيضانات في أية منطقة إذا توفرت فيه البينات المناسبة حول جغرافية المكان وحالة الطقس. ويقوم البرنامج بالكشف مسبقاً عن مسارات المياه الجارفة في المدينة إذا توفت معطيات عن عاصفة مطرية قوية قادمة.
يتمكن البرنامج من التنبؤ بالفيضانات والعواصف المطرية قبل وقت مناسب عندما يحصل ذلك في مدن أخرى.
ويعتمد السوفت وير هنا على نظام "ليدار" في عمله، لأن ليدار عبارة عن شبكة من الرادارات المتخصصة في الكشف والتبليغ عن العواصف المطرية بين المدن.
قررت مدينة فايدن، في ولاية راينلاند بفالز اللمانية، بناء منطقة تجارية في ضواحي المدينة، لكنها لم ترد المباشرة في البناء قبل الكشف عن مخاطر الفيضانات في المنطقة.
واستخدم العلماء هنا سوفت وير الكشف المبكر عن الفيضانات للكشف عن مثل هذه المخاطر، ونجحوا في وضع خريطة أقنية وسدود واجراءات احترازية أخرى تضمن عدم تضرر الشركات هناك بالفيضانات عند استقرارها في المنطقة التجارية المأمولة.
عمل العلماء على محاكاة حصول العواصف المطرية المسببة للفيضانات على الكومبيوتر باستخدام السوفت وير، ونجحوا، مع كل تغيير في المناطق الجغرافية المحاكاة، في الكشف المبكر عن إمكانية حصول الفيضانات المفاجئة.
وذكر ديفد بيرترمان، من المركز الجغرافي في بافاريا، وهو أحد المشاركين في تصميم المشرع، ان دقة السوفت وير عند المحاكاة، بلغت حد تحذير منازل معينة أو أبنية معينة كانت ستتعرض لخطر الفيضانات أكثر من غيرها.
مركز للانذار المبكر من الفيضانات في أفريقيا
اقترح العلماء الأوربيون، من "نظام الإنذار الأوربي من الفيضانات EFFES" في اسبرا/إيطاليا، الاستفادة من سوفت وير ايرلانغن لبناء مركز أفريقي للانذار المبكر من الفيضانات على غرار المركز الأوربي. وجاء في المقترح المرفوع إلى المفوضية الأوربية أن المجاعات والجفاف في أفريقيا ستترك محلها لأمطار وفيضانات "كارثية" في المستقبل.
وكتب البروفيسور الان بيلوارد، من مركز الأبحاث الأوربي المشترك، ان فيضانات كالتي جرت في أفرقيا في العام الماضي، ستتكرر خلال السنة القادمة أو خلال السنوات الثلاث القادمة.
ويقوم بيلوار وفريق عمله بمتابعة وتحليل التغيرات المناخية، والتقلبات التي تطرأ على مناسيب المياه، والتغيرات الحاصلة على المياه الجوفية وعلى الأشجار، في أفريقيا، منذ العام 2000.
تهدد الأمطار والفياضانات، التي تعتبر الأسوأ من نوعها خلال الثلاثين سنة حياة ووجود ملايين الناس في الصومال والسنغال وغيرهما.
وأغرقت المياه مئات الآلاف من البيوت ومعظم المحاصيل المزروعة، وبشكل يهدد بإصابة 200 مليون إنسان بالجوع والأمراض. وهذا ليس كل شيء لأن مياه الفيضانات المفاجئة فتكت أيضاً بالطيور والماشية في منطقة شاسعة تمتد بين موريتانيا و بوركينا فازو وبنين ونيجيريا.
وكتب بيلوارد ان حجم الكارثة لا يمكن تقديرها هناك إلا بعد أسابيع من حصولها، ولهذا فلا بد من نظام مبكر للتحذير منها، وحذر أيضاً من انتشار الأمراض، وخصوصاً الكوليرا والملاريا، والمجاعة الناجمة عن موت الماشية. وحذر الباحث بشكل خاص، في التقرير المؤلف من 15 صفحة، من انتشار الملاريا التي تقتل 800 ألف انسان في أفريقيا سنوياً.
ويقدر مركز الأبحاث المشترك ان تشمل الفيضانات القادمة مناطق من السودان والنيجر حيث قد تنتشر الأمراض الوبائية بشكل انفجاري.
كما يتوقع الباحثون أن ترتفع نسبة الإصابة بالملاريا والكوليرا في القرن الأفريقي خلال السنوات القادمة بفعل الفيضانات.
وهناك خطر آخر قد تجلبه الفيضانات معها وهو النمو الهائل للأشنات السامة من نوع "الأخضر الأزرق"، وهي اشنات تساعد على نمو البكتيريا المرضية وانتقالها إلى مياه الشرب.
البيت المقاوم للتسونامي
يعرف عن هولندا، أو الأراضي المنخفضة، انها تقوم على شبكة من الأقنية والأنهر، خصوصاً مدينة امستردام، وهو مايجعلها عرضة لغرق جزئي محتمل عند أي ارتفاع في مياه البحر. ولذا فان الهولنديين معنيون أكثر من غيرهم ببناء أساسات البيوت التي تصمد أمام المياه الفيضانات.
يبيع صنّاع الموبيليا في اسطنبول مناضد حديدية يقولون انها تحمي الإنسان 100% عند سقوط الجدران عليه بسبب الزلزال.
ومعروف ان مدينة اسطنبول تصنف ضمن مدن العالم المكتظة المهددة بالزلزال منذ عقود. ورد المعماريون الهولنديون عليهم من خلال تصميم شركة "أف دي أن" الهولندية لأول بيت من نوعه يفترض أن يحمي من الفيضانات ويصمد أمام أي تسونامي، وأطلقت عليه اسم البيت المضاد للتسونامي.
وتقول مصادر الشركة ان البيت مصمم للبيع في المناطق المهددة بالتسونامي، وخصوصاً في جنوب شرق آسيا. فهو مبني من سمنت خاص يصمد أمام المياه، ومن جدران ونوافذ محكمة لاتسرب الماء ولاتنكسر بسهولة أمام ضغط العصف والماء.
تكون أساسات البيت من الكونكريت المضاد للماء، وصنعت اسطوانية كي تقلل ضغط الماء عليها، وزود المهندسون السطح بخلايا السولار لتزويد البيت بالكهرباء اللازمة عند انقطاع التيار بسبب التسونامي.
تتخصص شركة "أف دي أن" ببناء البيوت العائمة للهولنديين، وعرضت تصاميم لمدن تحتوي على مستشفى عائم ومديرية اطفاء عائمة ومحطة كهرباء عائمة، ويفترض أن تكون هذه الأبنية العائمة مخصصة لمكافحة كوارث الفيضانات عند غرق كافة المنشآت الاخرى.
وتبدو أسعار بيوت التسونامي مناسبة لسكان شرق آىسيا لأن البيت من مساحة 50 متراً مربعاً يكلف، مع النقل، مبلغ 24 ألف دولار اميركي. وتم ترشيح البيت المضاد للتسونامي لنيل جائزة European Business Award للعام الجاري.
التعليقات