وصلت الخلافات والاتهامات المتبادلة بين العرب والأكراد في سوريا إلى نقطة حرجة، إثر سلسلة الاعتداءات التي نفذها تنظيم "داعش" في كوباني الكردية، والتقارير التي تحدثت عن تطهير عرقي تعرض له السكان العرب في بلدة تل أبيض شمال سوريا، وحاول ناشطون من الطرفين الحد من التوتر.

&
بهية مارديني: تصاعدت في الأيام الأخيرة حدة الخلافات العربية - الكردية من جهة، وبين الأكراد أنفسهم من جهة أخرى على خلفية الأحداث الدامية التي وقعت في بلدات كردية شمال سوريا.
&
وحاول عدد من الناشطين والمثقفين السوريين المعارضين عربا وأكرادا الحد من التوتر المتصاعد بين الجانبين.
&
وشددوا في البيان الذي وقعه مئات السوريين على ضرورة الوحدة الوطنية الكردية - العربية في سوريا، وقال البيان " إنه مع ازدياد وتيرة التوحّش الإرهابي الأسدي - الداعشي على أبناء شعبنا السوري، بكل مكوّناته، حاصداً أرواح العشرات من المدنيين يوميّاً، ثمّة من يحاول التعمية على القتلة بضرب هذه المكوّنات بعضها ببعض وتسميم الأجواء والمناخات بين الكرد والعرب، عبر التراشق والتخوين المتبادل، غير المبرر والمقبول تحت أيّ ظرف كان".
&
ودعا البيان، الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، أبناء شعبنا السوري، وخاصة النخب الثقافيّة والسياسية، إلى "الابتعاد عن التورط في هذه الفتنة، وفضح الضالعين فيها والمروّجين لها، والعمل على تنقية الأجواء، والتشديد على نقاط التلاقي المشتركة، وتحييد العرب والكرد عن هذه الصراعات الغرائزية التي لن تعود بخير على أحد، مؤكدين أن ما يحصل "هو حالة طارئة لن تنال من عزيمة وإرادة شعبنا الكردي والعربي في المضي قدماً نحو سورية، ديمقراطيّة، تعدديّة، مدنيّة، لكل أبنائها، وبكل أبنائها".
&
وشدد "على أن كل قطرة دم أريقت في الثورة السورية، على أيدي أيٍ من الأطراف، وليس آخرها المجزرة الرهيبة التي ارتكبها إرهابيو تنظيم "داعش" في مدينة كوباني (عين العرب)، هي عزيزة على قلوبنا وخسارة للشعب والجسد السوري"، كما دان "نظام الطاغوت الأسدي، وكل من يواليه ويدعمه أو ينسّق معه، محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً".
&
ودان البيان ما أسماه "علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) بنظام الأسد"، وطالبه بفكّ ارتباطه معه، واستنكر بشدّة انتهاكات وجرائم وممارسات هذا الحزب بحق كل المختلفين معه في الموقف والرأي والسياسة من الكرد والعرب، ودان كل ما يُثبَت على ذارعه العسكرية "وحدات الحماية الشعبية" (YPG) من انتهاكات وجرائم بحق العرب في المنطقة، إذا توفّرت الأدلّة اليقينيّة الدامغة على ذلك.
&
اجتماعات في القامشلي
&
من جانبه، قال شلال كدو القيادي الكردي وعضو الائتلاف الوطني السوري المعارض في تصريح لـ"ايلاف " إن كل ما يتعرض له مدينة كوباني من "غزو بربري همجي من قبل قطعان تنظيم داعش الارهابي وا رتكابهم مجازر مروعة بحق المئات من السكان المدنين جرائم يندى لها جبين الانسانية جمعاء وتعبر عن مدى الحقد الدفين في صدور هؤلاء القتلة ومن يقفون خلفهم تجاه الكرد".
&
وأكد "ان هذه الحملات البربرية الدموية لاتستهدف حزب كردي بعينه او وحدات كردية وغير كردية بعينها وانما تستهدف اقتلاع هذا الشعب الاصيل من جذوره".
&
واعتبر أن "حجم التحديات يتطلب وحدة الصف الكردي دون تردد وذلك على اسس سليمة وواقعية وموضوعية من اجل الدفاع عن وجوده الراسخ في جذور التاريخ".
&
بيشمركة سورية كردية
&
وفي هذا السياق، كشف كدو لـ"ايلاف " "ان مدينة القامشلي تشهد اجتماعات شبه دائمة بين مكونات المجلس الوطني الكردي قبيل اجتماعه المرتقب هذا الاسبوع ".
&
وقال "يتعرض المجلس الوطني الكردي لضغط شديد من الناشطين ومن قبل الرأي العام الكردي لدفعه نحو تبني قوات البيشمركة الكردية السورية التي تلقت تدريبات تأهيلية في اقليم كردستان العراق، اضافة الى تبني رؤية سياسية واضحة وشفافة فضلا عن الدعوة لشراكة حقيقية بين حركة" تف دم " و المجلس الكردي ".
&
وأفاد أنه "من المنتظر ان يخرج الاجتماع بقررات حاسمة خاصة فيما يتعلق بالملفات الملحة الآنفة الذكر".
&
وشدد أن "الشارع الكردي في حالة غليان والحركة الكردية على المحك ولا بد من اتخاذ خطوات تنسجم مع الواقع الحالي الذي عنوانه الابرز اخلاء كردستان سوريا من سكانها الكرد وتغيير ديمغرافيتها من خلال عمليات التطهير العرقي والابادة الجماعية (جينوسايد). كما حصل في كردستان العراق ابان حقبة نظام صدام حسين المقبور".
&
لجنة تقصي الحقائق
&
الى ذلك، أنهت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الائتلاف الوطني السوري المعارض عملها وخلصت في تقريرها إلى وقوع تجاوزات عديدة من قوات "حماية الشعب الكردي" وهي الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي ضد السكان المدنيين العرب في منطقة تل أبيض.
&
وطالب الائتلاف في بيان تلقت "ايلاف" نسخة منه عدم قصف الأحياء السكنية واستهداف المدنيين وتحييدهم من مناطق القتال.
&
تجاوزات
&
وقالت اللجنة في تقريرها الأولي إن التجاوزات التي وقعت تنوعت بين إرسال رسائل تهديد عبر الاتصالات الهاتفية، أو عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
&
وأضافت اللجنة أنه قد تم في أماكن عديدة الاستيلاء على الآليات والمواشي والمحاصيل الزراعية، وسرقة المنازل، وكتابة عبارات عنصرية ضد العرب على الجدران.
&
وأوضحت أن غالبية عمليات النزوح الجماعي وقعت قبل دخول قوات الحماية إلى هذه القرى بسبب التهديدات التي كانت تصلهم، وبسبب الأخبار المروعة عن الانتهاكات المرتكبة قبل فترة وجيزة في ريف الحسكة.
&
&تهجير قسري
&
&وتحدثت عن عمليات تهجير قسرية لعدد من القرى العربية والتركمانية تحت وطأة السلاح، والقرى هي: العيساوية، وعبدي كوي، والثورة، وباب الهوى، والضبعة، والمنكلّي، ومدلج، وقره شرف.
&
ووصل الأمر في قرية زحلة جنوب مدينة تل أبيض، أن باتت فارغة من الرجال تماما، ولم يكن فيها سوى النساء والأطفال، حيث جرى تهجيرهم بواسطة قوة مسلحة مكونة من سبعة عشر مسلحاً وخمس سيارات بطريقة مذلّة حيث &أجبروهم على السير حفاة إلى أن وصلوا قرية بوز الخنزير المجاورة.
&
وكانت آخر عمليات التهجير القسري في قرى حمام التركمان حيث هجّر أهلها بشكل كامل، والناس تتحدث أنها خطة عند قوات الحماية لتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين، وإقامة دولة كردية على هذه الأراضي.
&
&رفض كردي&
&
ولفتت اللجنة إلى أنها طلبت من قوات الحماية السماح لها بدخول منطقة تل أبيض لمعاينة الواقع، وزيارة الأماكن التي تحدث عنها الشهود، والوقوف على حجم هذه الانتهاكات، لكن تكرر رفض هذا الطلب رغم انتظار اللجنة عند المعبر الحدودي عدة أيام، وهو ما عزز مخاوف النازحين وأدى لامتناعهم عن العودة إلى منازلهم رغم فتح المعبر، حيث دخل في اليوم الأول الاثنين الماضي ما يزيد عن ألفي نازح، لكن بعد انتشار خبر منع اللجنة من الدخول تناقص العدد بشكل كبير جداً في الأيام التالية.
&
وطالب الائتلاف الوطني السوري الأمم المتحدة بإرسال بعثة تحقيق دولية بشكل فوري لدخول مدينة تل أبيض والقرى المحيطة بها، والوقوف على حقيقة الانتهاكات التي ارتكبتها قوات "حماية الشعب"، كما طالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات والسماح للمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام بالتجول في منطقة تل أبيض لنقل الصورة للعالم ليقف على حجم المأساة والضرر الذي لحق بالمدنيين العزّل.
&
&وطالب "بالسماح بدخول قوافل المساعدات الإنسانية والطبية لتخفيف المعاناة التي تزداد يومياً في منطقة فقيرة جداً وتفتقر لأبسط مقومات الحياة".
&
وشدد الائتلاف على قوات التحالف الدولية تحييد المدنيين في مناطق الصراع، وعدم الوقوع في فخ البلاغات الكيدية الكاذبة عن وجود تجمعات للإرهابيين لقصفها فيما هي تجمعات للمدنيين.